وداعا قمر بني هاشم سيدي السيد بنعمرو شيعت جموع المسلمين بطيبة الطيبة بعد ظهر يوم الثاني من أيام العيد ١٤٣٥ هـ .
قمر من أقمار بني هاشم وعلم من أعلامها ووجيه من وجهائها وركن غالي من أركانها سيدي الشريف الحسيب سيدي بنعمرو رحمه الله تعالى، أحب المدينة وأهلها وأحبته اختارها من بين مدن الدنيا ليقضي فيها إجازته الروحية منذ ما يقارب الثلاثين عاما.
في أعظم شهر من شهور العام شهر الخيرات والفتوحات والانتصارات شهر رمضان المبارك وفي العشر الأواخر منه، ترك بلده وأهله ومن يحب في سبيل الله تعالى وأحب جوار الحبيب المصطفى ﷺ فاصطفاه مولاه ليكون بالقرب ممن أحب حسا ومعنى محيا ومماتا، وهذا لا يتيسر إلا لذوي المقامات العلية من أهل الصدق رحمه الله، فقد أحب المدينة وأهلها وصدق في حبه لها ولهم فكان على قدم جده ﷺ {المحيا محياكم والممات مماتكم }.
كان رحمه الله على خلق عال وصفاء سريرة ومحبة للفقراء وهم من كنت أشاهدهم حوله في طيبة الطيبة أبى سكنى القصور الفاخرة وأختار السكنى مع الفقراء ليكون بالقرب منهم يشعر بهم ويحس بآلامــهم ومعاناتهم، يحثهم على الخير ويجمعهم عليه يتفقد ويزور كبار السن والضعفاء من الفقراء من أهـــــل ود أبـــيــــه رضي الله عنه في دورهم يؤنسهم ويلاطفهم ويجبر خواطرهم بالكلمة الطيبة والدعاء الصالح. لا أنسى عيادته لي وأنا على سرير المرض فقد كانت بلسما لي وشفاء بعد فضل الله تعالى، ارتسمت على مُحيا وجه الأنوار الابتسامة حتى أصبحت جزء من هيئة وجه يلقى محبيه بالبشاشة، وحســـن الطوية، حبب لمن حوله وعاشره الطاعة وعلى رأسها المحافظة على صلاة الجماعة، وهي ما تحقق به قولا وفعلا حيث كانت آخر عهده بالدنيا حيث أدى فريضة الظهر جماعة وهي بشارة عظيمة، تدل على حسن الخاتمة، والأعمال بالخواتيم اللهم أحسن لنا الخاتمة بعد طول عمر وحسن عمل مع عافية الدارين، كانت له فراسة المؤمن الذي ينظر بنور الله وعرف ذلك كل من عاشره وشاوره. غالب وقته في طاعة مولاه بعيدا عن الفضول والغيبة وما شاكلها، عرف عنه الالتزام وتنظيم وقته يداعب أهل وده وخاصته ويؤنسهم ويباسطهم مع تنزيل كلا منهم منزلته، يجيب دعوات الفقراء ويأكل معهم على موائد متواضعة بعيدا عن الكلفة والتكلف رحمه الله وبورك حيا وميتا.
فقد ضرب أروع مثل في الجد والنشاط للطاعة بنزوله لصلاة الفجر والعيد مع جموع المسلمين للمسجد النبوي مبكرا منذ الساعة الثالثة فجرا مشيا على الأقدام في آخر يوم له من الدنيا رغم بعد المسافة شيئا ما، مع رفقة صالحة أحبهم وأحبوه حتى آخر نفس من الدنيا.
رحمك الله يا سيدي بنعمرو كأني بك وقد نلت جائزتك الكبرى بعد صلاة عيد الفطر المبارك، وعدت بها فرحا مستبشرا لتلقى وجه ربك راضيا مرضيا بعد أن أتممت الصيام والقيام مع جموع المسلمين في أحب البقاع لله ورسوله ﷺ.
لا أنسى رؤية وجهك الباسم بعد غسلك وتكفينك، وقد قبلتك بين عينيك وأنا أردد “طبت حيا وميتا” وأنا أقول لمن حولك من محبيك أنظروا كأنه حي.
رحمك الله يا سيدي السيد بنعمرو وأكرمك برفقة جدك المصطفىﷺ في أعلى عليين وأخلفك في أهلك وذريتك ومحبيك بخير.
أسأل الله أن يكرمنا بما أكرمك به بالموت في المدينة المنورة والدفن بالبقيع مع حسن خاتمة بعد طول عمر وحسن عمل مع عافية الدارين آمين.
إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك يا سيدي بنعمرو لمحزونون ولا نقول إلا ما يرضي الرب “إنا لله وإنا إليه راجعون”.
بقلم محبكم في الله تعالى
حمزة السيد المدني