أسباب انهدام العلاقات الزوجية
الخطبة الأولى:
*الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات و الصلاة و السلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد بن عبد الله سيد الكائنات.*و نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له * و نشهد أن سيدنا و نبينا و مولانا محمدا عبد الله و رسوله ومصطفاه من خلقه صلى الله عليه وسلم على آله و صحابته و على من حافظ على دينه و شريعته و استمسك بهديه و سنته إلى يوم الدين .
أما بعد، عباد الله، يقول الله تعالى:(وَمِنْ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمُ أَزْوَٰجًا لِّتَسْكُنُوٓاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَأَٰياتٍۢ لِّقَوْمٍۢ يَتَفَكَّرُونَ) ففي هذه الآية تنبيه لنا إلى أن من حكمة تشريع الزواج أن يقوم على أسس متينة و بناء رصين لا يتأتى بدون إعداد و تهييء تربوي بعيدا عن الأهواء و الشهوات و الغرائز المطلقة العنان، من أجل ضمان استمرار الحياة الزوجية و تكوين أسرة متوازنة يسودها الوُدّ و الوئام و العاطفة الرحيمة، لكن ـ للأسف ـ معاشر المسلمين تشهد المحاكم الآن اكتظاظا فظيعا للأزواج المتنازعين، وتراكما لملفات الطلاق، بحيث عجزت المحاكم عن حل هذه المعضلة الاجتماعية الشيء الذي ينذر بكارثة كبيرة بسبب التفكك العائلي وما ينتج عنه من أمراض نفسية.
أيها المومنون إن الطلاق لا يحدث عن طريق المصادفة بل لأسباب لا يلاحظها الزوجان، وعادة ما يكون اتخاذ قرار الطلاق ناجما عن عدة تراكمات لكن لتجاهل الزوجين التفاصيل المهمة التي تفسد صفوة حياتهما وتدفعهما لوضع حد لعلاقتهما.
إن أكبر خطأ يرتكبه الأزواج هو اعتبار استمرارية الزواج من المُسَلـَّمات في الزيجات الجديدة مع أن هذا الزواج تم بسرعة ، والملاحظ أن أهم أسباب الطلاق ترجع إلى أن الأزواج عاجزون عن رؤية علامات الزواج الفاشل فقط لأنهم من الأشخاص الذين لا يزالون يحبون شريكهم كثيرا لكن لو أمعنوا النظر في هذه الأسباب لتلافوها قبل فوات الأوان و منها:
1 ـ شعور كل منهما أو أحدهما بأنه أفضل و جيد جدا وأفضل مما يستحقه شريكه: فهذا قد يدفعه إلى عدم الرضا وإلى ارتكاب أخطاء يندم على فعلها في وقت لاحق.
2- ومنها الشعور بأنه مقيد و أن الزواج صار يعيقه عن تحقيق إمكاناته الحقيقية وأنه يمتلك قدرات مهمة ولا يفترض تقييدها، و بالتالي سيبحث عن أي فرصة سانحة للخروج من هذا الزواج.
3- ومنها عدم التواصل: فلا يعني التواصل تبادل الحديث فقط، بل محاولة فهم بعضنا البعض. فمعظم الأزواج يتحدثون لكنهم لا يتواصلون. وتشبه العلاقة دون تواصل قنبلة على وشك الانفجار وتشتيت ما حولها.
4- ومنها التوقعات المُحبَطة:فبالنسبة للكثيرين، يمثل الزواج لهم الخطوة التي تليها حياة رائعة، فعندما يتزوج حبيبان، تكون لديهما توقعات عن بعضهم بعضا وعن العلاقة بينهما. وفي بعض الأحيان، لا يحدث أن تكون التوقعات متبادلة، فيقع إحباط و التفكير في إنهاء هذا الزواج فقد جاء بخلاف المنتظرات.
5ـ ومن أسباب الطلاق الاختلافات الكبيرة في العائلات والأصدقاء والعادات التي قد تبدو لطيفة وجذابة في البداية، لكنها بعد فترة تلحق الضرر بالزواج وتنهكه، فاختلاف الخلفيات الثقافية سرعان ما تذكي الأفكار المكبوتة والمتعارضة لإلحاق ضرر بالزواج فيصعب البقاء تحت مظلته.
6- ومنها أن يشعر أحد الشريكين أن شريكه لا يفهم احتياجاته وشغفه أو اهتماماته في الحياة، وهذا من أسباب الطلاق الأكثر شيوعا.
7- لا يتمثل الزواج في خاتم حول الأصبع، كما يظن البعض بل الزواج تغيير مفاجئ في نمط الحياة، إنه حياة جديدة بالكامل ونمط حياة مختلف.هذا ما ينبغي أن نربي عليه أبناءنا و بناتنا و لا ندفع بهم إلى الزواج دون تهييء نفسي لذلك.
8- ثم الثقة: نعم الثقة ركيزة مهمة في الزواج. إذا كنت لا تثق بشريكك، فلن تستطيع إنجاح الزواج.
9- أما الغيرة فيمكن اعتبارها شعور جميل في البداية، لكن بشرط أن لا تؤدي لمشاكل أو إلى عدم الشعور بالأمان فإنه يتعمق الشعور بعدم الإحساس بالأمان مع مرور الوقت، وقد يكون ذلك خطأ الزوج أو الزوجة، أويكون لا علاقة له بذلك من الأساس. فاحذروا من الغيرة المدمرة.
10- و من أسباب الطلاق الشخصيات غير المتوافقة، فقد يكون الزوجان شخصين مثاليين، لكنهما ليسا مناسبين لبعضهما. إذ لا يكون لديهما شيء مشترك، وبمرور الوقت يجدان أنه من الأفضل أن ينفصلا ويتزوجا من أشخاص آخرين.
11ـ قد يظن البعض أن الزواج القديم الممتد لمدة طويلة غير قابل للتدمير. يعني أن الأزواج الذين ظلوا مع بعضهم لمدة طويلة تجاوزوا رياح التغيير ونجوا من العاصفة. و هذا خطأ ، لأنهم في معظم الحالات، تعلموا فقط كيف يعيشون مع اختلافاتهم. وقد تعصف بهم ريح مفاجئة فيتهدم بنيان الزوجية لأن الرباط بينهما لم يكن المودة و الرحمة كما ذكر الله تعالى في كتابه.وإنما سببٌ آخر.
فتفكروا عباد الله كيف تصلحوا حياتكم الزوجية و تتفادوا أسباب هدمها . جعلنا الله و إياكم ممن سمع فوعى وجعل شعاره التقوى، واستدام الخشية من الله عالم السر والنجوى. سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، و سلام على المرسلين ، و الحمد لله رب العالمين.
الخطبة الثانية
* الحمد لله على نواله و إفضاله، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد النبي الأمي الصادق الزكي و على آله، وعلى جميع من تعلق بأذياله، و نشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا عبده و رسوله و بعد أيها المؤمنون: الخيانة من طرف أحد الزوجين: هي أيضا من أسباب الطلاق و فكرة الخيانة قد موجودة في مرحلة ما من الزواج، لكن ما يهم هنا هو معرفة ما إذا كانت خيانة فاستمرار الزواج قد يكون صوريا لا حقيقيا او لا يستمر فعلا.
ـ المال:المال يمكن أن يغير حياتك أيها الزوج أو أيها الزوجة إما إلى الأفضل أو إلى الأسوأ. فاذا انعدم الرضا عن استثمارات شريكك في زواجكما، فتبدأ بالتذمر، ولكن في حال لم تتحدثا عن هذا الأمر و محاولة علاجه، فقد يصل الأمر للطلاق.
– العلاقات المسيئة: إذا شعرت زوجا كنت أو زوجة أن شريكك يحاول التحكم فيك أو الإساءة إليك فمن الأفضل التحدث معه. في بعض الأحيان، قد لا يدرك شريكك أنه يسيء إليك أو يسيطر عليك.
– تغيير الأولويات تتغير أولوياتنا في الحياة، في حال كنا نرغب بزواج ناجح وتجنب الطلاق، فعلينا فهم أولويات بعضنا بعضا. فلا نتوقع أن يظل شريك الحياة على حاله إلى الأبد، فلنتحدّث ولنساعد بعضنا فهكذا سنتعلم كيف نحب بعضنا أكثر.
– العلاقات العاطفية: إذا شعرت أنك تتواصل بشكل عاطفي أفضل مع شخص آخر غير شريكك، فإن هناك احتمالا كبيرا في أن تكون هناك علاقة عاطفية بينكما، لكن هذه العلاقة ستثير المشاكل وهو أمر عليك التفكير فيه مليا.
– العلاقات الحميمية : تلعب العلاقة الحميمية دورا مهما جدا في الزواج الناجح، لذلك عليكما العمل على ذلك.إذا كنتما لا تشعران بالسعادة عندما تكونان معا و لم يعد شريكك يثيرك، يحدث هذا بين الأزواج، قد تتساءل عن سبب استمرار زواجكما و تقول لا داعي للاستمرار.
– الأصدقاء و الصديقات:يؤثر بعض الأصدقاء و بعض الصديقات سلبا على الزواج، فأحيانا قد لا يتفاهمون مع شريكك، لذا يفعلون كل ما بوسعهم لإقناعك بأنه يمكنك أن تتعرف إلى شخص آخر.وهدم هذا الزواج.
عباد الله ذكرناكم بأهم أسباب انهدام الحياة الزوجية فكونوا على حذر لرأ.ب الصدع قبل أن تقعوا في أبغض الحلال إلى الله، وربوا أولادكم و بناتكم تربية تؤهلهم لخوض الحياة الزوجية بنجاح و أكثروا من الصلاة و التسليم على ملاذ الورى في الموقف العظيم، اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق، ناصر الحق بالحق، و الهادي إلى صراطك المستقيم، و على آله حق قدره و مقداره العظيم، (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا،و هب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب)،(ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان و لا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا،ربنا إنك رؤوف رحيم)
(سبحان ربك رب العزة عما يصفون)
( و سلام على المرسلين، و الحمد لله رب العالمين).