بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد فاتح مقفل القلوب الكونية والخاتم لما سبق مما كان من الكمالات الاصطفائية وعلى ءاله وصحبه وسلم .
أما بعد جعلنا الله ممن سعد وأسعد ومن خدام الجناب الذي من سخر له سعد ..وإذا سخر الاله سعيدا لأناس فإنهم سعداء …زارنا قبل أيام وفد …والوفد كرام القوم الذين يفدون على أمير تنزل ببابه الرغائب، و تتحقق عنده المطالب ، لاسيما إن كان من فرع الدوحة المصطفوية الكريمة ، ممن يصدق في حق وفده وفيه قول القائل :
وما على بلد ألا تحل به***ومن يديك وفي الفضل وافاه
والوفد أيضا المكرمون من عباد الله :قال مولانا جل في علاه :” يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا “ …هذا الوفد الكريم أتانا من ربوع بلاد نيجيريا ، يتقدمه أمير ولاية كانو سابقا ، خليفة الأسرة الابراهيمية التجانية ببلاد نيجيريا سمو العالم الأمين السنوسي لاميدو السنوسي …جاء الوفد الكريم إلى المملكة الشريفة إحياءا لأواصر الأخوة والرحم الدينية ،وتجديدا للعهود الوثيقة لأهل هذه البقاع ،والتجانيين منهم بالخصوص ، بأمير المومنين نصره الله بمقتضى ماسبق من مبايعة الشيوخ المتبعين ، لأسلافه الكرام من السلاطين أمراء المومنين من هذه الدوحة العلوية المنيفة ؛ وقد اشتمل الوفد على علماء ومقدمين من مختلف الولايات ، وكذا مختلف الأسانيد المتصلة و الواصلة بشيخ الشيوخ مولانا أحمد التجاني طيب الله مرقده بمدينة الروح والعلم والمعارف المصونة من الباس مدينة فاس ، وتقدم المضيفين والمستقبلين كريم ابن الأكرمين ، نيابة عن سيدنا أمير المومنين ، ألا وهو بضعة الشيخ وحفيده ، والقائم على امر الطريقة بمقتضى الظهير الشريف السامي المنيف ، على وفق التقاليد المرعية ، والرعاية الملوكية السامية ،لشأن الشيوخ والاشراف الكرام ، وكذلك لكونه اجتمعت فيه خصوصية الأخذ بالأسانيد الصحيحة المسندة المتصلة عن كبار رجالات الطريقة أشرافها ومقدميها ، ولكونه في اعلى طبقات الاتصال بمولانا الشيخ جده نسبا ،إذ ليس بينه وبينه إلا أربعة ،مع تقدمه في السن على أهل هذه الطبقة وهو سيدنا الشريف محمد الكبير بن أحمد بن محمد الكبير بن محمد البشير بن محمد الحبيب بن الشيخ الأكبر مولانا أحمد التجاني رضوان الله عليه….وزيارة هذا الوفد كان لها الوقع الخاص عند المهتمين والعارفين بأهمية الاتصال ومتانة الحبل الموصول و انعكاس الوصلة و أثرها على الأمة و جر ذيول خيرها وبرها الذي عن خير مولانا أمير المومنين صدر ، ومن بروز بيضاء أياديه على الأمة انتشر ، وما أحوج الأمر إلى زيارات مماثلة تشتمل على لقاءات و مذاكرات وتدبيجات تحيي روابط الخلف بموصول السلف على وفق السنن المعهود ، و الضوابط القائمة بتلك العهود ، فإن في ذلك حياة أجيال ، وانبعاث أمة تجاوزت روحانية ولاءاتها الفضاءات المكانية والزمانية ،فلا القرون الزمنية أبلتها ، ولا الصحاري والقفار والمفاوز أوقفتها أو أعجزتها ، وتلك لعمري منة من الله الكريم ، على هذا البلد الأمين ،من فيض بركة أمير المومنين ،دام له العز والتمكين ……فلو أن الروابط الروحية ،والأسانيد الصوفية ،تحركت بهمتها العلية،في ربوع القارة الافريقية ، فانجذب كل فرع إلى أصله ، وانحاش الشاذلي إلى روحانية مولانا عبد السلام استاذهم الأكبر ، وانحاش القادري إلى إمام الوقت بمداغ القائم عن الله بالخلافة والتربية ، مولانا جمال الدين القادري أبقى الله حرمته، وانحاش التجاني إلى فاس ملقى عصا تسيار القطب الأكبر ومستقر طريقته ،لعم بذلك الخير ،وانهلت سحب الامدادات الربانية بماء الطهر والبركة من الغيب ، فسالت أودية بقدرها ، بإذن القادر المقتدر القدير …….ولا ينبئك مثل خبير …..وأيم الله إن في هذا لسر الخير وجوهر الأمر إذا رعي حق رعايته ، وتقدمه ذوو الأسانيد الموصولة المتصلة المأذونون عن الله بالأذون الصحيحة ، إذ ليس إلا على ذلك المدار ، وبه يصح لأمتنا على غيرها الافتخار ،إذ هذه خصيصة من خصائص الأمة المحمدية ، يحيى دارسها في عهد مولانا أمير المومنين محمد بن الحسن بن محمد بن يوسف بن الحسن أعلى الله منار عزه ، و ابقى في الخافقين الصالحين علي ذكره ….هكذا هكذا و إلا فلا لا……والحمد لله أولا وءاخرا و ظاهرا وباطنا بلا غاية ولاحد ولا منتهى …
الفقيه الأستاذ:
عبد اللطيف الأشقري البگدوري