ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*( خطبة الجمعة في موضوع )*:
[اغتنام ما بقي من رمضان و التحذير من قراءة القرآن بالاحان ]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*الحمد لله رب العلمين * و الصلاة و السلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد “المبعوث رحمة للعالمين* و نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، * ونشهد أن سيدنا و نبينا و مولانا محمدا عبد الله و رسوله فصلى الله عليه و سلم من نبي أمين، ناصح حليم، وعلى آله وصحابته و التابعين، وعلى من حافظ على دينه و شريعته و استمسك بهديه و سنته إلى يوم الدين .
* أما بعد ، من يطع الله و رسوله فقد رشد و اهتدى، و سلك منهاجا قويما و سبيلا رشدا ومن يعص الله و رسوله فقد غوى و اعتدى، و حاد عن الطريق المشروع و لا يضر إلا نفسه و لا يضر أحدا، نسأل الله تعالى أن يجعلنا و إياكم ممن يطيعه و يطيع رسوله، حتى ينال من خير الدارين أمله و سؤله، فإنما نحن بالله و له .
أيها المومنون ، إنكم في شهر، عظيم الأمر، جليل القدر، فضائله لا تحصى، ومحامده لا تُستقصى ، لقد انقضى من رمضان صدره، ومضى منه شطره فاغتمنوا فرصة تمرُّ مرَّ السحاب، وبادروا أوقاته مهما أمكنكم قبل ان يغلق الباب، واشكروا الله على أن أخّركم إليه واجتهدوا في الطاعة فيه قبل انقضائه، وأسرعوا بالمثاب قبل انتهائه، فالضيف يوشك أن يرتحل، فأحسنوا فيما بقي، عسى يُغفر لكم ما مضى، فإنكم إن أسأتم فيما بقي أُخذتم بما مضى وبما بقي.
أيها المسلمون،مر اكثر من نصف الشهر وانصرم، وفاز بحبل الله من كان به معتصما، وخاف من زلّة القدم، وشقي الغافل العاصي وياويله يوم تحل على أهل المخالفة الآفات، يوم تنقطع أفئدة أهل التفريط بالزفرات، يقول الله في الحديث القدسي: ((يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه)) [أخرجه مسلم]
أيها المسلمون، إن إخوانا لنا و أخوات كانوا معنا في رمضان الماضي؟! أدارت عليهم المنون رحاها، وحَكَّ وجوههم الثرى فمحاها، بل أين بعض من صاموا في أول الشهر، وقاموا أوله يبتغون الأجر؟! ألم يأتهم هادم اللذات، وقاطع الشهوات، ومفرّق الجماعات، فنقلوا إلى بطون الحفر، ونحن – يا عباد الله – لا شك على الأثر، أفلا نتأهب لمثل ما حلّ بهم من الغِيَر، ونتذكر مرارة الموت الذي لا يسلم منه بشر، ولو سلم منه أحدٌ لسلم سيد البشر ، ولكن صدق الله إذ يقول:(وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِيْن مّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) عباد الله، لا دافع عنا من الموت يقينا، فلنتب قبل أن نندم إذا غصّت تراقينا، فيا من فرّط في شهر رمضان القائم، هل أنت على يقين من العيش إلى رمضان القادم؟! فقم بحق شهرك، واتق الله في سرِّك وجهرك، واعلم أن عليك ملكين يصحبانك طول دهرك، ويكتبان كل أعمالك، فإياك أن تُهتك أستارُك عند من لا تخفى عليه أسرارُك
أيها المسلمون، إن أيام رمضان يجب أن تُعظَّم وتصان، وتُكرَّم ولا تُهان، فاحبسوا جوارحكم عن فضول الكلام و السمع والنظر؟! وكفوهاعن اللهو والأشر؟! يقول سيد الأنام عليه الصلاة و السلام : ((من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعام وشرابه)) ويقول : ((رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش))يعني ليس له ثواب إلا التعب، وقال جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه: (إذا صُمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم، ودع أذى الجار، وليكن عليك وقار وسكينة، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء ).
فيا أخي المؤمن، إياك أن يجدّ إخوتك المؤمنون وأنت قاعد، ويتقربوا وأنت متباعد، ويقوموا وأنت راقد،ويتذكروا وأنت شارد، فهل ترجو النجاة ببضاعة مزجاة، فلا صلاة ولا مناجاة، ولا توبة ولا مصافاة، فيا لها من خسارة لا تشبهها خسارة، فاستدرك من رمضان ما بقي، ودع اللهو جانباً، والحق بالقافلة، وتقلب في منازل العبودية بين فريضة ونافلة، فقد قال رسول الله : ((من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)) وقال 🙁إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حسب له قيام ليلة).
أيها المؤمنون، لقد كان السلف الكرام عليهم من الله الرضوان يكثرون من ختم القرآن، فإذا جاء رمضان ازدادوا من ذلك لشرف الزمان، وكان جبريل عليه السلام يلقى رسول الله في كل ليلة من رمضان، فيدارسه القرآن، وفي آخر عام من حياة سيد الأنام عارضه جبريل القرآن مرتين على التمام.
أيها الصائمون : هذا كتاب الله يُتلى بين أظهركم ويسمع، لو أنزل على جبل لرأيته خاشعاً يتصدّع، فخذوا بكتاب الله بقوة، ولا تشغلنكم الدنيا عن أداء المفروض، فإنها لا تساوي عند الله جناح البعوض، شهر رمضان شهر العتق من النيران، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((إن لله تبارك وتعالى عتقاء في كل يوم وليلة)) يعني في رمضان. فلنجتهد – يا عباد الله – ما استطعنا في إعتاق رقابنا،وشراء أنفسنا من الله جل جلاله.نفعني الله و اياكم بالذكر الحكيم و كلام سيد المرسلين عليه افضل الصلاة و ازكى التسليم سبحان ربك رب العزة عما يصفون و سلام على المرسلين و الحمد لله رب العالمين
الخطبة الثانية
* الحمد لله على نواله و إفضاله، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد النبي الأمي، الصادق الزكي، و على آله ، وعلى جميع من تعلق بأذياله ، و نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده و رسوله و بعد :
قال النبى صلى الله عليه وسلم “بادروا بالأعمال ستا : إمارة السفهاء ، و كثرة الشرط ، و بيع الحكم ، و استخفافا بالدم ، و قطيعة الرحم ، و نشوا يتخذون القرآن مزامير يقدمون أحدهم ليغنيهم ، و إن كان أقلهم فقها “و قال صلى الله عليه و سلم ” زينوا القرآن بأصواتكم ” صحيح النسائى اوبى داود وبن ماجة
وفى كتاب زاد المعاد لابن القيم:( والتغنى على وجهين:احدهما : ما اقتضته الطبيعة من غير تكلف فهذا جائز وإن أعان طبيعته بفضل تزيين ، كما قال ابو موسى للنبى صلى الله عليه وسلم : لو علمت انك تسمع لحبرته لك تحبيرا – اى لحسنته لك تحسينا- وهذا هو الذى كان السلف يفعلونه وعليه تُحمل الادلة كلها.
والثانى: ما كان من الصنائع كما يتعلم اصوات الغناء باصناف الالحان على اوزان مخترعة فهذه هى التى كرهها السلف وادلة الكراهة إنما تتناول هذا) وقال الامام النووى فى رياض الصالحين: باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن وطلب القرآن من حسن الصوت والاستماع لها معنى يتغنى “يحسن صوته بالقرآن قال ابن مسعود” : لا تنثروه نثر الرمل ولا تهذّوه هذّ الشعر”. ومع هذا فلا يسوغ أن يقرأ القرآن بألحان الغناء ولا أن يقرن به من الألحان ما يقرن بالغناء من الآلات وغيره “وقال القرطبي رحمه الله في حين تكلم عن حرمة القرآن قال : ومن حرمته ألا يقعر في قراءته كفعل هؤلاء الهمزيين المبتدعين والمتنطعين في إبراز الكلام من تلك الأفواه المنتنة تكلفا فإن ذلك محدث ألقاه إليهم الشيطان فقبلوه عنه ومن حرمته ألا يقرأه بألحان الغناء كلحون أهل الفسق “وقال الإمام ابن رجب رحمه الله في ( نزهة الأسماع في مسألة السماع ) :قراءة القرآن بالألحان، بأصوات الغناء وأوزانه وإيقاعاته، على طريقة أصحاب الموسيقى…وأنكر ذلك أكثر العلماء، ومنهم من حكاه إجماعاً ولم يثبت فيه نزاعاً، منهم أبو عبيد وغيره من الأئمة وفي الحقيقة هذه الألحان المبتدعة المطربة تهيج الطباع، وتلهي عن تدبّر ما يحصل له من الاستماع حتى يصير التلذذ بمجرد سماع النغمات الموزونة والأصوات المطربة، وذلك يمنع المقصود من تدبر معاني القرآن.وإنما وردت السنة بتحسين الصوت بالقرآن، لا بقراءة الألحان، وبينهما بون بعيد.قال الشيخ بكر أبو زيد في كتابة بدع القراء : التلحين في القراءة، تلحين الغناء والشَّعر . وهو مسقط للعدالة ، ومن أسباب رد الشهادة قَضَاءً. وكان أول حدوث هذه البدعة في القرن الرابع على أيدي الموالي ” ويقول أيضا في نفس الكتاب : ” وهذا يدل على أنه محذور كبير وهو قراءة القرآن بالألحان التي يسلك بها مذاهب الغناء ، وقد نص الأئمة رحمهم الله على النهي عنه . . . ”
يقول خادم القرآن الكريم الشيخ الدكتور أيمن سويد حفظه الله: قراءة القرآن الكريم بالمقامات الموسيقية بدعة لا أصل لها في الدين، وهو علم فارسي الأصل يستعمل في الغناء والإنشاد، وله موازين تتعارض تماما مع موازين الأداء القرآني، وحكم قراءة القرآن الكريم بالمقامات الموسيقية دائر بين الكراهة إن حصلت المحافظة على أحكام القراءة ولا يكاد يوجد هذا، وبين الحرمة إن حصل الإخلال بها وهو الغالب على القارئين بالمقامات الموسيقية، ولا يغرنكم العبث بالقرآن الكريم الذي نشاهده على قناة الفجر التي انحرفت عن مسارها لتجني الأرباح بالباطل عن طريق رسائل SMS . جزى الله من ساهم بنشر هذا الكلام بين طلاب العلم حتى يعلم الناس حقيقة هذه المهزلة”.
واستعينوا على ذلك كله بالإكثار من الصلاة و التسليم على ملاذ الورى في الموقف العظيم، اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق و الخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق، و الهادي إلى صراطك المستقيم، و على آله حق قدره و مقداره العظيم.صلاة تنجينا بها من جميع الأهوال والآفات، و تقضي لنا بها جميع الحاجات وتطهرنا بها من جميع السيئات، و ترفعنا بها أعلى الدرجات و تبلغنا بها أقصى الغايات من جميع الخيرات في الحياة و بعد الممات، آمين. و ارض اللهم عن أصحاب رسولك وخلفاء نبيك القائمين معه وبعده على الوجه الذي أمربه و ارتضاه و استنه خصوصا الخلفاء الأربعة، و العشرة المبشرين بالجنة والأنصار منهم و المهاجرين، و عن آل بيت نبيك الطيبين الطاهرين وعن أزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين، اللهم انفعنا يا مولانا بمحبتهم، و انظمنا يا مولانا في سلك ودادهم، و لاتخالف بنا عن نهجهم القويم و سنتهم،(ربنا لاتزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب) ( ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولاتجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم .)(سبحان ربك رب العزة عما يصفون، و سلام على المرسلين، و الحمد لله رب العالمين).
الخطبة من إنشاء عبد ربه الفقير إلى فضل الله و رحمته : ” ذ. سعيد منقار بنيس”
الخطيب بمسجد ” الرضوان ” لافيليت /عين البرجة/ الدار البيضاء
أستاذ العلوم الشرعية بمدرسة العلوم الشرعية التابعة لمؤسسة مسجد الحسن الثاني
مفتش منسق جهوي لمادة التربية الإسلامية للتعليم ثانوي متقاعد
البريدالالكتروني mankarbennissaid@gmail.com