لكل علم مفاتيحه التي لا يدريها إلا أهل الاختصاص ،الذين يتوجب علينا طلب التوضيح منهم طبقا للمنهج الرباني الذي يحث على التوجه لأهل الذكر بالسؤال لإزالة الإشكال. وسيدي ادريس العراقي صاحب الرسالة الشافية في جزئها الأول يقدم إجابة شافية لمن ألقى السمع وكان قلبه سليما .
الأبدال فهم سبعة وبهم يحفظ الله تعالى الأقاليم السبعة ولكل واحد منهم قدرة يستمدها من روحانية الأنبياء الكائنين في السماوات السبع، وهم على الترتيب في الصعود، آدم في الأولى، عيسى ويحيى في الثانية، يوسف في الثالثة، إدريس في الرابعة، هارون في الخامسة، موسى في السادسة، إبراهيم في السابعة، على القول الأصح، فيتنـزل مدد كل نبي من سمائه على بدل من الأبدال السبعة، وكذلك أمداد الأيام السبعة تتنـزل من هؤلاء الأبدال السبعة لكل يوم مدد يختص به من ذلك البدل، وكل صفة لها بدل يحفظها على صاحبها من حياة وقدرة وإرادة وعلم وسمع وبصر وكلام، ولا يزيدون ولا ينقصون كما في اليواقيت، من شأنهم العلم بما أودع الله تعالى من الكواكب السبعة السيارة من الأمور والأسرار في حركتها ونزولها في المنازل المقدرة لها وإذا مات القطب أبدله الله بواحد منهم.
واختلف في وجه تسميتهم بهذا الاسم فقال الشيخ محيي الدين: وسموا أبدالا لكونهم إذا فارقوا موضعا ويريدون أن يخلفوا بدلا منهم في ذلك الموضع يرون فيه مصلحة وقربة يتركون به شخصا على صورتهم لا يشك أحد ممن أدرك رؤية ذلك الرجل وليس هو بل هو شخص روحاني يتركه بدله بالقصد على علم منه فكل من له هذه القوة فهو البدل. وقيل على نقل الحافظ المناوي في شرح الجامع الصغير: “لأنهم أبدلوا أخلاقهم السيئة وراضوا أنفسهم حتى صارت محاسن أخلاقهم حلية أعمالهم انتهى.
وقال مولانا الشيخ نفعنا الله به كما في الجامع: “قيل لا يكون البدل بدلا حتى يبقى أربعين سنة ولم يكتب عليه صاحب الشمال” انتهى. قال رضي الله عنه: “ومعنى هذا أنه مهما صدرت منه سيئة تاب منها في الحين لا عدم فعلها أصلا”. انتهى.
ووردت أحاديث في الأبدال ذكرها الحافظ السيوطي رحمه الله في كتابه الخبر الدال على وجود الأوتاد والنقباء والأبدال، كما ذكرها في الجامع الصغير في الّألف صفحة 168 من الجزء الثالث من شرح المناوي الكبير في حرف الألف. قال الحافظ ابن حجر في فتاويه الأبدال وردت في عدة أخبار منها ما يصح وما لا يصح وأما القطب فورد في بعض الآثار، وأما الغوث بالوصف المشتهر بين الصوفية، فلم يثبت، انتهى.
ولما ذكر العلامة سكيرج رحمه الله أن من الناس من يبدل عنهم الله شخصا في صورتهم بدون علم منهم، وأنهم ليسوا بهذا المعنى من الأبدال قال: “ومثل هذا يقع كثيرا، وفي أرض السمسمة من نحو هذا كثير بحيث يجتمع فيها الشيخ بنسخة منه في ذاته وصفاته وسائر أحواله، وهو في العين وما هو في الحقيقة وفي خزائن الغيب، من هذا نوع لا يحصى حسبما يقتضيه الفيض الرحماني بمقتضى: وإن من شيء إلا عندنا خزائنه، وهذا مما يشتبه على كثير ممن يبحث في طبقات الأولياء كما بهؤلاء المبدولين المحصورين في هؤلاء السبعة.