الاحْتيارات العلمية المنقولة عن أبي عمران الفاسي المتوفى عام (430 )
أعدها
الفقير إلى الله
عدنان بن عبد الله زُهار
كان الله له
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على نبيه المصطفى، وعلى آله وصحبه أهل الوفا،
وبعد،
[تقديم]
لولا التوثيق والتأريخ لضاعت علومٌ كثيرة، ولجُهل أعلامٌ جِلَّةٌ في تاريخ الإسلام؛ أكثر مما ضاع وجُهل. فلولا ما وثق في كتب الفقه العالي من أقوال الأئمة الكبار كالبصري والأوزاعي والليث بن سعد وغيرهم ما عرف لهم ولا لفقههم ذكر، ولولا ما وثق في كتب الحديث من روايات وسماعات الراحلين في طلب الحديث ما عرفت أحاديث كثيرة، ولولا ما جمع في كتب الزوائد والتخريج والجوامع والمستخرجات لما عزا أحد إلى مثل تاريخ نيسابور وبعضٍ من صحيح ابن خزيمة وكثير من أجزاء رواية الحديث، ولولا ما دُوِّن في كتب التفسير وعلوم القرآن ما اشتهر تفسير بقي بن مخلد فضلا عن أقوال عكرمة ومجاهد ومسروق وجمع كبير من السلف…
وقد حظي علماء الجهة الغربية من بلاد الإسلام بأشكال مختلفة من تضييع تراثهم وإتلاف إنتاجهم على غزارته ودقته وعمقه ونفاسته…لولا كتب التاريخ والرجال والأدب والتراجم…ولولا الرحلة في سماع العلم وإسماعه…
حتى إن أحدهم وهو الإمام ابن حزم تهيب ذلك وتحسر عليه فقال كلمته الشهيرة:
أنا الشمس في جو العلوم منيرة
ولكن عيبي أن مطلعي الغرب
ومثل ابن حزم في الإهمال المتواصل عبر تاريخ الغرب الإسلامي كثيرٌ، في كل الفنون والعلوم، وذلك عيب وخطورة؛ والأعيب منه والأخطر أن يطال هذا التجاهل أو التنقيص المعتمد أو غير المعتمد، أئمة جمعوا بين علو المقام في العلوم المعرفية ورفعة المنزلة في المعارف الذوقية مع الغيرة على الدين وأحكامه والحث على الجهاد والدعوة له…وغير ذلك مما لو جمع لأحد من غير أهل هذا القطر، لحظي بالتعظيم والتبجيل والاحترام والترحيب، كما حظي به من هو دون هذه الدرجة بكثير.
ومن هؤلاء الإمام العلامة أبو عمران الفاسي المتوفى عام ثلاثين وأربعمائة، الذي حاولت أن أخصه بهذه الالتفاتة، قاصدا التوكيد على حيازته قصب السبق في كثير من العلوم الشرعية والتقدم على أقرانه في شتى المعارف الدينية، مع ما رُزق من تواضع وترك التشوف للدنيا، ومسارعة إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
قال القاضي عياض في “ترتيب بالمدارك” : “أبو عمر أحمد بن حسين القاضي بدانية، من أهل العلم والقرآن. وكان الموفق صاحب دانية، قد وجهه في رسالة إلى المعزّ صاحب القيروان، فجرت له بالقيروان أخبار وأجوبة حسنة. وكتب إلى علمائهم بمائة من فنون العلم، أجاب عنها أبو عمران الفاسي رحمه الله”. اهـ
وقد اعتمدت في ذلك على جمع بعض ما وقفت عليه من نقولات أهل العلم عنه، وسردهم لاختياراته في علوم كثيرة، مقرين أو منكرين؛ مما يجعلنا نوقن بمكانة الرجل العلمية التي ستبين بجلاء هذه الدراسة المتواضعة حقيته بها.
وقد سلكت على هذا تقسيم البحث إلى فصول هي نفسها العلوم التي شارك فيها؛ وهي هذا:
-التعريف بأبي عمران الفاسي
-التوحيد
-أصول الفقه
-فقه العبادات
-فقه المعاملات
-علوم الحديث
-خاتمة
فأقول وبالله التوفيق:
التعريف بأبي عمران الفاسي
اهتم المؤرخون والمحدثون والفقهاء والأدباء والقراء والكلاميون وغيرُهم بترجمة الإمام أبي عمران الفاسي، وفي هذا فقط إشارة إلى مكانته العلمية الرفيعة، واعتراف كبار من أهل العلم بمشاركته الواسعة في هذه الفنون كلها مشاركة تحقيق وتدقيق وربما اجتهاد وتصنيف، لا مشاركة حفظ مسائل.
فمنهم من خصه بالذكر لأجل بيان ما يتعلق باسمه وكنيته ونسبه لا غير؛ كابن ماكولا في “الإكمال في رفع الارتياب عن المؤتلف والمختلف في الأسماء والكنى والأنساب “؛ وكالحافظ ابن حَجَر العسقلاني في “تبصير المنتبه بتحرير المشتبه” ؛ وكما فعل الذهبي في “المقتفى في الكنى “؛ وكابن ناصر الدين الدمشقي في “ضبط أسماء الرواة وأنسابهم وألقابهم وكناهم ” حيث قال: “قال –أي الذهبي- أبو عمران موسى بن عيسى بن أبي حاج يحج الفاسي عالم المغرب في زمانه بعد سنة ثلاثين وأربع مئة. قلت: تفقه على أبي الحسن القابسي، وهو أجل أصحابه وأخذ عن أبي محمد الأصيلي، وأخذ الأصول عن أبي بكر ابن الباقلاني، وسمع بالعراق من أبي الفتح بن أبي الفوارس وأبي عبد الله الجعفي القاضي وطائفة، وسمع بمكة من أبي ذر الهروي، وكان إذا روى عنه يقول: حدثنا أبو عيسى لسبب كان بينهما. ولما رجع من رحلته استوطن القيروان وكان عالماً بالقراءات والحديث والفقه عارفاً بالجرح والتعديل والأصول. وفي قول المصنف: بعد سنة ثلاثين، فيه نظر لأنه توفي في ثالث عشر شهر رمضان سنة ثلاثين المذكورة. وكذا جزم به المصنف في “وفياته” وفي كتابه “طبقات القراء”، وذكر أن مولده سنة ثمان وستين وثلاث مئة.اهـ.
ومنهم من ترجم له لبيان بعض مميزاته العلمية والفكرية والتربوية كما فعل القاضي عياض رحمه الله في “تريتب المدارك” حيث قال: “وذكر أن الباقلاني كان يعجبه حفظه ويقول: لو اجتمعت في مدرستي أنت وعبد الوهاب ابن نصر لاجتمع فيها علم مالك؛ أنت تحفظه وهو ينصره، لو رآكما مالك لسر بكما”.
كما نقل السِّلفي عن عبد الملك القيرواني الذي قال: “وقد حملني أبي إلى أبي عمران الفاسي وأنا صغير بالقيروان فمسح على رأسي ودعا لي”.اهـ
وكما فعل الحافظ الكتاني أيضا في “فهرس الفهارس” حيث قال : “أبو عمران الفاس: دفين القيروان، هو موسى بن عيسى بن أبي حاج الغفجومي الفاسي نزيل القيروان، أصله من فاس وبيته بها يعرف ببني الحاج، وإليه ينسب درب ابن أبي حاج من طالعة فاس إلى الآن، كان من أئمة الفقه والحديث، اشتهر به الشهرة التامة، ورحلت إليه طلبة العلم من البلاد، وظهرت إمامته. سمع الصحيح بمكة على أبي ذر الهروي، وكان لا يتكلم بشيء إلا كتب عنه، قليل الضحك حتى قيل ما رئي ضاحكاً قط إلا مرة واحدة، مات سنة ثلاثين وأربعمائة. له فهرسة نرويها بالسند الآتي إلى أبي بكر بن خير عن، عياض، عن ابن عتاب وابن غلبون، عنه.اهـ
ومنهم من جمع أخباره وذكر كل ما عرف به وعنه، قال الحافظ الذهبي في” تاريخ الإسلام “: “قال حاتم بن محمد: كان أبو عمران الفاسيّ من أعلم النّاس وأحفظهم. جمع الفقه إلى الحديث ومعرفة معانيه. وكان يقرأ القراءات ويجودها مع معرفته بالرّجال، والجرح والتعديل. أخذ عنه النّاس من أقطار المغرب. ولم ألق أحداً أوسع منه علماً ولا أكثر رواية. وقال ابن بشكوال: أقرأ النّاس مدّة بالقيروان. ثم ترك الإقراء ودرس الفقه وروى الحديث. وقال ابن عبد البرّ: ولدت مع أبي عمران في عام واحد سنة ثمان وستين وثلاثمائة. وقال أبو عمرو الدانيّ: توفي في ثالث عشر رمضان سنة ثلاثين.قلت: تخرج به خلق من المغاربة في الفقه.اهـ
وقال ابن عماد الحنبلي في “شذرات الذهب” : “وكان إماما في القراءات بصيرا بالحديث رأسا في الفقه تخرج به خلق في المذهب ومات في شهر رمضان وله اثنتان وستون سنة”.
ومنهم من ذكره في مصنف خاص بعلم من العلوم، وهو حاضر في أهمها وأشهرها، ففي الحديث ذكره الذهبي في “المعين في طبقات المحدثين” فقال: “والعلامة أبو عمران الفاسي موسى بن عيسى بن أبي رباح شيخ القيروان”.اهـ
وفي القراءات: ذكره في “معرفة القراء الكبار” فقال: قال حاتم بن محمد: كان أبو عمران الفاسي من أعلم الناس وأحفظهم جمع حفظه الفقه والحديث والرجال وكان يقرأ القراءات ويجودها.اهـ
وكذالك ذكره ابن الجزري في “غاية النهاية في طبقات القراء” : كتب معنا بالقيروان وبمصر ومكة وتوجه إلى بغداد وأنا بمكة سنة تسع وتسعين وثلاثمائة، وأقام أشهراً وقرأ بها القرآن وسمع الحروف وكتب عن جماعة من محدثيها حديثاً منثوراً، وشاهد مجلس القاضي الإمام أبي بكر محمد بن الطيب، ثم انصرف إلى القيروان وأقرأ الناس بها مدة ثم ترك الإقراء ودارس الفقه وأسمع الحديث إلى أن توفي”.اهـ
وهكذا أطبقت كتب التاريخ والتراجم على هذه المكانة الرفيعة لأبي عمران الفاسي، ولم تبخل علينا المصادر الفقهية والكلامية والحديثية بنقل ما خص به أو تميز من أقوال واجتهادات رأي وهو الذي نعرض له في المبحث الموالي بحول الله.
اختيارات أبي عمران الفاسي
في التوحيد
تأثُر الإمام أبي عمران الفاسي بالباقلاني وإعجابه به لم يكن سبب اعتناقه المذهب الأشعري كما قد يبدو للبعض، بل الرجل كان أشعري المعتقد قبل أن يلتقي به، وإنما الذي أضيف إلى الحصيلة الفكرية بعد الباقلاني هي قوة التدليل على المسائل الكلامية التي كان يتمتع بها الباقلاني أكثر من غيره في زمانه؛ ودونك هذا النقل الموثق برهانَ ما ذكرتُ.
قال عياض في “ترتيب المدارك” خلال ترجمة الباقلاني : “قال أبو عمران: رحلت إلى بغداد وكنت قد تفقهت بالمغرب، والأندلس عند أبي الحسن القابسي، وأبي محمد الأصيلي، وكانا عالميْن بالأصول. فلما حضرت مجلس القاضي أبي بكر ورأيت كلامه في الأصول والفقه، والمؤالف والمخالف، حقرت نفسي وقلت: لا أعلم من العلم شيئاً. ورجعت عنده كالمبتدئ”.اهـ
وما لبث أن جاهد أبو عمران واجتهد لنشر معتقد أهل السنة والجماعة الذي كان عليه جمهور علماء الأمة إلا شذوذا ممن ظهرت له نحلة بالمشرق كالمغرب، فلقي من أمثال الباقلاني والفاسي سدا منيعا وصدا متينا.
قال العلامة محمد بن الحسن الكوثري -وهو يستعرض جهود أبي الحسن الأشعري في نشر السنة: “… وهكذا حتى وفقه الله لجمع كلمة المسلمين وتوحيد صفوفهم وقمع المعاندين وكسر تطرفهم، وتواردت عليه المسائل من أقطار العالم فأجاب عنها، فطبق ذكره الآفاق، وملأ العالم بكتبه وكتب أصحابه في السنة والرد على أصناف المبتدعة والملاحدة وأهل الكتاب، وتفرق أصحابه في بلاد العراق وخراسان والشام وبلاد المغرب ومضى لسبيله، وبعد وفاته بيسير استعاد المعتزلة بعض قوتهم في عهد بني بويه. لكن الإمام ناصر السنة أبا بكر بن الباقلاني قام في وجههم وقمعهم بحججه ودانت للسنة عل الطريقة الأشعرية أهلُ البسيطة إلى أقصى بلاد إفريقية. وقد بعث ابن الباقلاني في جملة مَن بعث من أصحابه إلى البلاد: أبا عبد الله الحسين بن عبد الله بن حاتم الأزدي إلى الشام ثم إلى قيروان وبلاد المغرب، فدان له أهل العلم من أئمة المغاربة، وانتشر المذهب إلى صقيلية والأندلس. ولابن أبي زيد وأبي عمران الفاسي، وأبي الحسن القابسي، وأبي الوليد الباجي، وأبي بكر بن العربي، وتلامذتهم أيادٍ بيضاء في ذلك.”.اهـ
ومما نقل عنه في الأصول مباحثُ دقيقة كالخلاف بين الكلاميين في الروح، وله في ذلك وجهة نظر سديدة موافقة لمذهب السادة الأشاعرة، حتى خص مع كبار الكلاميين في نقل هذا الرأي عنهم:
قال الباجي في “المنتقى” : قال الشيخ أبو محمد: النفس والروح شيء واحد وكذلك قال القاضي أبو بكر والقاضي أبو جعفر السمناني وأبو عمران الفاسي وعليه جماعة أهل السنة؛ ويؤيد ما ذهبوا إليه الأخبار في هذين الحديثين على معنى واحد مرة باسم النفس ومرة باسم الروح.اهـ
ومما اشتهر عنه في قوة الحجة ومناعة الدليل القصة التي ذكرها قال القاضي عياض في “ترتيب المدارك” : “أنه حدث في القيروان مسألة: الكفار هل يعرفون الله تعالى أم لا؟ فوقع فيها اختلاف العلماء، ووقعت في ألسنة العامة، وكثر المراء، واقتتلوا في الأسواق إلى أن ذهبوا إلى أبي عمران الفاسيّ فقال: إن أنصتم علمتكم؟ قالوا: نعم، قال: لا يكلمني إلا رجلٌ ويسمع الباقون. فنصبوا واحداً منهم فقال له: أرأيت لو لقيت رجلاً فقلت له: أتعرف أبا عمران الفاسي؟ فقال: نعم. فقلت: صفه لي. فقال: هو بقال بسوق كذا، ويسكن سبته. أكان يعرفني؟ قال: لا. فقال: لو لقيت آخر فسألته كما سألت الأول فقال: أعرفه يدرس العلم ويفتي، ويسكن بغرب الشماط. أكان يعرفني؟ قال: نعم. قال: كذلك الكافر، قال: لرّبه صاحبةٌ وولد، وأنه جسمٌ لم يعرف الله، ولا وصفه بصفته، بخلاف المؤمن. قالوا: شفيتنا. ودعوا له، ولم يخوضوا في المسألة بعدها”.اهـ
وهذا إنما ينقل عنه لغايتين: أولاهما بيان قوة دليله، المكتسب من طريقة إقناعه للعامة والغوغاء وهو من أشق ما يتوصل إليه في مثل هذا المدرج؛ ثانيتهما مذهبه في أن الكفار لا يعرفون ربهم يوم القيامة وهو مما اختلف فيه بين أهل العلم كثيرا؛ والراجح مذهب أبي عمران والله اعلم.
في أصول الفقه
لأبي عمران مشاركات في علم الأصول مشكورة غير منكورة، وإن كان لم يصل بين أيدينا من تآليفه الأصولية شيء، إلا أن النقل عنه في هذا الباب يفيد أن الرجل كان متجاوزا القنطرة في هذا الفن الدقيق؛ حتى إن الشاطبي نقل عنه وذكر مذهبه في أمر من الأمور المشكلة في علم الأصول، غير موافق له، وهو مع ذلك دليل على ما ذكرتُ.
قال في “الموافقات ” أثناء سرده للإشكال في حكم مراعاة الخلاف: “وحكى لي بعضهم أنه قول بعض من لقي من الأشياخ وأنه قد أشار إليه أبو عمران الفاسي وبه يندفع سؤال اعتبار الخلاف”.اهـ
وموضوع البدعة وخلفايته من الموضوعات الشائكة في علم أصول الفقه، ذكر عن أبي عمران رأي له فيها.
ففي فتاوى آل الشيخ : “قال الشافعي : وأكره المآتم وهو اجتماع الرجال والنساء، لما فيه من تجديد الحزن. قال: ويكره المبيت في المقبرة، لما فيه من الوحشة. والمآتم هو الاجتماع في الصبحة، أي الاجتماع حول القبر صباحا غداة الدفن، وهو بدعة منكرة لم ينقل فيه شيء، وكذلك ما بعده من الاجتماع في الثاني والثالث والسابع والشهر والسنة فهو طامة، وقد بلغني عن الشيخ أبي عمران الفاسي وكان من أئمة المسلمين: أن بعض أصحابه حضر صبحة فهجره شهرين وبعض الثالث، حتى استعان الرجل عليه فقبله وراجعه وأظنه استتابه ألا يعود”.اهـ
وله نظرة وجيهة في المقاصد الشرعية غلب فيها بعض الأئمة وأحسن الاختيار، منها ما ذكره عنه القاضي عياض خلال ترجمة أحمد بن حسين القاضي : وقد وقفت على أجوبة أبي عمر هذا، فيها فقه واستحسنت فيها قوله. وقد سأل عن المرأة الميتة لم خُصّت بوضع القبة على نعشها، على ما استمر عليه عمل المسلمين من صدر هذه الأمة وهي في حياتها، ألا يلزم إخفاء شخصها بل تستر جسدها. فقال: علة ذلك لما حملت على الأعناق، وتعين عينها، زيد في سترها، حتى لا يعلم طولها من قصرها، وسمنها من هزالها؛ وفي حياتها هي مختلطة بغيرها، فلم تتعين. وأما أبو عمران فأجاب: إنها لم تملك من أمرها شيئاً، فلذلك جعل لها أتم الستر.اهـ
في فقه العبادات
الذي عُرف عن أبي عمران الفاسي أكثر هو علم الفقه، ولذلك يُحلُّونه كثيرا بالفقيه، وليس ذلك إلا لغلبة المباحث والنوازل الفقهية في زمانه وبين طلبة العلم في عصره، حتى لقد ألف في القواعد الفقهية والأشباه والنظائر، وهي وسيلة جمع وتلخيص للأقوال، فله كتاب “النظائر في الفقه المالكي” وغيره.
وهذه بعض الاختيارات الفقهية لأبي عمران أخص منها ما كان مثار جدل ونقاش علمي بين العلماء.
-فمن كتاب الطهارة: قال النفراوي في “الفواكه الدواني” : وقال أبو عمران الفاسي: أرخص للعروس في السبعة أيام أن تمسح في الوضوء والغسل على ما في رأسها من الطيب، وإن استعملته في سائر جسدها تيممت لأن إزالته من إضاعة المال المنهي عنها”.اهـ
وهذه رؤية منه في الفقه لمقاصد الأحكام، وإن خالف مشهور المذهب.
كما في النقل الآتي عنه؛ قال الحطاب في “مواهب الجليل” : “وفي مسائل أبي عمران الزناتي في البيوع: قال أبو عمران الفاسي: وما عمله الصناع كالخياط والخراز محمول عندنا على الطهارة كالمنسوج كافرا كان أو مسلما مصليا أو لا.
قال الحطاب عقب هذه العبارة: وهذا خلاف المعروف من المذهب، وأقول: مما يدل على أنه خلاف المذهب أنهم لم يجوزوا في الوضوء والغسل المسح على الحائل إلا في الضرورة، وما كان للزينة فليس من أنواع الضرورة”.اهـ
-ومن كتاب صلاة العيد: قال العلامة ابن ناجي: “افترق الناس بالقيروان فرقتين بمحضر أبي عمران الفاسي وأبي بكر بن عبد الرحمن ، فإذا فرغت إحداهما من التكبير وسكتت أجابت الأخرى، فسئلا عن ذلك فقالا: إنه لحسن، ثم قال: قلت: واستمر عمل الناس عندنا على ذلك بأفريقية بمحضر غير واحد من أكابر الشيوخ” .اهـ
وفيه اعتبار أبي عمران الفاسي لأصل العرف والعادة في الاستنباط مع مراعاة المقصد الجليل من الحكم الواردة فيه السؤال؛ وهو مظهر الاجتهاد الذي تمتع به رحمه الله.
-ومن كتاب الزكاة: قال الخرشي في “شرح المختصر” : “ثم إن محشي (تت) رد ذلك؛ لأن المدار على كبير نفقة، أو عمل بدون التقييد بقوله في تخليصه: هذا هو الموافق للمنقول وأن المناسب ترجيعه للندرة. والمراد بالتخليص التصفية وليست الندرة خاصة بالقطعة من الذهب والفضة لأنه، وإن فسرها عياض وغيره بذلك فقد فسرها أبو عمران الفاسي بالتراب الكثير الذهب السهل التصفية وليس بينهم اختلاف في ذلك ولا بعضهم يرد تفسير بعض بل يستفاد من جميع ما قالوا، وهو ظاهر المدونة أن جميع ما نيل من المعدن بسهولة ففيه الخمس وبتكليف الزكاة وعلى هذا فقول الشارح ، وأما كبير نفقة ، أو عمل في السفر لا يعول عليه”.اهـ
وفيه اعتماد المتأخرين على توجيهات الفقيه أبي عمران الفقهية.
-ومن كتاب الحج: قال الحطاب في “مواهب الجليل” : “وممن قال بسقوط الحج بغير المجحف أبو عمران الفاسي فإنه أفتى جماعةً مشوا معه للحج فطلب منهم أعرابي على كل جمل ثمن درهم بأن يرجعوا فرجعوا؛ ذكره الزناتي في “شرح الرسالة” ونقله ابن فرحون والتادلي وغيرهما”. والله أعلم.
وهو أيضا من رؤيته في الفتوى المقصد واعتماده فيها التيسير، وإن خالف في ذلك المشهور في المذهب.
-ومما أجمعت الأمة الإسلامية سلفا وخلفا عليه مشروعية زيارة النبي صلى الله عليه وسلم. وقد ذهب جمهور العلماء من أهل الفتوى في المذاهب إلى أنها سنة مستحبة، وقالت طائفة من المحققين: هي سنة مؤكدة، تقرب من درجة الواجبات ، وهو المفتى به عند طائفة من الحنفية. وذهب الفقيه المالكي أبو عمران موسى بن عيسى الفاسي إلى أنها واجبة.
في فقه المعاملات
– كتاب الأيمان
اختلف العلماء في الرجل يقول: الأيمان تلزمه إن كان كذا وكذا. قال ابن العربيّ : “وقد كانت هذه اليمين في صدر الإسلام معروفةً بغير هذه الصورة، كانوا يقولون: عليّ أشدّ ما أخذه أحدٌ على أحد؛ فقال مالك: تَطْلُق نساؤه. ثم تكاثرت الصُّوَر حتى آلت بين الناس إلى صورةٍ هذه أمُّها. وكان شيخنا الفِهْرِيّ الطَّرَسُوسِيّ يقول: يلزمه إطعام ثلاثين مسكيناً إذا حنِث فيها؛ لأن قوله «الأيمان» جمع يمين، وهو لو قال عليّ يمين وحنِث ألزمناه كفارةً. ولو قال : عليّ يمينان للزمته كفارتان إذا حنِث . والأيمانُ جمع يمين فيلزمه فيها ثلاث كفارات”.اهـ
وذهب ابن أبي زيد القيرواني إلى أنه يلزمه في زوجته ثلاث تطليقات، والمشي إلى مكة، وتفريقُ ثلث ماله، وكفارةُ يمين، وعِتق رقبة. وبه قال ابن أرفع رأسه وابن بدر من فقَهاء طُلَيْطُلة.
والذي ذهب إليه أبو عمران الفاسي أنه تلزمه طلقة واحدة إذا لم تكن له نيّة.
قال القرطبي في “تفسيره” : “ومن حجتهم في ذلك رواية ابن الحسن في سماعه من ابن وهب في قوله : «وأشدّ ما أخذه أحد على أحد أن عليه في ذلك كفارة يمين» . قال ابن مغيث: فجعل مَن سَمّيناه على القائل: «الأيمان تلزمه» طلقةً واحدة؛ لأنه لا يكون أسوأ حالاً من قوله: أشدّ ما أخذه أحد على أحد أن عليه كفارة يمين، قال: وبه نقول. قال: واحتجّ الأوّلون بقول ابن القاسم فيمن قال: عليّ عهد الله وغليظُ ميثاقه وكفالته وأشدّ ما أخذه أحدٌ على أحد على أمر ألاّ يفعله ثم فعله؛ فقال: إن لم يُرد الطلاق ولا العتاق وعزلهما عن ذلك فلتكن ثلاث كفارات. فإن لم تكن له نية حين حلف فليكفّر كفارتين في قوله: عليّ عهد الله وغليظ ميثاقه. ويعتق رقبة وتَطْلُق نساؤه، ويمشي إلى مكة ويتصدّق بثلث ماله في قوله: وأشدّ ما أخذه أحد على أحد.اهـ
حتى إن هذه المسألة من المسائل التي نسبت مذهبا إلى أبي عمران اختصاصا منه به.
قال القاضي عياض في “ترتيب المدارك” خلال ترجمة الإيادي: “ذكر أبو الأصبغ ابن سهل: أنه كان ممن يفتي في الأيمان اللازمة، بطلقة واحدة على ما ذهب إليه أبو عمران الفاسي”.اهـ
وقال البرزُلي في “فتاويه” أيضا: “وسئل أبو عمران الفاسي عمن حلف لامرأته بطلاقها ألبتة لا أخدمتك إلا خادمي وحلفت هي بعتق خادمها أو صدقة ثلث مالها لا أخدمها إلا خادمها من أولى بالحنث منهما؛ فأجاب بأن الزوج أولى بالحنث. البرزلي: لما تقرر أن الزوجين إذا اختلفا فيمن يخدم الزوجة هل خادمها أو خادمه فإنه يقضى بخادمها لأنها أعرف بمصالحها وأما إذا لم تكن لها خادم فهو بالخيار بين أن يخدمها بنفسه أو يكري من يخدمها أو يشتري لها خادما يقضى عليه بأحد الأمور الثلاث”.اهـ
قلت: وكل هذا دليل على أنه كان مجتهدا داخل المذهب، إذ المسألة في المشهور مخالفة لما ذهب إليه رحمه الله.
-ومن الإجارة: قال ابن أطفيش في “شرح النيل” : “قال أبو عمران الفاسي: لا يجوز له (المعلم للصبيان) حضور الجنازة ولا عيادة المريض وقت ملازمته الصبيان، قاله صاحب “الحلل”.اهـ
-ومن القضاء: قال ابن فرحون في “تبصرة الحكام” : “مسألة: وفي بقر بطن الميت على المال، قال ابن راشد في المذهب: إنما يبقر عن المال إذا ثبت بعدلين، فإن شهد به عدل، فأجراه أبو عمران الفاسي على الخلاف في القصاص في الجراح بالشاهد الواحد.اهـ
وقال أيضا : “مسألة: إذا حصل في المراكب عطب بسبب العدو فقتل بعض أصحاب المتاع ومات بعضهم ووجد على بعض الرحال مكتوب اسم صاحبها، فهل تسلم لورثته أو لا؟ قال الشيخ أبو عمران الفاسي: إذا كان يملك مثل ذلك واعترف صاحب المركب بأنه لهم، حكم به لهم. من الحاوي في الفتاوى لابن عبد النور.اهـ
-من كتاب القصاص: قال القرافي في “الذخير” : “وقال أبو عمران الفاسي: إذا قال ذلك لعدم التساوي في عين الأعور لأنها أزيد من عين الصحيح لأنه إن اختار القصاص ففي مثل عينه أو الدية فقد دعي إلى صواب. قال: ويلزمه على هذا الإجبارُ على الدية. وخرج بعضهم على هذه أن لولي القتيل إذا كان القاتلون جماعة أن يلزم كل واحد فيه دية كاملة عن نفسه كديته.اهـ
فهنا لم يكتف في النقل عن أبي عمران بمجرد ذكر ما اختص به في فقه هذه المسألة، بل إن الفقهاء بعده خرجوا على قوله أحكاما فقهية، دليلا على بلوغه درجة الاجتهاد المذهبي، كما هو معروف في هذا الباب.
في علوم الحديث
ولع الإمام أبو عمران الفاسي رحمه الله بعلم الحديث رواية ودراية، فأما الدراية فما مر من نماذج على فقهه السديد وفهمه الرشيد، وأما الرواية فكان من حملة علم الحديث ومن الرحالين للسماع، كما كان بصيرا في علم الجرح والتعديل.
-ففي رواية للحديث: قال الحميدي في “جذوة المقتبس” خلال ترجمة عمر بن يوسف الإشبيلي: “وقد روى أبو عمران موسى بن عيسى الفاسي فقيه القيروان في أماليه حديثاً من طريقه”.اهـ
يعني أن الرجل كان له كتاب في الأمالي، -إن كان في الأمالي الحديثية- يروي أسانيد ربما عزيزة أو غريبة حتى لا يكاد توجد إلا عند من سمعها منه. ومعلوم لدى أهل التخصص أن الأمالي الحديثية من شأن الحفاظ وكبار المحدثين لا غيرهم.
وله اعتناء برواية الكتب الأمهات حيث نقل القاضي عياض ذلك عنه فقال في “مشارق الأنوار” عند ذكر أسانيده إلى صحيح البخاري:” وأما رواية القابسي فحدثني بها سماعا وقراءة وإجازة أبو محمد بن عتاب وأبو علي الجياني وغير واحد قالوا: نا أبو القاسم حاتم بن محمد الطرابلسي، عن أبي الحسن القابسي، عن أبي زيد المروزي، عن الفربري. وأنا بها أحمد بن محمد، عن الفقيهين أبي عمران موسى بن عيسى الفاسي وأبي القاسم عبد الرحمان بن محمد الحضرمي بالإجازة، عن القابسي ولنا فيه أيضا رواية من طريق القاضي أبي القاسم المهلب بن أبي صفرة عنه.اهـ
-وأما كلامه في الرجال: فقد اشتهر به أيضا وسئل عن الرواة فأجاب كثيرا في مجالس مختلفة عنه.
قال الكوثري في “تبيين كذب المفتري” : وكان الفقيه أبو عمران -يعني الفاسي- رحمه الله يقول: لو كان علم الكلام طيلسانا ما تطيلس به إلا أبو طاهر…اهـ
وقال الذهبي في “المغني في الضعفاء” : بشر بن علي الطليطلي يروي عن عبيد الله بن يحيى ابن يحيى؛ غمزه أبو عمران الفاسي.اهـ
-وقال القاضي عياض في “ترتيب المدارك” خلال ترجمة محمد بن عبد الله الطليطلاي: وتكلم فيه أبو عمران الفاسي، ومسلمة بن قاسم. قال أبو عمران، وقال مسلمة: أخذ كتب ابن قادم القروي الحنفي، ونسبها إلى نفسه، وحملت عنه”.اهـ
وإنما اخترت هذين النقلين، لأنهما من علَمَين من أعلام نقد الرواة وتمحيص الروايات، ولم يكن لهما أن ينقلا عن أبي عمران إلا شهادة له بالتمكن في هذا العلم والتبحر في معرفة الرجال، وهو الحقيق بأبي عمران الفاسي رحمه الله.
الخاتمة
أبو عمران موسى بن عيسى الفاسي رحمه الله أحد أئمة الإسلام وعمد علوم الشريعة في تاريخ الثقافة الإسلامية، ضاعت أكثر كتبه، وبضياعها ذهب علم كبير ووفير، لولا بعض نقولات أكابر أعلام الأمة عنه، التي تدلُّ على أن الرجل لم يكن صغير الشأن، بل كان من النجوم الزاهرة في سماء المعرفة؛ ولو أن أبا عمران الفاسي ادعى الاجتهاد المطلق لكان خليقا به، ولزاحم في الفهم والدراية والضبط والرواية كثيرا من مدعي الاجتهاد من أقرانه كابن حزم الظاهري رحمه الله.
ولذلك أرى أن الذي حجب أبا عمران الفاسي عن التصدر في قائمة التاريخ المعرفي هو الانحياش في ظل المذهبية واختيار التقليد على الادعاء الاجتهادي، إلا في نوازل تراه فيها يتجاوز حدود القواعد المذهبية مراعاةً منه لأحوال المستفتين وظروف المسألة، ولو ادعى الاجتهاد لكان من أفراد الزمان فيه.
والحمد لله رب العالمين
وكتب عدنان بن عبد الله زُهار
مساء يوم الأحد 9 ربيع الآخر 1430/5 أبريل 2009
مصادر ومراجع
1 ـ أحكام القرآن لأبي بكر محمد بن عبد الله ابن العربي/تحقيق محمد عبد القادر عطا/دار الفكر/لبنان
2 ـ الإكمال في رفع الارتياب عن المؤتلف والمختلف في الأسماء والكنى لعلي بن هبة الله بن أبي نصر بن ماكولا/ الناشر دار الكتب العلمية/ 1411/بيروت
3 ـ الجامع لأحكام القرآن للقرطبي/دار الشعب/القاهرة
4 ـ الذخيرة لشهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي/تحقيق محمد حجي/دار الغرب/1994م/بيروت
5 ـ الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني لأحمد بن غنيم بن سالم النفراوي المالكي/دار الفكر/1415/بيروت
6 ـ المعين في طبقات المحدثين للذهبي/تحقيق د. همام عبد الرحيم سعيد/دار الفرقان/1404/عمان/ الأردن
7ـ المغني في الضعفاء للإمام شمس الدين الذهبي/تحقيق الدكتور نور الدين عتر
8 ـ المقتنى في سرد الكنى لمحمد بن أحمد بن عثمان الذهبي/تقيق محمد صالح عبد العزيز المراد/الجامعة الإسلامية بالمدينة/ 1408هـ/المدينة المنورة – السعودية
9 ـ المنتقى شرح الموطا لأبي الوليد الباجي/دار الكتب العلمية/تحقيق محمد عوض الله/1427
10 ـ الموافقات في أصول الفقه لإبراهيم بن موسى الشاطبي/تحقيق عبد الله دراز/دار المعرفة/بيروت
11 ـ تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام للذهبي/تحقيق د. عمر عبد السلام تدمرى/دار الكتاب العربي/1407هـ – 1987م/لبنان/ بيروت
12 ـ تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام لبرهان الدين بن فرحون اليعمري/تحقيق الشيخ جمال مرعشلي/دار الكتب العلمية/1422هـ – 2001م/بيروت
13 ـ تبصير المنتبه بتحرير المشتبه لابن حَجَر العسقلاني/طبعة المكتبة العلمية/بيروت/تحقيق محمد علي النجار-مراجعة علي محمد البجاوي
14 ـ تبيين كذب المفتري على الإمام أبي الحسن الأشعري لابي بكر الباقلاني/المكتبة الأزهرية/تحقيق محمد زاهد الكوثري/القاهرة
15 ـ ترتيب المدارك وتقريب المسالك للقاضي عياض/وزارة الأوقاف/المغرب
16 ـ توضيح المشتبه في ضبط أسماء الرواة وأنسابهم وألقابهم وكناهم لابن ناصر الدين الدمشقي/تحقيق محمد نعيم العرقسوسي/مؤسسة الرسالة/1993م/بيروت
17 ـ جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس للحميدي/دار الكتب العلمية/2004/بيروت
18 ـ شذرات الذهب في أخبار من ذهب لعبد الحي بن أحمد الحنبلي/تحقيق عبد القادر الأرنؤوط، محمود الأرناؤوط/دار ابن كثير/1406هـ/دمشق
19 ـ شرح الخرشي على المختصر الخليلي/دار الفكر/بيروت
20 ـ شرح النيل وشفاء العليل/لمحمد بن يوسف بن عيسى أطفيش/مكتبة الإرشاد
21 ـ غاية النهاية في طبقات القراء/دار الكتب العلمية/1390
22 ـ فتاوى البُرزلي/دار الغرب الإسلامي/تحقيق محمد الحبيب الهيلة/2002
23 ـ فتَاوى ورَسَائل الشيخ آل الشيخ/تحقيق محمد بن عبدالرحمن بن قاسم/مطبعة الحكومة بمكة المكرمة
24 ـ فهرس الفهارس والأثبات ومعجم المعاجم والمشيخات والمساسلات/ لعبد الحي بن عبد الكبير الكتاني/تحقيق د. إحسان عباس/دار العربي الإسلامي/1402هـ1982م/النشر بيروت/ لبنان
25 ـ مشارق الأنوار على صحاح الآثار للقاضي أبي الفضل عياض بن موسى/مكتبة العتيقة ودار التراث
26 ـ معجم السفر لأبي طاهر أحمد بن محمد السلفي الأصبهاني/تحقيق عبد الله عمر البارودي/المكتبة التجارية/مكة المكرمة
27 ـ معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار للذهبي/تحقيق بشار عواد معروف, شعيب الأرناؤوط, صالح مهدي عباس/مؤسسة الرسالة/1404/بيروت
28 ـ مواهب الجليل لشرح مختصر خليل لمحمد بن عبد الرحمن المغربي/دار الفكر/1398/بيروت
#عدنان_زهار