الزاوية التجانية النظيفية[1]
تعد الزاوية النظيفية من أهم الزوايا الممثلة للطريقة التجانية بمراكش ، وقد تمكنت رغم حداثتها النسبية من نشر الطريقة الأحمدية ، وجلب المريدين من أرجاء المغرب ، وأحيانا من خارجه، إلى جانب مساهمة شيوخها في إغناء المشهد الصوفي والعلمي بمجموعة من الكتابات الصوفية والأدبية والفقهية . ويعود الفضل في تأسيس هذه الزاوية إلى العالم أبو الفتح مَحمد ـ فتحا ـ بن عبد الواحد بن الحسن بن محمد بن الحسن بن أحمد بن علي بن إبراهيم بن مسعود بن محمد السوسي النظيفي ( نسبة الى قبيلة إذا أونظيف المتاخمة لتارودانت من الجنوب الشرقي ) المراكشي دارا وقرارا ، المالكي مذهبا ، التجاني مشربا .
تأسست هذه الزاوية حسب أحمد بن مَحمد بن عبد الواجد النظيفي ، بدرب الحركاصة سنة 1318هـ ـ 1900 م أو 1901 م. ولما وجد مَحمد بن عبد الواحد النظيفي سِعة من المال بنى سنة 1338 هـ / 1919 م الزاوية الكبرى في حومة القصور بباب الفتوح ، أما محمد المختار السوسي فيُرجع حدث التأسيس إلى سنة 1335 / 1916 أو 1917 م.
نظم الشيخ النظيفي بالزاوية تلاوة الأوراد والأذكار التجانية وتلاوة القرآن الكريم ، وإنشاد الأمداح النبوية من نظمه ونظم غيره ، كما يعقد حلقات للدروس العلمية والدينية ، وظل منذ إنشائها ملازما فيها إمامة المصلين حتى أقعده المرض سنة 1362 هـ/ 1943 م، فعهد إلى ابنه بتلك المهمة التي نص ظهير للسلطان محمد بن يوسف على إبقائها في صلب الشيخ محمد بن عبد الواحد النظيفي .
إلى جانب ذلك ، استطاعت الزاوية النظيفية التجانية أن توجد لنفسها مكانة داخل المجتمع ، فقد برزت خلال مرحلة الأزمة إبان القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين ، كقوة يمكن الإعتماد عليها في تأطير المواجهة وتوحيد الرؤى حول الموقف من الثورات ، خاصة منها ثورة المدعو بوحمارة . في هذا السياق، انتهج الشيخ النظيفي لتحقيق هذا الهدف ، العمل الدعائي الكفيل بالتأثير في الناس ودفعهم إلى التخلي عن مناصرة عدو المخزن القائم، فقام بتأليف أرجوزتين يدعو فيهما لمناصرة السلطان على الثائر بوحمارة ، جعلهما في كتيب حَمَلَ عنوان “نصرة السلطان وإغاظة الشيطان ” طبع بمطبعة الجنوب المغربي بمراكش ، سنة 1323 هـ / 1905 أو 1906 م.
تجدر الإشارة إلى أن الشيخ مَحمد بن عبد الواحد النظيفي باشر منذ استقراره بمراكش سنة 1316 أو 1317 هـ (مابين 1898 و 1900 م نشاط التأليف ، الذي دارت أغلب ثماره حول الطريقة التجانية وفقهها إضافة إلى بعض الدراسات الأدبية واللغوية .
وقد تميز منهجه بإعتماد الشروح والأراجيز والمنظومات التعليمية لتبليغ المعارف ، ومخاطبة السالكين والمتعلمين حسب عقولهم . ومن بين كتاباته : الياقوتة الفريدة ، والدرة الخريدة على شرح الياقوتة الفريدة ، والطيب الفائح والورد السانح في صلاة الفاتح ، وترياق القلب الجريح تخميس بردة المديح ، مبادئ الإشراق والإسعاد فيما للتجاني من الأذكار والأوراد ، والجوبة النظيفية على الأسئلة المرضية ، وزينة لسان الشادي على تحفة الحاضر والبادي ، ونصرة السلطان وإغاظة الشيطان ، والنفحة الربانية في الطريقة التجانية ….
توفي الشيخ المؤسس سنة 1366 هـ / 1947 م. وقد اقتطع من الزاوية قبل وفاته غرفة ، أوصى أن يدفن بها وأفراد أسرته ، والسبب وراء هذا القرار ما ذكره في آخر كتابه الدرة الخريدة : ” كثر النباشون للقبور في أوائل سنة 1346 هـ / 1927 م، وفشا نبش القبور فاستحسنا دفن موتانا خاصة بزاويتنا بباب الفتوح بمراكش صيانة لهم من النبش ، وسترا للعورة ، ولأن الميت يتأذى[2] به الحي ، ولكون حرمة المومن ميتا كحرمته حيا “.
سمير أيت أومغار ـ لوبنى زبير
بيلوغرافيا منتقاة :
+ ” السوسي محمد المختار ، المعسول ، الدار البيضاء ، مطبعة النجاح ،1383 هـ / 1963م.
+ ” النظيفي أحمد بن محمد بن عبد الواحد ، المواهب اللطيفية في الحياة النظيفية ، ضمن كتاب ” مبادئ الإشراق والإسعاد فيما للتجاني من الأذكار والأوراد ، الدار البيضاء ، مطبعة دار الكتاب الطبعة الأولى ، 1394 هـ .
+ ” النظيفي مَحمد بن عبد الواحد ، الدرة الخريدة على شرح الياقوتة الفريدة ، فاس ، مطبعة العربي الأزرق ، 1323 هـ/ 1905 م.
[1] ـ معالم تاريخية من مدينة مراكش الجزء الأول الصفحة 103 ـ 104 ـ 105 سلسلة مراكشيات طبعة 2018. تأليف سمير أيت أومغار ـ لوبنى زبير
[2] ـ جاء في النص الأصلي من كتاب الدرة الخريدة الجزء الرابع الصفحة 232 مطبعة السعادة بمصر 1346 هـ ” ولأن الميت يتأذى بما يتأذى به الحي”