تتناول الوثيقة التي هي بخط يد سيدي الحاج الحسين الإفراني، والمؤرخة بـ 24 ربيع الثاني 1325 هـ إيضاح وتبيين، أهمية التمسك بهذه الطريقة السنية، ويحث الفقراء المخاطبين بالصبر على المكاره التي تلحقهم في بداية سلوكم، لأن أهل النسبة لا تصفوا مشاربهم إلا في آخر الأمر. كما يوضح من خلالها أنه كان يعير بعض الكتب العلمية لفقراء الزاوية التجانية بحي بريمة. وهذا نصها:
الحمد لله وحده.
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه.
من بزاوية بريمة بمدينة مراكش، وفقكم الله وأعانكم وأفاض عليكم الفيوض الختمية والأسرار الكتمية، وسلام عليكم ورحمت الله وبركاته. هذا فلا تنسوا حق الأخلة.
أما بعد،
فقد وصل إلينا كتابكم الكريم، وفرحت به غاية حيث جعلتمونا من جملة أحبابكم، وعليه فاعلموا مني أنكم قد ظفرتم، والحمد لله، بسبب متين من السعادة فتمسكوا به، فإنه يكفيكم جميع المهمات الدينية والدنيوية، وهو الانخراط في عهد سيدنا الشيخ رضي الله عنه، فإن الحق تعالى قد أفاض عليه وعلى أتباعه فيضة عظيمة من السعادة، قد ألحقتهم بمن قبلهم بلا مشقة، لما علم الله عجزهم عن سلوك الطريق على الوجه المطلوب المصطلح عليه، أخذ بإيمانهم فأوقفهم بالباب، وطوى لهم المسافات التي لا تقطع في الأعمار الطوال، جعلنا الله وإياكم ممن شملته هذه الرحمة وأظلته هذه المنة.
وأن هذه الدار كما علمتم لابد فيها من الصبر، لاسيما أهل النسبة إلى الله تعالى أمثالكم، فإنهم لا تصفوا لهم المشارب إلا في آخر الأمر، كما قال تعالى: (أَلَمِّ اَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُّتْرَكُواْ أَنْ يَّقُولُواْ آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ) (سورة العنكبوت: 2).
فافهموا وأصحاب الشيخ رضي الله عنه، قال: إن الله تعالى قد تفضل عليهم بلطف خاص دون غيرهم، فلا تنالهم الشدائد الدنيوية كما تنال من غيرهم، بل تحفهم الألطاف من جميع النواحي في جميع أحوالهم، إلا من فرط أو ضيع أوراده، فمن وجد شيئا من ضيق الحال فليلتفت إلى دينه ثم يتدارك ما فرط فيه، يتسع حاله في الحين ويأتيه الفرج من كل وجه، لأنهم من أهل الدائرة الفضلية المكنوزة من وراء الدوائر التي هي دوائر الأمر والنهي، والجزاء خيرا أو شرا، والاعتبارات واللوازم والمقتضيات، فإن هذه الدوائر هي دوائر عموم الخلق، وتلك الدائرة الفضلية هي دائرة اختصاصه واصطفائه تعالى، فيضعها لمن يشاء من خلقه، قد جعل الله فيضها فائضا من بحر الجود والكرم، لا يتوقف فيضها على وجود سبب ولا شرط ولا زوال مانع، بل الأمر فيها واقع على اختصاص مشيئته فقط ولا يبالى بمن كان فيها، وفَّى بالعهود أم لا، انتهج الصراط المستقيم أم سقط في المعاصي في الطريق الوخيم، ولا يبالي فيها لمن أعطي وعلى ماذا أعطي، ومن وقع في هذه الدائرة من خلق الله كملت له السعادة في الآخرة بلا شوب ألم ولا ترويع، وفيها أوقع الله الشيخ التجاني رضي الله عنه وجعلها الله تعالى دائرة أهل طريقته، وأوقعهم فيها فضلا منه تعالى وجودا وكرما لشدة عنايته به رضي الله عنه.
فاحمدوا الله واشكروه على أن جعلكم من أهلها، ودوموا على أوراده اللازمة بشروطها وآدابها المرعية، تظفروا وتفوزوا بما وعدكم به الشيخ رضي الله عنه عن الحضرة المصطفوية.
وقد كنت تركت الكتب للفقراء مدة إلى حركتكم منا ما حركنا إلى الكتب.
بارك الله لنا فيكم والمكتوب أعلاه سر من أسرار الطريقة والسلام في 24 من ثاني الربيعين عام 1325 كتب الفقير إلى رحمة الله وعفوه خديم الأعتاب التجانية الحسين بن الحاج أحمد الإفراني بتزنيت أمنه الله بمنه آمين.