الزاويا التجانية بتونس لها تاريخ مجيد مرتبط بالتطور الذي عرفته الطريقة التجانية بعد الشيخ رضي الله عنه بإفريقيا عموما وبشمال إفريقيا خصوصا منذ عهد سيدي ابراهيم الرياحي إلى فترتنا المعاصرة. والزاوية التي بين أيدينا اليوم والتي تحمل إسم الزاوية التجانية بباب منارة تقف شامخة معتزة بنضالها الطويل من أجل نشر كلمة الله العليا بتوجيه رباني من المشرب التجاني التماسني.
زاوية باب منارة من التاسيس الى التجديد
الموقع: تقع زاوية باب المنارة في نهج سيدي الزواوي، عدد 10، تونس.
التأسيس: لقد حج الشيخ سيدي محمد العيد مرتين مرورا بتونس.
فأما الأولى كانت عام 1856 في عهد محمد باشا باي الذي أكرمه وأنزله بقصر القصبة.
والثانية عام 1866 في عهد الصادق باشا باي، أما …تأسيس الزاوية فكانت قبيل الحجة الثانية لكنها لم تشتهر إلا في عهد الشيخ سيدي حمة.
وفي عام 1887 أي في حجة الشيخ سيدي حمه شرع في بناء الزاوية، أما المسجد فتقول الروايات أنه بني في عهد الشيخ سيدي محمد العيد الأول. وفي ذي الحجة من عام 1306 الموافق لـ أوت 1889 أضاف إليها الخليفة الشيخ سيدي حمة مخزنين.
وفي خلافة الشيخ سيدي حمة رمم مسجد الزاوية الذي أشرف عليه أخوه سيدي أحمد بن الشيخ سيدي محمد العيد. مقدمو الزاوية: أما من تولى شؤونها نيابة عن الخلفاء منذ تأسيسها فهو المقدم الكبير سيدي علي بن بلقاسم الرزقي، المولود عام 1815، المتوفى آخر شهر ديسمبر عام 1900.و بمساعدة بعض المقدمين منهم المقدم عمارة بن نصيب والمقدم علي بن المقدم صالح النيفر المعروف بـ ?علالة النيفر?. .
أما المقدم سي علي النيفر، فولد عام 1845، حفظ القرآن في صغره، ثم وفد جامع الزيتونة وحضر دروس ثلة من أعلامه، كان ناظما للشعر مبدعا فيه، كما تقلب في وظائف شتى. وفي بداية عهد الشيخ سيدي حمة واصل المقدم سيدي علي بن بلقاسم الإشراف العام على الزاوية.
وبعد وفاة سيدي علي بن بلقاسم تولى الإشراف العام على الزاوية نجله محمد الطاهر بمساعدة بعض المقدمين منهم المذكور سابقا سي علي النيفر، والفاضل محمد بن أحمد بن عون توفي هذا الأخير عام 1920.
في خلافة الشيخ سيدي البشير تولى شؤونها المقدم سي محمد بن قيزة بمساعدة المقدم سي أحميدة بن الحسين. وبعد وفاة المقدم سي أحميدة بن الحسين تولى أمر الزاوية نجله المقدم سي صالح أو أخوه المقدم سي الحاج الطاهر وكل ذلك تحت وصاية المقدم الكبير محمد بن قيزة.
وبعد وفاة هذا الأخير تولى شؤونها المقدم سي عبد العزيز النيفر، المولود عام 1885، حفظ القرآن ثم دخل جامع الزيتونة، نال شهادة التطويع بعد أن تعلم اللغة الفرنسية وأتقنها، ودرس بجامع الزيتونة، ثم تنازل له والده رحمه الله عن خطته وصدر الأمر بولايته عام 1913 وظل يباشرها إلى أن توفاه الله تعالى. وقد واصل المقدم سي عبد العزيز النيفر الإشراف على الزاوية في خلافة الشيخ سيدي محمد العيد الثاني حيث كان له اعتناء خاص به، فداره المقابلة للبحر بالمرسى كانت معدة لنزوله عند زيارته لتونس. كما كان للمقدم سي الشاذلي بن معافى دور تنويري في هذه الزاوية و نستشف ذلك متن رسالة بعثها لتماسين يطلب الإذن من الخليفة الشيخ سيدي محمد العيد في قراءة كتاب الجامع لسيدي محمد بن المشري وذلك عام 1920. وفي خلافة الشيخ سيدي أحمد التجاني التماسيني، استمر التكليف للمقدم سي عبد العزيز النيفر وفي سنتي 1950/1951 كلفه الخليفة الشيخ سيدي أحمد ببناء خمس غرف وقاعة في السطح للطلبة من أبناء الزاوية الذين يدرسون في الزيتونة. توفي المقدم سي عبد العزيز شهر غشت 1958 و دفن بالمرسى. وبالموازاة مع تكليف المقدم سي عبد العزيز النيفر، كلف الشيخ سيدي أحمد عام 1947 المقدم سي الحسين المغربي السوسي مساعدا له، فاهتم بعمارة الزاوية من خلال الوظيفة اليومية، كما كان متصفا بالحزم مع زوار الزاوية ولا يخاف في الله لومة لائم، توفي المقدم سي الحسين سنة 1964.
كما لا ننسى دور أبناء الإمام التماسيني في ازدهار الزاوية من خلال الجلسات العلمية منهم: سيدي لحسن بن سيدي الصادق، المجاز من قبل الخليفة الشيخ سيدي أحمد التجاني التماسيني، وسيدي التجاني? 1902/1985? بن سيدي الحبيب وسيدي البشير بن سيدي محمود وسيدي عماري بن سيدي الصادق وسيدي محمد الصغير ووالده سيدي أحمد العروسي، هذا الأخير كان الواسطة بين بعض المقدمين وخلفاء تماسين.
وبعد وفاة المقدم المذكور آنفا كلف الشيخ سيدي أحمد المقدم محمد الزاوي بوغزالة، الذي واصل عمارة الزاوية كما كان سلفه حيث استمرت الوظيفة يوميا، وهو مجاز من طرف سيدي محمد الطيب التجاني التماسيني، توفي المقدم المذكور في بداية خلافة الشيخ سيدي محمد البشير الثاني. وبعد وفاة المقدم محمد الزاوي تولى شؤون الزاوية من بعده المقدم محمد العيد بن الطاهر بن محمد الصغير المحنط المدعو حمادي إلى يومنا هذا، المولود بتونس في 23 مارس 1928 وذلك بتوكيل من الخليفة الشيخ سيدي محمد البشير الثاني بتاريخ 19 يوليوز 1979 من طرف سيدي لحسن بن سيدي الصادق التجاني. وفي خلافة الشيخ سيدي محمد العيد الثالث، واصل المقدم محمد العيد المحنط توليه الزاوية بتوكيل من الخليفة المذكور بتاريخ 04 سبتمبر2000.
أضرحة الزاوية: كان في الزاوية عدة قبور لكنها حولت لغرض تجديد الزاوية، لكن لابد من ذكرها للتاريخ. فأول من دفن في الزاوية المقدم سي إبراهيم بن محمد السوداني، وكان ذلك سنة 1874، أي قبل وصول الشيخ سيدي معمر لتونس في زيارته المشهورة. ثم دفن بها سيدي العيد بن سيدي الصادق عام 1946. كما قبر بها كذلك سيدي لخضر بن سيدي محمد الكبير، عام 1949.
تجديد الزاوية: أما تجديدها فبدأت الفكرة والتحضير لإجراءاتها في شهر غشت 2002، وتمت كل الإجراءات و الموافقة بتاريخ 14 يونيو 2007، ونظرا لأهمية المشروع فقد عزز سيدنا الخليفة الطاقم المشرف على الزاوية بالمقدم سي الحسين أويشخ المعروف بـ ? الحسين أمقران? والفاضل الأستاذ سي علي بن المقدم سي عبد العزيز النيفر المذكور سابقا، وكأن التاريخ يعيد نفسه كما كان والده المقدم سي عبد العزيز وجده المقدم سي علي.
و بعد انتهاء أشغال التجديد أقام سيدنا الخليفة احتفالا بالمناسبة وذلك مساء يوم الخميس 15 يوليوز 2010 بقراءة الوظيفة والهيللة وتوجت بالقرآن والدعاء بعدها وإهداء ثوابها لكل من ساهم في عمارة هذه الزاوية من التأسيس إلى التجديد، وذلك بحضور جمع غفير من أبناء سيدي الحاج علي التماسيني ومقدمي ومريدي الطريقة التجانية بتونس كزاوية سيدي إبراهيم الرياحي وزاوية الطرنجة وزاوية سفاقص وزاوية لمظيلة وزاوية حزوة وغيرها.
وقد أكد سيدنا الخليفة الشيخ سيدي محمد العيد في جلساته مع مقدمي الطريقة ومريديها بتونس على ضرورة الالتزام بتعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، والعمل بوصايا الشيخ سيدي أحمد التجاني رضي الله عنه و خليفته الأعظم سيدي الحاج علي التماسيني رضي الله عنه بخصوص الاستقامة والإخلاص وتقوى الله في السر و العلن والتسامح مع عباد الله، كما حث على المساهمة بجدية في ازدهار الوطن وخدمته ونصرته، و الاستجابة لكل ما فيه مصلحة البلاد والعباد. وختاما دعا إلى عمارة الزاوية بقراءة القرآن و الأذكار و إحياء كل المناسبات الدينية.
نقلا عن صفحة ( الفسبوك ):
Med Laid Tidjani