فضل يوم عرفة/ أحكام و آداب أضحية العيد
الخطبة الأولى:
*الحمد لله قال و هو أصدق القائلين:” وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ، فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ، فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ، كَذَٰلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (36) لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ،كَذَٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ،وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (37)الحج
* و الصلاة و السلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد القائل:” مَا عَمِلَ آدَمِيّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ إِنَّهَا لَتَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلَافِهَا وَأَنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنْ اللَّهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنْ الْأَرْضِ فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا”(الترمذي في سننه عن عائشة)
* و نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له * ونشهد أن سيدنا و نبينا و مولانا محمدا عبد الله و رسوله ومصطفاه من خلقه و خليله، خيرَ من أقام شعائرَ الله و عظـَّمَها، ضحى صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين، ذبحهما بيده، و سمَّى و كبَّر و وضع رِجْلـَهُ على صِفـَاحِهِما و قال:”أمِرتُ بيوم الأضحى عيداً جعله الله لهذه الأمة” صلى الله عليه وسلم من نبي أمين ناصح حليم، و على آله وصحابته الهداة المهتدين وعلى من حافظ على دينه و شريعته، و استمسك بهديه و سنته إلى يوم الدين،
*أما بعد،عباد الله! روى البيهقي و غيرُهُ عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :” مَا ِمْن أَيَّامٍ أَفْضَلُ عِنْدَ اللهِ وَلَا الْعَمَلُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ (يعني العشر من ذي الحجة) ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنْ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ، فإنها أيام التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَذِكْرِ اللهِ، وَإِنَّ صِيَامَ يَوْمٍ مِنْهَا يَعْدِلُ بِصِيَامِ سَنَةٍ، وَالْعَمَلُ فِيهِنَّ يُضَاعَفُ سَبْعَمِائَةِ ضِعْفٍ” فاتقوا الله عباد الله! و لا تُفـَوِّتـُوا عليها اغتنامَ النفحات، فالدعوات فيها مقبولة، خصوصا يوم عرفة يوم أكمل الله فيه الدين لهذه الأمة، و أتم عليهم فيه النعمة إذ رضي لهم الاسلام دينا، فيه نزلت الآية الكريمة :” اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الاسلام دينا”المائدة 5 كان ذلك يوم الجمعة و رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم بعرفة. عن عائشة رضي الله عنها قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ما مِن يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول : ما أراد هؤلاء ) مسلم وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( خير الدعاء دعاء يوم عرفة ، وخير ما قلت أنا والنبيّون من قبلي : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيءقدير ) الترمذي .وقد اختلف العلماء هل هذا الفضل للدعاء يوم عرفة خاص بمن كان في عرفة أم يشمل باقي البقاع ، والأرجح أنه عام ، وأن الفضل لليوم ، ولا شك أن من كان على عرفة فقد جمع بين فضل المكان وفضل الزمان .
-عباد الله – اعلموا و أنتم في غمرة الاستعداد ليوم عيد الأضحى أنه يتعين عليكم إتقانُ النية في كل عمل تقومون به للتقرب إلى الله تعالى،” فإنما الأعمال بالنيات و إنما لكل امرئ ما نوى”، فاقصدوا وجه الله، و انْوُوا امتثال أمره، و اتباع هدي نبيه صلى الله عليه وسلم ، و لا تكونوا من الغافلين الذين لا يفرقون بين العادة و العبادة، و أفحش من ذلك أن تكونوا ممن يأتون بالعبادة على وجه العادة دون قصد القربة و الامتثال، أو تدخلوا على هذه الشعيرة من البدع و الزوائد تقليدا لما تفشي في المجتمع من العوائد، مما لم يأمر به الشرع و لا أذِن فيه، فتفقهوا هداكم الله في أمر دينكم، واسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون.
* فحُكمُ أضحية العيد في الشرع: أنها سنة مؤكدة في حق الموسرين- أي القادرين عليها- بحيث لا يحتاجون إلى ثمنها في أمر ضروري خلال عامهم، و ليست بسنة في حق الفقراء المعسرين، فلا تركبوا المخاطر من أجل تحصيل ثمنها، فإنكم بهذا التكلـُّف لا تتقربون إلى الله، بل تعصونه و تغضبونه،*واعلموا هداكم الله:أن الأضحية يجوز إخراجها من الغنم(الضأن و المعز) و من البقر و الإبل، غير أن الكباش أفضل، لأنه فِعلُهُ صلى الله عليه وسلم ، و يُشترط في الغنم أن يكون قد دخل السنة الثانية ولو بيوم واحد( فمَن وُلد في يوم عرفة من السنة الماضية يصِحُّ أضحية ًهذه السنة)، و أما الماعز فينبغي أن يكون دخوله في السنة الثانية بيِّنًا كالشهر، و يُشترط في البقر أن يدخل في السنة الرابعة، و في الإبل أن يدخل في السنة السادسة، هذا فيما يخص سِنَّ الأضحية. ( ومن هنا تعلمون أن ما يفعله كثير من الناس من عدم مراعاة شرط السن في أضحية العيد مخالف لهديه صلى الله عليه وسلم)* أما الأفضل في جنسها: فذكورُها أفضلُ من إناثها.
* و أما شروط صحة الأضحية فأربعة: الأول: النهار فلا تصح بليل، و النهار يُعتبر بعد طلوع الفجر إلا في يوم العيد فلا يجوز ذبحُها إلا بعد صلاة العيد وبعد ذبْحِ الإمام ومن ذبح قبل الصلاة، أو بعدها لكن قبل ذبح الإمام فعليه أن يعيد الأضحية.الثاني: إسلامُ ذابحها، فلا تصح بذبح كافر أو كتابيِّ( يهودي أو نصراني). و للعلماء في ذبيحة من يضيع الصلاة خلاف.الثالث: السلامة من الاشتراك في ثمنها، فإن اشترك اثنان أو أكثر في ثمنها، أو كانت في ملكهم شرِكَة ً بينَهم فذبحوها، لم تـُجْزِعن واحدٍ منهم هذا هو القول الراجح و الصحيح في المذهب المالكي و أما التشريك في الثواب فيصح قبل الذبح لا بعدَه بشروط ثلاثة:
1) أن يكون المُشـَرَّك قريبا للمُشَرِّك، كابنه، و أبيه، و أخيه و ابن عمه، و يُلحق بالقريب الزوجة. 2) أن يكون المُشَرَّك ممن ينفق عليه المُشَرِّك سواءً كانت النفقة واجبة: كالنفقة على أبوين فقيرين، أو ابن فقير، أو كانت غير واجبة أي تطوعية: كالنفقة على الأخ و ابن العم.
3) أن يكون المُشرَّك ساكنا مع المشَرِّك في دار واحدة. والشرط الرابع للأضحية: السلامة من العيوب البيِّنة الواضحة فعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:” أربع لا تجوز في الأضاحي: العوراء بَيِّنٌ عورها، و المريضة بَيِّنٌ مرضها، و العرجاء بَيِّنٌ ضلعها و الكسير( أي العجفاء الهزيلة) التي لا تنقي”. مالك في الموطأ
عباد الله! اعلموا أنه يُستحب للمضحي أن يضحي( أي يذبح أضحيته) بنفسه إذا كان قادرا على ذلك، وأن يَشْهَدَ ذبْحَها إن أنابَ غيرَه في ذبحها، فقد قال صلى الله عليه وسلم لابنته فاطمة:” قومي إلى أضحتيك فاشهديها، فإنه يُغفر لك عند أول قطرة من دمها كل ذنب عملتيه” ( رواه الحاكم و البيهقي والطبراني و البزار) * واعلموا أيضا -هداكم الله- أنه من آداب الذبح: أن يُحِدَّ الذابح شفرته، و يُريحَ ذبيحته، وأن لا يجُرَّها بعنف، و لا يشرع في سلخها قبل أن تهدأ نفسُها، و أن يوجهها إلى القبلة، و أن لا يذبحها و ضحية أخرى تنظر إليها، فإنه منهي عنه لما فيه من التعذيب، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : مَرَّ رَسُولُ اللَّهِصلى الله عليه وسلمعَلَى رَجُلٍ وَاضِعٍ رِجْلَهُ عَلَى صَفْحَةِ شَاةٍ وَهُوَ يُحِدّ ُ شَفْرَتَهُ وَهِيَ تَلْحَظُ إِلَيْهِ بِبَصَرِهَا، فَقَالَ : ” أَفَلا قَبْلَ هَذَا ؟ تُرِيدُ أَنْ تُمِيتَهَا مَوْتَتَيْنِ”(رواه الطبراني في الاوسط) واعلموا أنه يحرُمُ بيعُ شيء من الأضحية كالجلد أو الصوف، أو العظم، أو القرن، أو اللحم أو المصارين كما لا يجوز دفعُ شيءٍ من ذلك للجزار أجرة ًعلى جزارته، وأما المُتـَصَدَّقُ عليه، أو الموهوب له منها: فله أن يتصرف بما أعطي كما يشاء و لو بالبيع. ثم لا تنسوا -عباد الله- أن الدم المسفوح حرام حرمة شديدة كحرمة الميتة و لحم الخنزير، فإياكم و تناولـَه أو ترك من يفعل ذلك، فإنه من فِعل الجاهلية فاجتنبوه و انهوا عنه.وفقنا الله جميعا لما يحبه و يرضاه و رزقنا السداد في القول و العمل والانتفاع بالذكر الحكيم و كلام سيد الأولين والآخرين .سبحان ربك رب العزة عما يصفون، و سلام على المرسلين و الحمد لله رب العالمين
الخطبة الثانية
* الحمد لله على نواله و إفضاله، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد النبي الأمي، الصادق الزكي، و على آله، وعلى جميع من تعلق بأذياله، و نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده و رسوله و بعد
عباد الله! لا يمكن أن نستوفي موضوع الأضحية من جميع جوانبه في هذه الخطبة، فعليكم بسؤال أهل العلم من الفقهاء المعتمدين فيما يخص فقه الأضحية مما خفي عنكم أو احتاج إلى توضيح.
عباد إن الله سخر لنا الغابات ثروة مهمة تزخر بها بلادنا و لها أدوار أساسية في المحافظة على التنوع البيولوجي و حماية التربة من الانجراف و تحسين الظروف البيئية و توفير الراحة و الفسحة مع الادوار الاقتصادية و الاجتماعية و هي تواجه سنويا حرائق تتلف ما يفوق 3000 هكتار ناجمة عما يفوق 460 حريقا عبر التراب الوطني وغالبها ناجم عن سلوك الإنسان المتهور عن طريق الإهمال أو السهو التعمدن لذلك يجب اتخاذ الاجراءات اللازمة و الاحتياطات الضرورية لتفادي هذه الحرائق المكلفة ماديا و المتلفة للغطاء النباتي مثل تفادي إ ضرام النارداخل أو جنبات الغابة و تجنب رمي السجائرخلال التنزه أو خلال ممارسة بعض الأنشطة المهنية أو الفلاحية و كذا ضرورة إبلاغ السلطات المحلية عند معاينة اندلاع أي حريق بالمجالات الغابوية. قال تعالى:( ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ذلكم خير لكمُّ إن كنتم مومنين).*واستعينوا على ذلك كله بالإكثار من الصلاة و التسليم على ملاذ الورى في الموقف العظيم اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق، و الخاتم لما سبق، ناصر الحق بالحق، و الهادي إلى صراطك المستقيم، و على آله حق قدره و مقداره العظيم (سبحان ربك رب العزة عما يصفون) (و سلام على المرسلين، و الحمد لله رب العالمين).
الخطبة من إنشاء عبد ربه الفقير إلى فضل الله و رحمته :” ذ. سعيد منقار بنيس”
الخطيب بمسجد ” الرضوان ” لافيليت /عين البرجة/ الدار البيضاء
أستاذ العلوم الشرعية بالمدرسة القرآنية التابعة لمؤسسة مسجد الحسن الثاني
مفتش منسق جهوي لمادة التربية الإسلامية للتعليم ثانوي متقاعد
البريد الالكتروني الالكتروني
mankarbennissaid@gmail.com