يشير صاحب هذه المقالة، السيد الداه بن محمد عبد الرحمان بن الشيخ أحمد بن الشيخ محمد الحافظ الشنقيطي، ويبين ويوضح أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر له شروط وقواعد أهمها إتقان فهم علم الخلاف.
مناظرة بين الصمت والكلام وحكمة دعوة الإسلام للسلام
تأليف: الداه بن محمد عبد الرحيم بن الشيخ أحمد بن الشيخ محمد الحافظ الشنقيطي
تقديم
الحديث عن أمور من الشرع مختلفة يحتاج إلى بسط في القول ونثر يملي من الأدلة ويوثق بالآيات والأحاديث وهذا ما لا تكفيه أكبر الدواوين والصحف، لكن غيرة العالم الموريتاني على هذا الدين وحرصه على أن يكون بالمرصاد للمستجدات من إضافات العصر الحديث كانت ذات تأثير مهم في جعله يهتدي إلى أنجع الطرق وأقصر السبل في إرشاد الناس وإنارة المنهاج السليم أمامهم بصورة غير مملة ولا صعبة الاستيعاب، وذلك عن طريق ظاهرة النظم التي تميز منهج علمائنا في الدعوة والإرشاد والتعليم.
ومن أهم ما يحتاجه المسلمون اليوم منهاج سليم ينتجه الدعاة إلى الله للمحافظة على وحدة المسلمين لتضييق هوة الخلاف، وأخذ العناصر التي تزيد الالتحام والتآخي. والإعراض عن أسباب التباعد والتباغض.
وفي هذا السياق يأتي هذا النظم الذي هو أحد آثار علم بارز وشاهد متميز على عصرنا وناقد موجة للسلوك الاجتماعي والسياسي والديني عبر التشخيص الدقيق والمعالجة بمختلف مستويات الخطاب (شعرا فصيحا وشعبيا ونثرا وأنظاما).
وإذا كانت قامتي العلمية تقف بي دون الوفاء بتعريف الناظم، وتقديم النظم كما ينبغي فإنني لن استسلم للضعف بحجة الأمانة مع النفس بل سأحاول البعض مع الجهد عملا بالقولة المأثورة: “العجز عن الكل لا يبرر ترك الجل”، وسأبرز في هذا التقديم بعض التداعيات التي تولدت لدي من قراءة النظم.
فقد استطاع الداه ولد الطلبة بقدرته التوجيهية الفائقة وخبرته في امتلاك ناصية الخطاب، وتمرسه في فن النصيحة وإخلاصه لمبدإ التغيير البناء والإصلاح في سلوك المجتمع الإسلامي أن يقدمه في مائة بيت محكمة النسيج قوية السبك بالغة التأثير أهم مفاتيح المنهاج الشرعي السليم، مثل الصمت الذي هو مفتاح النجاة: الصمت في ميزان الضر والنفع!
صــمـتـك عـن شــر أعــز مـفــخـر لـكـن عـن الــذكر ضـياع الـعــمــر
ومثل قيمة المسألة كرمز للتآلف والتآخي، والتماس أحسن المخارج للمسلم، فليس للمسلم أن يكفر أخاه بحيث «يبوء بها أحدهما» كما أن مبدأ حسن الظن بالمسلم مبدأ يحتاجه المسلم في تعامله مع أخيه لأن حسابه على من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
وقضايا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلاقة المسلم بأخيه المسلم هي من أهم أمور الإسلام والمسلمين اليوم لأنه من المأثور أن “شرط النهايات تصحيح البدايات”.
فما هو المنكر ومن المسؤول عن تغييره؟ ومتى وكيف يغير المنكر؟ وبأية وسيلة؟ كلها نقاط أساسية يحتاجها الفرد في ذاته ومحيطه ليظل في حدوده الطبيعية حاكما بالظواهر تاركا أمر السرائر إلى الله المحيط بها، وقد أبرزها الناظم «وليس من الموعظة الحسنة» التضييق على المسلمين وسوء الظن بالله وبعباده لأنهما خصلتان ليس فوقهما شر.
وهكذا يكون هذا النظم مولودا جديدا في شجرة آثار المؤلف وحجة ينبغي التمسك بها والعمل بهديها ليكون إسلامنا صحيحا.
فالله نرجوا أن يجزي صاحب النظم أوفى الجزاء على عمله الصالح في زمن الفساد وأن يمد في عمره معلما بارزا يهتدي به السائرون في هذا الدرب، وأن يعين المسلمين على التهدي به والعمل بمقتضاه ليتحقق الهدف السامي الذي ينشده الناظم.
محمدن ولـد محمد الحافـظ ولد أحمد وفال
أستاذ سلك ثالث
مدير التعليم العالي بوزارة التهذيب الوطني