هذه المحاضرة للداعية التجاني السيد إبراهيم خالد، نشرت بمنتدى نفحات، تناول فيها صاحبها ميزات عشر للطريقة التجانية بعد التذكير بترجمة الشيخ التجاني رضي الله عنه وسيدي علي التماسني.
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
نشأة الطريقة التجانية وتطورها
الحمد لله المحمود بنعمته ، المعبود بقدرته ، المرهوب من عذابه وسطوته ، النافذ أمره في سمائه وأرضه بحكمته ، الذي خلق الخلق بقدرته ، وميّزهم بأحكامه ، وأعزّهم بشريعته ، وأكرمهم بنبيّنا سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ، ورضي الله عن شيخنا أبي العباس أحمد بن محمد التجاني ، وعلى خليفته الإمام التماسيني ، وعلى سائر الخلفاء الميامين البررة . أما بعد :
فإنّ الله جلّت قدرته خلق الإنسان من أجل معرفته وعبادته قال تعالى : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (1)
ولمّا كان الدين الإسلامي خاتم الأديان السماوية ، لم يبْق صراط موصل إلى الله غيره ، فهو منهاج كامل متكامل ، وبنظرة خاطفة لتعاليمه ، ومن حيث تعلقها بالمكلف ، تتمايز إلى نوعين :
1. أحكام ظاهر المكلف (المحسوسات) ويمكننا أن نقسمها إلى قسمين :
o أوامر : كأمره صلى الله عليه وسلم بالصلاة ، و الصيام … .
o ونواهي : كَنَهْيِه عن السرقة ، و الرّبا ، والرشوة ، وشرب الخمر .
2. أحكام تخصّ باطن المكلّف ( المعنوية ) ، ويمكننا تقسيمها أيضا إلى قسمين :
o أوامر : كأمره بالإيمان ، والتوبة ، والصبر ، والصدق …
o ونواهي : كَنَهْيِهِ عن الكفر ، والشرك ، والنفاق ، والرياء ، والزّور ، والبهتان … .
و لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم هو القائم على تطبيق هذه التعاليم بِشِقَّيْها الظاهر والباطن ، أوامر ونواهي . قال تعالى : هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ . (2) وبعد انتقال النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى خلَفَهُ في هذا المقام صحابتُه الكرام ، فاضطروا إلى تنصيب خليفة يهيمن على وحدتهم ، ويأخذ بنواصيهم إلى الخير و الفلاح .
وبدأت العلوم تتمايز في عهد الخلفاء ، و ظهر أهل الإختصاصات ، فمنهم مَنْ اهتمّ بالقرآن ، وأحكامه ، وعلومه ، وتفاسيره ، وأسباب النزول ، والقراءات . واهتمّت طائفة أخرى بالحديث النبوي الشريف ، وأحكامه . بينما نَجِدُ من اهتم بالأحكام الشرعية التي تخص ظاهر المكلف ، وسمُّوهُم الفقهاء . واهْتَمّتْ طائفة بعلاقة الإنسان بربه فألّفَت في العقائد ، فبرز علمُ الكلام . و توجّهتْ طائفة لدراسة الأحكام الشرعية الخاصة بباطن الإنسان ـ أو فَلْنَقُلْ قلبه ـ أوامر ونواهي ، فسَمُّوهُم الصّوفية ، وعِلْمُهُم كل عِلمٍ يدعو إلى انسلاخ العبد من حظوظه وشهواته ، وتَبَرِّيه مِنْ مشاهدة حَوْلِه وقوّته ، ومباعدته عن كلّ ما يُفضي لجلب الشقاء لنفسه دنيا و أخرى ، والعلم بكل ما يدعو إلى وقوف العبد مع الله في صميم التوحيد ، وخروجه عن الغير والغيرية علما وعملا . فظهر لك أن لهذه الطائفة مزية ، وأنّ لها الرّيادة والهيمنة ، لأن موضوعها الإنسان من حيث هو مخلوق لأداء رسالة معينة متمثلة في معرفة الله ، وعبادته ، والتقرّب إليه بكل ما في الجهد و الوسع . و للعلم ـ أيها السعيد ـ أن هذا العلم ـ تزكية النفس ـ فرضُ عينٍ على كل مسلم يخشى على نفسه هوْل المعاد ، لأن عذاب النار يوم القيامة مترَتَّب على عدم الإمتثال لأوامر الله ، قال تعالى : و نفس وما سوّاها فألهمها فجورها وتقواها قد افلح من زكاها وقد خاب من دسّاها . (3)
ولا يخلو إنسان من أمراض قلبية ، وعِلَلٍ خَفِيّة لا يستطيع أن يدركها بنفسه ، كالرياء ، والنفاق ، والغرور ، والحسد ، بل قد يعتقد أنه أكمل الخلق وأقوَمهم دينا ، وهذا هو الجهل المركب ، قال تعالى : قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا . (4)
لأجل هذا كله كانت الطرق الصوفية مدارس تربية وتوجيه وإرشاد ، ظهرت بأمر الحضرة المحمدية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام تدعو إلى تقييد الغافلين بالأذكار الشرعية تقييدا مشروطا بمتابعة الكتاب والسنة ظاهرا وباطنا .
وهنا آن الأوان للكلام عن الطريق التجانية :
فأصلها كَشْفٌ محمودٌ حُظِيَ به أستاذها ، له نظائر عند صالحي الأمم . و النتيجة عبادة شرعية ثابتة بالكتاب و السنة ، و مظهرها الطبيعي الممتزج بالشريعة التحذير من المقاصد التي تُبَاعد عن مقصد الشكر ، وتؤدِّي إلى تَتَبّع الغايات والأغراض من الأسرار .
ظهور الطريقة التجانية
فاجأ سيِّدَنا الفتحُ الأكبرُ وهو بقصر أبي سمغون سنة 1196 هـ / 1782 م بالجنوب الغربي الجزائري بعد أن عاد من توات. والفتح الأكبر هو رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة ، ومبَاشَرَةُ الأخذِ عنه ، ومخاطبته ، وهو مقام عزيز لا يناله كل أحد. قال صاحب الإحياء :
إعلم أن أرباب القلوب يكاشفون عن أسرار الملكوت ، تارة على سبيل الإلهام بأنْ تخطر لهم على سبيل الورود من حيث لا يعلمون ، وتارة على سبيل الرؤيا الصادقة ، وتارة في اليقظة على سبيل كشف المعاني بمشاهدة الأمثلة كما يكون في المنام ، وهذه أعلى الدرجات . فإيّاك أن يكون حظك من إنكار ما جاوز قصورك ، ففيه هلك من تورع عمن يزعم أنه أحاط بعلم المعقول و المنقول ، و الجهل خيرٌ مِنْ علمٍ يدعو إلى إنكار مثل هذه الأمور عل أولياء الله .
قال الشيخ سيدي أحمد التجاني رضي الله عنه ، مخبرا عن هذه الرؤية ، بأن سيد الوجود صلى الله عليه وسلم صرّح له بأنه شيخه ومربّيه وكافله ، وأنه لا مِنَّةَ لمخلوق عليه ، وأمَرَه بترك جميع ما أخذه من مشايخ الطرق ، وقال له :
ألزِم هذه الطريقة من غير خلوة ولا اعتزال من الخليقة حتى تصل مقامك الذي وُعِدْتَ به وأنت على حالك من غير ضيق ، ولا حرج ، ولا كثرة مجاهدة
وكان ذلك عام 1196 هـ / 1782 م . فأذِنَ له النبي صلى الله عليه وسلم بتلقين الورد لكلّ من طلَبَه منه إذا قبل شروطه . يتمثل هذا الورد في الإستغفار ، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، والكلمة المشرفة لا إله إلاّ الله ، يرتفع سندُ السالكِ فيها إلى الشيخ سيدي أحمد التجاني رضي الله عنه ، إلى سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرة ، دون أيّ واسطة .
ولابد لي من ذكر لمحةٍ موجزةٍ عن حياة مؤسس هذه الطريقة فأقول :
• هو سيدي أحمد بن محمد بن المختار بن أحمد بن محمد بن سالم رضي الله عنه ، وهو شريف حَسَنِي يصل نسبه إلى سيدي محمد النفس الزكية بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن الإمام سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه . وُلِد بِعين ماضي – الأغواط – الجزائر سنة 1150 هـ /1737 م ، أبواه من أهل الفضل بعين ماضي ، وأخواله من بني توجين التي اشتُقَّ منها لقبُ سيّدنا رضي الله عنه .
• تحصّل في مطلع شبابه على العلوم النقلية و العقلية ، حتى أنه أفتى ودرّس وعمره لم يتجاوز 16 بعد .
• بعد فقده لوالديه إثر توفيّهما بسبب تفشي وباء الطاعون في المنطقة ، إزداد شوقه إلى الفرار إلى الله ، ورغب في التقرب إليه ومعرفته .
• في 18 من عمره صار مُدرّسا في قرية عين ماضي ، والْتفّ حوله طلاّب العلم فأفاد وأجاد .
• وفي سنة 1758 م إرتحل إلى المغرب الأقصى قاصدا أهل المعرفة و الصلاح . و بعد رجوعه استوطن بلدة الأبيض سيدي الشيخ ، و مكث بها قرابة الخمس سنوات . وبهذه البلدة زاوية الشيخ سيدي عبد القادر بن محمد المعروف بسيدي الشيخ القطب الصديقي .
• حجَّ إلى بيت الله الحرام وعمره 36 سنة لزيارة مثوى إمام الأنبياء و المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، فانطلق سنة1773 م نحو تونس . إلتقى في طريقه الولي الصالح أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن الأزهري فأخذ عنه الطريقة الخلوتية .
• و التقى في تونس بالشيخ الزاوي .
• وصل إلى مكة في شوال 1187هـ – 1774م . أخذ عن سيدي أحمد بن عبد الله الهندي ـ بواسطة ـ علوما وأسرارا . وفي المدينة المنوّرة التقى بالشيخ سيدي محمد بن عبد الكريم السّمان رضي الله عنه .
• وعند عودته مَرّ بالقاهرة ( 5 ) على الشيخ سيدي محمود الكردي رضي الله عنه .
• وصل تلمسان عام 1774 م ، وفيها التقى بتلميذه الشريف الحسني سيدي محمد بن المشري .
• زار فاس سنة 1777 م ، والتقى حبيبه الأخص ، أبا الحسن سيدي علي حرازم الفاسي الحسني .
• ثم رجع الشيخ إلى أبي سمغون ، حيث وقع له الفتح الأكبر الذي تقدم ذكره سنة 1782 م .
• بعد أن قرّتْ عينُه في هذه الديار الصحراوية الجزائرية ، تزوج بأمَتَيْن ، بعد أن أعتقهما ، وولدت له السيدة مبروكة نجله الأكبر سيدي محمد الكبير خلال 1797م ، وولدت له الثانية لالّه مباركة سيدي محمد الحبيب .
• تأهل الشيخ مهمة التربية ، ولقد شهد له سيدي محمد بن عبد الله الجيلاني :
أما الشيخ أحمد فإنه أخي في الطلب . كان يراقبني في أحوالي و أراقبه في أحواله . عالم بأمور الدين و الدنيا ، جامع بين علمَيِ الشريعة و الحقيقة ، له اليد الطولى في علم المعقول و المنقول ، تقي نقي عارف بالله لا تأخذه في الله لومة لائم ، ولا يحوم حول الحمى ، يشار إليه بالصلاح في ابتداء أمره ، ذاكرا مُجِدّاً عازما مجتهدا ، إجتمع بمشايخَ عظماء القدر ، مُجازاً مأذونا له في التأليف ، مُقتدَى به ، والغالب مع ظنّي أنه من أهل الكشف .
• لبّى نداء خالقه يوم الخميس 17 شوال 1230 هـ – 21 سبتمبر 1815 م . مخلّفا بعده ، وبإذن منه ، خليفته الأعظم ، وصاحبه المقرّب ، مولانا سيدي الحاج علي التماسيني رضي الله عنه ، تاركا له رئاسة الطريقة ، موصيا إياه بأخذ ولديْه ، سيدنا محمد الكبير وسيدنا محمد الصغير ( الحبيب ) ، إلى موطن الأسلاف عين ماضي زادها الله إشعاعا .
• من أشهر أقواله :
زِنُوا كلامي بميزان الشرع ، فما وافقََ اعملوا به ، و ما خالف فاتركوه .
التعريف بالخليفة الأعظم الإمام التماسيني رضي الله عنه
• هو الشريف الحسني ، أبو الحسن ، سيدي الحاج علي التماسيني رضي الله عنه ، الذي وُلِد بتماسين ـ ولاية ورقلة ( الجزائر ) ـ سنة 1180 هـ – 1766 م ، وشبّ في بيت صلاح وطهارة وتقوى ، وحفظ القرآن وتغذى بمبادئ الشريعة الإسلامية .
• إمتاز منذ طفولته بالتواضع ونكران الذات ، مُحِبّا لعباد الله الصالحين ميَّالاً لصُحْبَتِهم .
• يعتمد في معاشه على فلاحة النخيل ويحثّ عليها ، وعندما عرف الطريقة التجانية التقى بشيخه في عين ماضي عام 1204 هـ – 1805 م فكان عند حسن الظن .
• وعندما انتقل الشيخ إلى الرفيق الأعلى ، قضى مدة خلافته داعيا إلى الله بالحال و المقال ، موحِّدا لصفوف المسلمين ، قائلا لأصحابه إنه ليس له عدو إلا الشيطان ، جاء ذلك في بعض رسائله الموجهة إلى الأحباب .
• نفّذ وصية شيخه كاملة بأخذ وَلَدَيْهِ إلى الصحراء ، لقول الشيخ رضي الله عنه :
أولادي لا تليق بهم إلا الصحراء
، يعني عين ماضي .
• كان شعاره المعروف :
اللويحة والمسيحة والسبيحة
ويعني بها العلم و العمل والعبادة . ( 6 )
• لبَّى داعيَ ربّه يوم الثلاثاء 22 صفر 1260 هـ / 12 مارس 1844 م .
و على غرار كل الطرق الصوفية ، فإن للشيخ رضي الله عنه خلفاء بِعَيْن ماضي وبزاوية تماسين .
فخلفاؤه بعين ماضي :
1. سيدي محمد الكبير
2. سيدي محمد الحبيب
3. سيدي أحمد عمار
4. سيدي محمد البشير
5. سيدي علال
6. سيدي محمد الكبير
7. سيدي محمود
8. سيدي الطيب
9. سيدي علي
10. سيدي عبد الجبار
11. الخليفة الحالي الشيخ سيدي الحاج أمحمد رضي الله عنه
أما خلفاء الإمام التماسيني فَهُمْ على التوالي :
1. سيدي محمد العيد
2. سيدي محمد الصغير
3. سيدي أمعمر
4. سيدي محمد حمّه
5. سيدي البشير
6. سيدي محمد العيد ( الثاني )
7. سيدي أحمد بن حَمَّه
8. سيدي محمد البشير ( الثاني )
9. الخليفة الحالي الشيخ سيدي محمد العيد التجاني رضي الله عنه
الخليفة الحالي الشيخ سيدي محمد العيد التجاني التماسيني رضي الله عنه ، وحفظه ، وأطال عمره وأيّده ، وُلِدَ يوم الجمعة 04 رمضان 1373 هـ – 07 ماي 1954 م . جلس على كرسيّ الخلافة يوم الجمعة 01 شوال 1420 هـ – 07 جانفي 2000 م .
أركان الورد التجاني :
1. الورد المعلوم الذي يذكره المريد مرتين في اليوم ، مرّة في الصباح ، ومرّة أخرى في المساء وفيه :
o 100 مرّة أستغفر الله
o 100 مرّة من الصلا ة على النبي صلى الله عليه وسلم بأيّ صيغة كانت ، وإن كانت بالفاتح فهي أولى .
o 100 مرة من لا إله إلا الله .
2. الوظيفة و فيها :
o 30 مرة أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم .
o 50 مرة من الفاتح لما أغلق .
o 100 مرة لا إله إلا الله .
o 12 مرة جوهرة الكمال ، وهي صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا تُقْرَأُ إلا بالطهارة المائية لخصوصياتٍ فيها .
3. الهيللة : وهي ذكر كلمة التوحيد لا إله إلا الله بعد عصر يوم الجمعة لمن له وسع من الوقت إلى غروب الشمس ، وإلا يجعل لنفسه عدد معين فوق الألف إلى 1600 .
شروط الدخول في الطريقة التجانية .
تُلَقَّنُ الطريقة التجانية لكل من طلبها من المسلمين ، ذَكَرا كان أو أنثى ، صغيرا أو كبيرا ، حُرّاً أو عبدا ، طائعا أو عاصيا ، بشرط أن يلتزم بشروطها ، وأن يَصْدُق الله على ما عاهد عليه ، وإن خالف بعضَ شروطها الأساسية انقطع عنها من حينها .
1. القسم الأول : وفيه الأركان التي إن أخل صاحبها بواحد منها رُفِع عنه الإذن حالا ، وهو مُطَالَب بتجديد العهد إذا تاب وعزم على الإلتزام بها .
o الإنفراد بها وعدم جمعها مع طريقة أخرى .
o المداومة على قراءة الأوراد إلى الممات .
o ألا يصدر منه بُغْضٌ أو سَبٌّ أو عداوةٌ في جانب شيخه .
o عَدَمُ زيارة الأولياء ، الأحياء والأموات ، مع تعظيم حرمتهم .
o الإعتقاد في الشيخ و خليفته إلى الممات .
2. القسم الثاني : شروط يتعهد بها المريد قبل الدخول :
o طاعة الوالدين
o المحافظة على الصلوات الخمس في جماعة إن أمكن .
o عدم الأمن من مكر الله .
o عدم التهاون بالورد و تأخيره عن وقته .
o عدم التصدر لإعطاء الورد من غير إِذْنٍ صحيح .
o إحترام كلّ مَنْ ينتسب إلى الشيخ ، لا سيما أهل الخصوصية منهم .
مقاصد الإنتماء لطريقة :
1. سير المريد على منهاج الشريعة ، وإرشاده باستعمال فقهها ، وجعل الأذكار سياجا على دوام هذا الإستعمال .
2. ربط نورانية المريد برباط المراقبة ، ولا يستطيع الإنسان مراقبة نفسه أمام حدود الله لأنه عليها رؤوف . فمراقبة غيره عليه في سيره أتَمُّ .
3. جعْلُ المحبّةِ السّاريةِ من المريد إلى شيخه ، ولو بوسائط ، مادة هاته المراقبة ، وكذلك المحبة السارية من الشيخ إلى المريد .
4. البلوغ إلى التوبة النصوحة لقوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا . (7)
5. ملازمة ذكر الله القاضي بسعادة الدارين ، ووُرود الرحمة على الذاكرين ، لأنّ الله جليس من ذاكرهم كما جاء في الحديث القدسي .
6. التقرب إلى الحضرة الإلهية بكل ما في وسع النفس مِنْ همّة ومحبّة و إحساس .
7. الشكر ، وهو العمل في الدين والطريق بإخلاص بقصد شكر المنعِم تعالى لا لغرض دقة أو جلة .
الطريقة التجانية وخدمة الحق وأهله :
برزت الطريقة التجانية من حضرة الزّلفى بفضل الله ، وأهلها كلّهم مرادون في صورة مريدين ما داموا موَفِّين بشروطها ، وإن كانت مراتبهم تتفاوت بقدر ما لكل واحد من استعداد في مجاهدة نفسه ، والإجتهاد في العبادات والأعمال الصالحة النافعة للبلاد والعباد ، وهي طريقة حمْدٍ وشكرٍ لله ، مبنيّة على أساس الجدّ في القول و العمل ، وترك الخوض فيما يخوض فيه المتوغّلون .
وسعة انتشار الطريقة التجانية في العالم شهادة على تحقّق سرّ سريان التربية بها في جميع الأقطار المختلفة ، فجميع مَنِ انخرط بصدق في طريق الشيخ سيدي أحمد التجاني رضي الله عنه يصبح بفضل الله تعالى قابل لحمل أسرار الشيخ ، وكلّ على حسب طاقته .
بدأ انتشار الطريقة بقصر أبي سمغون على يد مؤسسها رضي الله عنه سنة 1782 م ، فسبق للأخذ عنهم أقر ب المقربين إليه من رفاقه ، سيدي ابن المشري ، سيدي علي حرازم ، سيدي محمد بن العربي الدمراوي ، وآل بيته . ثم أخذت تنتشر بعين ماضي و القرى المجاورة حتى ذاع صيتها في جلّ أرجاء الصحراء حيث كان الشيخ الأكبر يقدم المقدّمين ، ويطلق لهم في الإجازة ، ثم يرسلهم إلى جهات مختلفة ، منهم على سبيل المثال لا الحصر سيدي محمد الحافظ الشنقيطي ، سيدي إبراهيم الرياحي التونسي … ، وهي بهذا الإنتشار تخدم الإسلام ومنهجهم عبر أنحاء المعمورة وذلك بتزايد عدد المسلمين بالقارة الإفريقية ، والتصدّي للوثنية والكفر بجميع الوسائل ، بالإقناع ، والتسامح ، والجهاد بحسب المقتضيات التاريخية . كما أنها تزداد يوما بعد يوم في أوربا ، وأمريكا ، وآسيا ، حاملة معها لواء الإسلام والسّلام بمبادئه السامية.
يرجع سرّ هذا التطور ، وزيادة الإقبال ، إلى جملة من الأسباب :
1. مصداقية رسوخ الشيخ في العلم و الولاية ، بل تبوّءه أعلى مرتبة فيها ، وجمعه بين عِلْمَيْ الظاهر و الباطن .
2. تماشيها مع مقتضيات العصر ، مع ملازمة روح الدين . ومع تطوّر وسائل الإتصال ، فلا غرابة أن تحظى بزيادة انتشار في العالم المتعولم ، البعيد عن الروحانيات ، والذي مَلَّ و سئم السفسطة ، والجاهلية الجوفاء في المسائل الدينية ، وأصبح كل همه الحصول على ما يطمئن به قلبه ، ويرسخه في الدين ، فيَجِدُ الطريقة التجانية أمامه عارضة له الإسلام الصحيح المعتدل ، البعيد عن كل تطرف مهما كان نوعه .
3. ثبات صحة الإذن المحمدي في تلقينها . فمنذ أن ظهرت الطريقة سنة 1782م إلى يومنا هذا وهي في انتشار ، وفي غير المسلمين من أهل التبشير النصرانيين . وكلما ازدادت محاربتها ازداد انتشارها . إنّه الله يدافع عن الذين آمنوا ، وقد أخبر مؤسسها الشيخ سيدي أحمد التجاني رضي الله عنه أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ضَمَنَ له بقاءها ما بقي الإسلام .
4. الدعوة إلى الصحبة في الله ، والتعاون على البرّ والتقوى ، وأحسن دليل على ذلك تسمية الشيخ رضي الله عنه لأتباعه ” الأحباب ” ، أيّ المتحابّون في الله .
5. حرصها على توطيد تعاليم الشريعة المحمدية بطيب نفس .
إذا تتبّعتَ شروط الدخول في الطريقة التجانية ، وتدبّرتَ معانيها ، عرفتَ أنّ قبول تلقينها مرهون بالتزام المريد بالمحافظة على الصلاة في جماعة ، والتقوى في السرّ والعلانية ، والمحافظة على الشريعة ، والمجاهدة النفسية بقدر الإستطاعة .
6. ما يجده المنخرط فيها من شرح الصدر بسبب تزايد ثقته بالله عزّ وجلّ ، وعدم اليأس والقنوط من التوبة النصوح .
7. تيسير أورادها في الأداء ، وفي الزمان والمكان . قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
فوقت ورد آخر النهار من صلاة العصر إلى وقت العشاء ، ومَنْ فاته ذلك لتنقل أو مرض أو نحوه فليتداركه في وقت أمكنه في الليل .
وورد أول النهار بعد صلاة الصبح ويمتد إلى وقت الضحى الأعلى ، ومَنْ شغلَه عذر صحيح فليتداركه في أي وقت من النهار .
أما الوظيفة فمرة واحدة بين اليوم والليلة ، أّي وقت أمكن الإجتماع فيه إذا كان في المحلّ جماعة ، أما الواحد ففي أي وقت شاء .
8. إحترام كل المذاهب الفقهية السُنِّية ، وكل المذاهب الإقتصادية والسياسية ما لم تصطدم بالشريعة الإسلامية . والدليل ، تواجد التجانيين في جميع المذاهب الفقهية السنّية : مالكية ، شافعية ، حنفية ، وحنابلة ،لأن الطريقة ليست بمذهب ، وإنما هي سيْرٌ وسلوكٌ نحو ملك الملوك .
9. إحترامها لسيادة الشعوب والدول ، وعدم التدخّل فيما لا يعنيها ،لأن غرضها الوحيد الدلالة على الله ، وسعادة الفرد والمجتمع . الملاحظ لأعمال مؤسس الطريقة يجد أن الشيخ رضي الله عنه ، منذ البداية ، إنتقى نخبة من أهل العلم والصلاح من مختلف بلدان المغرب العربي ، مصر ، السودان ، وعيّنَ مِنْ أهل كلّ إقليم رجالا صادقين ، وكلّفهم بنشر طريقته بالرفق و الحكمة ، وفقا لمجاري المقادير ، والأسباب الإلهية .
10. طابعها الإسلاميّ العميق ، إذْ هي قابلة للتعايش ، وصالحة لكل زمان ومكان ، بغضّ النظر عن كل الإختلافات ، والتنوّع الثقافي ، والسياسي ، واللغوي .
وعلى هذه الميزة الأخيرة نختم هذه المداخلة لنقول : أنّ الطريقة تفسح مجالا واسعا للتشاور والتراحم بين المسلمين ، وهي تفرض على أتباعها المساهمة بما لديهم من إمكانيات في إيجاد جسور حوار وتعارف ، وتقليص أسباب التوتّر والعنف ، ونشر روح التسامح والحوار .
وفق الله الجميع لما فيه الخير و الصلاح وعلى الله قصد السبيل .
قديم الأستاذ : إبراهيم خالد ،
داعية إسلامي تجاني
12:35:08
2012-02-11