ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*( خطبة الجمعة في موضوع )*:
[ الشباب ثروة و ثورة]
بمناسبة ثورة الملك و الشعب و عيد الشباب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*الحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات* و الصلاة و السلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد خاتم النبوة و الرسالات”* و نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،* ونشهد أن سيدنا و نبينا و مولانا محمدا عبد الله و رسوله فصلى الله عليه و سلم من نبي أمين، ناصح حليم، وعلى آله وصحابته و التابعين، وعلى من حافظ على دينه و شريعته و استمسك بهديه و سنته إلى يوم الدين .
* أما بعد ، من يطع الله و رسوله فقد رشد و اهتدى، و سلك منهاجا قويما و سبيلا رشدا ومن يعص الله و رسوله فقد غوى و اعتدى، و حاد عن الطريق المشروع و لا يضر إلا نفسه و لا يضر أحدا، نسأل الله تعالى أن يجعلنا و إياكم ممن يطيعه و يطيع رسوله، حتى ينال من خير الدارين أمله و سؤله، فإنما نحن بالله و له .
عباد الله : لا يخفى عليكم أنه تستقبلنا مناسبتان من ذكريات هذا البلد يحتفل لهما كل عام: 1ذكرى ثورة الملك و الشعب التي تحل بنا في العشرين من غشت، 2و ذكرى عيد الشباب التي يخلدها المغاربة في الواحد و العشرين من غشت كل سنة تعبيرا عن فرحهم بعيد ميلاد ملك البلاد صاحب الجلالة محمد السادس أصلحه الله و أصلح به و أيده و نصره في بناء صرح المجد و المكرمات لوطنه و شعبه.
ـ فأما الشباب فهم القوة الأولى في المجتمع المسلم وفي أي مجتمع، وهم الذين عليهم الاعتماد في نهضة الأمم، بعزيمتهم، وأخلاقهم، وتضحيتهم لتحقيق الازدهار فعلى أكتافهم تُبنى الدول،وتزدهر الحضارات، وبهم يُدحر الباطل، ويعلو الحق، وتُقتلع شوكة الفساد، وتُغرس نبتة الخير، وهم صانعو الأفكار، ومنتجو التغيير، تتضاءل إلى جانب همتهم كلُّ همة، وتتدانى إلى جانب حماستهم كل حماسة وقوة، وعليهم الرهان في نجاح الفكرة؛ ومن هنا كان الشباب قديمًا وحديثًا في كل أمة عماد نهضتها، وفي كل نهضة سر قوتها،قال تعالى عن أهل الكهف(إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى)[الكهف 13] نعم وصفهم الله بالفتوة لكنها فتوة إيمان بالرب الواحد الأحد، فتوة يقظة و نباهة في وسط الغافلين،فتوة يقظة ونباهة في دوامة اللاهين التافهين فتوة يقظة ونباهة تعتزل عبادة الأوثان من أي نوع كان، كانت فتوتهم و يقظتهم علامة هدايتهم الفطرية فزادهم الله من فضله هدى، فحولتهم فتوتهم المؤمنة المهتدية بفضل الله إلى آية من آيات الله العجيبة، أحسوا أن شبابهم ثروة فثاروا على واقعهم المظلم بظلم الشرك و المعاصي وطلبوا الرحمة من الله وإعانته على سلوك طريق الرشاد لينجوا بأنفسهم مما عم بأرضهم من الفساد، فخلد الله ذكرهم في كتابه، وشرفهم بالتمجيد في محكم خطابه ليكونوا مثالا وقدوة لكل الشباب في كل زمان وفي كل مكان، كأن القرآن الآن يخاطب شباب الأمة الإسلامية ويصيح بهم: يا شباب عيدكم المجيد هو في تحويل ثروة فتوتكم إلى ثورة في نهضتكم ويقظتكم، الشباب مرحلة من العمر زاهرة، فاجعلوها بالمنجزات النافعة عامرة، فقد أخبر نبيكم عليه الصلاة و السلام بأن كل شاب سيسأل يوم القيامة عن شبابه فيما أبلاه. ضمن خمس سيسأل عنها كل آدمي من بني آدم، يا شباب اليوم اذكروا و لا تنسوا الشباب الذين التفوا حول رسول الله صلى الله عليه و سلم إنهم هم الذين نصروه و عزروه و جاهدوا بأنفسهم و أموالهم في سبيل إعلاء كلمة الله، شباب سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم لم يكونوا أهل رقص و غناء و مجون و تدخين و مخدرات و عربدة و قطع طريق و إرهاب للآمنين، شباب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لم يكونوا يضيعون أوقاتهم في الملاهي و لا كانوا متسكعين في الطرقات و لا مقهقهين في المجامع بالأصوات، شباب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذين بنوا للأمة الأمجاد تلقوا العلم ونشروه، و تعلموا الفضائل و الحكم و تخلقوا بها،صَفّـُهم مرصوص في خدمة الدين و الوطن، وجمعهم درع متين و حصن حصين عند حلول المحن، لذلك فإن اقتران ذكرى عيد الشباب بذكرى ثورة الملك والشعب تحيل بذاكرتنا إلى شباب تلك الفترة أولئك الشباب هم من يمثل الآن جيل الآباء و الأجداد، ذكرى ثورة الملك و الشعب هي ذكرى ثورة ملك شاب في فكره إلى جنب شباب من شعبه يخلد بها المغرب انتفاضته القوية- والتي كانت يوم 20 غشت من سنة 1953م- في وجه الاستعمار حين بلغ ظلمه أقصاه، ووصل طغيانه منتهاه، فامتدت يده الأثيمة إلى الملك محمد الخامس طيب الله ثراه، فنفاه الاستعمارعن شعبه وبلده، وعن عرشه ووطنه. فهب الشعب المغربي في منتهى الولاء والإخلاص و الصبر و الفداء والتضحية والوفاء لدينه ولوطنه، ولملكه فوقف بجهاده المستميت سدا منيعا في وجه الاستعمار وأطماعه التوسعية، وضد نواياه وأعماله السيئة وكان النصر والتأييد للمجاهدين الأوفياء( وكان حقا علينا نصر المؤمنين) فإذا وقفنا وقفة تأمل وتدبر عند هذه الذكرى الجليلة أمكننا أن نستخلص الدروس والعبر التالية: الاعتزاز بالانتماء لهذا الدين، وحدة الكلمة ووحدة الصف و تقديم مصلحة الوطن والمصلحة العامة على المصلحة الفردية أو الخاصة فانطلاقا من هذه المعاني الإسلامية السامية وهذه الدروس التاريخية، نتوجه إلى الله تعالى أن يجعل عهدنا في ظل جلالة الملك محمد السادس عهد خير ويمن وبركة وعهد اعتزاز بالإيمان والثقة في الله تعالى، وعهد الوحدة والاستقرار، وعهد التضحية والبذل لمصلحة البلاد والعباد،قال تعالى:((إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا))،.
ونفعني الله و إياكم بالذكر الحكيم و كلام سيد الأولين والآخرين سبحان ربك رب العزة عما يصفون و سلام على المرسلين و الحمد لله رب العالمين.
الخطبة الثانية
* الحمد لله على نواله و إفضاله، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد النبي الأمي، الصادق الزكي، و على آله ، وعلى جميع من تعلق بأذياله ، و نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده و رسوله و بعد :
أيها المؤمنون قال الله تعالى: }وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمُ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ{ (سورة الروم آية 21) وقال عليه الصلاة والسلام «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» رواه البخاري ومسلم وغيرهما. والباءة: مؤونة الزواج،والوجاء: الحد من الشهوة. عباد الله إن موسم الصيف عادة موسم تكثر فيه الأعراس وحفلات الزواج فعلى المُزوجين أبناءهم و بناتهم و المتزوجين و المتزوجات وأهاليهم أن يستحضروا تعاليم الإسلام في ممارساتهم و يسألوا عن أحكام شرع ربهم وهدي نبيهم ولا يسايروا العادات القديمة أو المستحدثة دون مبالاة هل يجيزها الشرع الإسلامي أويحرمها، كما عليهم أن يستحضروا الحكمة من تشريع الزواج و الأهداف السامية التي من أجلها حث الإسلام عليه و دعا إليه، فالله تعالى إنما شرع الزواج لحكم سامية وغايات نبيلة وفوائد جليلة وأمر بتيسير أسبابه لأنه هو الطريق السليم للتناسل وعمران الأرض بالذرية الصالحة. فعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: «من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر (أي نصف) دينه فليتق الله في الشطر الباقي» (رواه الطبراني في الأوسط والحاكم، وقال صحيح الإسناد) فتفقهوا عباد الله خصوصا الشباب منكم في أمر الزواج قبل أن تقدموا عليه، و تعلموا أحكامه و آدابه و أهدافه يكن إن شاء الله زواجا سعيدا بحوله و قوته واستعينوا على ذلك كله بالإكثار من الصلاة و التسليم على ملاذ الورى في الموقف العظيم، اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق و الخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق، و الهادي إلى صراطك المستقيم، و على آله حق قدره و مقداره العظيم.صلاة تنجينا بها من جميع الأهوال والآفات، و تقضي لنا بها جميع الحاجات وتطهرنا بها من جميع السيئات، و ترفعنا بها أعلى الدرجات و تبلغنا بها أقصى الغايات من جميع الخيرات في الحياة و بعد الممات، آمين. و ارض اللهم عن أصحاب رسولك وخلفاء نبيك القائمين معه وبعده على الوجه الذي أمربه و ارتضاه و استنه خصوصا الخلفاء الأربعة، و العشرة المبشرين بالجنة والأنصار منهم و المهاجرين، و عن آل بيت نبيك الطيبين الطاهرين وعن أزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين، اللهم انفعنا يا مولانا بمحبتهم،و انظمنا يا مولانا في سلك ودادهم، و لاتخالف بنا عن نهجهم القويم و سنتهم،(ربنا لاتزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب) ( ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولاتجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم)
(سبحان ربك رب العزة عما يصفون،
(و سلام على المرسلين، و الحمد لله رب العالمين).
الخطبة من إنشاء عبد ربه الفقير إلى فضل الله و رحمته :
” ذ. سعيد منقار بنيس”
الخطيب بمسجد ” الرضوان ” لافيليت /عين البرجة/ الدار البيضاء
أستاذ العلوم الشرعية
بالمدرسة القرآنية التابعة لمؤسسة مسجد الحسن الثاني
مفتش منسق جهوي لمادة التربية الإسلامية للتعليم ثانوي متقاعد
البريدالالكتروني mankarbennissaid@gmail.com