بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد الفاتح الخاتم
وعلى آله وصحبه أجمعين
إهمال تهذيب العيال[1]
مُصِيبَةٌ قَدْ عَمَّــتِ الْبُلْـدَانَـا | إِهْمَالُنَا الْوِلْدَانَ وَالنَّسْوَانَا | |
وَتَرْكُهُمْ سُدى ًبِلاَ صَلاَةِ | فَضْلاً عَنِ الصِّيَّامِ وَالزَّكَاةِ | |
وَذَاكَ أَقْبَحُ مِنَ الأَبَاءِ | كَأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنَ الرِّعَاءِ | |
فَكُلُّ رَاعٍ يَا أَخِي مَسْئُولُ | عَنْ كُلِّ مَا اسْتَرْعَى لَهُ الْجَلِيلُ | |
فَإِنَّهُمْ أَعْدَا كَمَا فِي الذِّكْرِ | فِهِمُ أَعْظَمُ الْبَــلاَ وَالشَّــرِّ | |
أَوَّلُ مَنْ يَقُودُنَا فِي الْحَشْرِ | لِلْفَصْلِ وَالْحِسَابِ قَبْلَ الْغَيْرِ | |
فَالاِبْنُ قَالَ أَدِّ حَقِّي يَا أَبِي | يَا وَلَدِي يَا وَلَدِي أْرِفُقْ بِالأَبِ | |
أَنْتَ الذِي ضَيَّعْتَ حَقَّ الأَدَبِ | أَوْقَعْتَ نَفْسَكَ أَبِي فِي الْعَطَبِ | |
يَا رَبِّ خُذْ لِي مِنْ أَبِي حُقُوقِي | وَلَيْسَ ذَا مِنِّي مِنَ الْعُقُوقِ | |
أَنْتَ الذِي ضَيَّعْتَ حَقَّ اللَّهِ | إِذْ لَمْ تُعَلِّمْنَا حُدُودَ اللَّهِ | |
وَإِنَّمَا عَلَّمْتَنَا أَمْرَ الدُّنَا | وَمَا دَعَوْتَ أَحَداً لِدِينِنَا | |
أَنْتَ الذِي خَالَفْتَ أَمْرَ اللَّهِ | فِينَا وَلَمْ تُرْدِ سَوى التَّلاَهِي | |
بِكَثْرَةِ الأَمَوْالِ والأَوْلاَدِ | وَقَدْ نِسِيتَ الزَّادَ لِلْمَعَادِ | |
هَلاَّ تَزَوَّدْتَ لِيَوْمِ الْحَشْرِ | مِنَ الْعِبَادَاتِ وَكُلَّ بِرِّ | |
هَلاَّ تَزَوَّدْتَ لِيَوْمِ الْعَرْضِ | مِنَ النَّوَافِلِ وَكُلِّ فَرْضِ | |
فَأَدِّ حَقِّي يَا أَبِي بِاللَّهِ | وَاللَّهُ أَرْأَفُ بِعَبْدِ اللَّهِ | |
هَذَا كَلاَمُ الاِبْنِ وَالْبَنَاتِ | فَكَيْفَ بِالْعَبِيدِ وَالزَّوْجَاتِ | |
وَكَيْفَ بِالأَجَانِبِ وَالأَبَاعِدِ | وَلَيْسَ مَنْ يَرْحَمُ دُونَ الوَاحِدِ | |
كُلٌّ يَوَدُّ أَنَّ لَهُ عَلَيْنَا | أَعْظَمُ مَا كَانَ لَهُ لَدَيْنَا | |
وَلَيْسَ يَأْلُوا الْجُهْدَ فِي الحِسَابِ | وَفِي الْمُنَاقَشَةِ وَالْعِتَابِ | |
يَا رَبِّ فَارْحَمْنَا بِمَحْضِ الْفَضْلِ | وَأَدِّ مَا لِلْخَلْقِ قَبْلَ السُّؤْلِ | |
وَأَرْضِهِمْ عَنَّا بِمَحْضِ الرِّضْوَانِ | مِنْ بَحْرِ جُودِكَ وَبَحْرِ الاِمْتِنَانِ | |
يَا رَبِّ فَارْحَمْ سَائِرَ الرِّعَاءِ | بِالْعَفْوِ وَالْغُفْرَانِ وَالإِرْضَاءِ | |
وَأَرْضَ عَنْهُمُ ذَوِي الْحُقُوقِ | بِجَاهِ خَيْرِ الْخَلْقِ وَالصِّدِّيقِ | |
وَبِأَبِي حَفْصٍ وَبَاقِي الْخُلَفَا | وَبِأَبِي الْفَيْضِ التِّجَانِي ذِي الْوَفَا | |
آمِينَ آمِينَ خِتَامُ اللَّهِ | عَلَى لِسَانِ الْمُؤْمِنِ الأَوَّاهِ |
قصيدة تصويرية دقيقة توقف قارئها موقفا تقشعر منه الأبدان وترتعد منه الفرائص[2]، موقف من أهوال يوم القيامة حيث الكل يبحث لنفسه عن مسلك ينجيه من غضب الله، حتى الولد لا يراعي والده بل يوقع عليه كل المسؤوليات، ويزيد عن ذلك بالمطالبة بحقوقه.
[1] ـ هذا العنوان ليس من أصل النص، بل وضع لحصر فكرة النص والقصيدة للعلامة الفقيه الحاج محمد (فتحا ) النظيفي
[2] ـ جمع فريص،الفَريصُ : لحمةٌ بين الكتف والصّدر تَرْتَعِدُ عِنْدَ الفَزَعِ.