قصائد وأمداحمقالات

إهمال تهذيب العيال

بسم الله الرحمن الرحيم 

وصلى الله على سيدنا محمد الفاتح الخاتم

وعلى آله وصحبه أجمعين

 

إهمال تهذيب العيال[1]

مُصِيبَةٌ قَدْ عَمَّــتِ الْبُلْـدَانَـا

إِهْمَالُنَا الْوِلْدَانَ وَالنَّسْوَانَا

وَتَرْكُهُمْ سُدى ًبِلاَ صَلاَةِ

فَضْلاً عَنِ الصِّيَّامِ وَالزَّكَاةِ
وَذَاكَ أَقْبَحُ مِنَ الأَبَاءِ

كَأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنَ الرِّعَاءِ

فَكُلُّ رَاعٍ يَا أَخِي مَسْئُولُ

عَنْ كُلِّ مَا اسْتَرْعَى لَهُ الْجَلِيلُ

فَإِنَّهُمْ أَعْدَا كَمَا فِي الذِّكْرِ

فِهِمُ أَعْظَمُ الْبَــلاَ وَالشَّــرِّ

أَوَّلُ مَنْ يَقُودُنَا فِي الْحَشْرِ

لِلْفَصْلِ وَالْحِسَابِ قَبْلَ الْغَيْرِ

فَالاِبْنُ قَالَ أَدِّ حَقِّي يَا أَبِي

يَا وَلَدِي يَا وَلَدِي أْرِفُقْ بِالأَبِ

أَنْتَ الذِي ضَيَّعْتَ حَقَّ الأَدَبِ

أَوْقَعْتَ نَفْسَكَ أَبِي فِي الْعَطَبِ

يَا رَبِّ خُذْ لِي مِنْ أَبِي حُقُوقِي

وَلَيْسَ ذَا مِنِّي مِنَ الْعُقُوقِ
أَنْتَ الذِي ضَيَّعْتَ حَقَّ اللَّهِ

إِذْ لَمْ تُعَلِّمْنَا حُدُودَ اللَّهِ

وَإِنَّمَا عَلَّمْتَنَا أَمْرَ الدُّنَا

وَمَا دَعَوْتَ أَحَداً لِدِينِنَا
أَنْتَ الذِي خَالَفْتَ أَمْرَ اللَّهِ

فِينَا وَلَمْ تُرْدِ سَوى التَّلاَهِي

بِكَثْرَةِ الأَمَوْالِ والأَوْلاَدِ

وَقَدْ نِسِيتَ الزَّادَ لِلْمَعَادِ

هَلاَّ تَزَوَّدْتَ لِيَوْمِ الْحَشْرِ

مِنَ الْعِبَادَاتِ وَكُلَّ بِرِّ
هَلاَّ تَزَوَّدْتَ لِيَوْمِ الْعَرْضِ

مِنَ النَّوَافِلِ وَكُلِّ فَرْضِ

فَأَدِّ حَقِّي يَا أَبِي بِاللَّهِ

وَاللَّهُ أَرْأَفُ بِعَبْدِ اللَّهِ

هَذَا كَلاَمُ الاِبْنِ وَالْبَنَاتِ

فَكَيْفَ بِالْعَبِيدِ وَالزَّوْجَاتِ

وَكَيْفَ بِالأَجَانِبِ وَالأَبَاعِدِ

وَلَيْسَ مَنْ يَرْحَمُ دُونَ الوَاحِدِ
كُلٌّ يَوَدُّ أَنَّ لَهُ عَلَيْنَا

أَعْظَمُ مَا كَانَ لَهُ لَدَيْنَا

وَلَيْسَ يَأْلُوا الْجُهْدَ فِي الحِسَابِ

وَفِي الْمُنَاقَشَةِ وَالْعِتَابِ
يَا رَبِّ فَارْحَمْنَا بِمَحْضِ الْفَضْلِ

وَأَدِّ مَا لِلْخَلْقِ قَبْلَ السُّؤْلِ

وَأَرْضِهِمْ عَنَّا بِمَحْضِ الرِّضْوَانِ

مِنْ بَحْرِ جُودِكَ وَبَحْرِ الاِمْتِنَانِ

يَا رَبِّ فَارْحَمْ سَائِرَ الرِّعَاءِ

بِالْعَفْوِ وَالْغُفْرَانِ وَالإِرْضَاءِ

وَأَرْضَ عَنْهُمُ ذَوِي الْحُقُوقِ

بِجَاهِ خَيْرِ الْخَلْقِ وَالصِّدِّيقِ

وَبِأَبِي حَفْصٍ وَبَاقِي الْخُلَفَا

وَبِأَبِي الْفَيْضِ التِّجَانِي ذِي الْوَفَا
آمِينَ آمِينَ خِتَامُ اللَّهِ

عَلَى لِسَانِ الْمُؤْمِنِ الأَوَّاهِ


قصيدة تصويرية دقيقة توقف قارئها موقفا تقشعر منه الأبدان وترتعد منه الفرائص[2]، موقف من أهوال يوم القيامة حيث الكل يبحث لنفسه عن مسلك ينجيه من غضب الله، حتى الولد لا يراعي والده بل يوقع عليه كل المسؤوليات، ويزيد عن ذلك بالمطالبة بحقوقه.


[1]  ـ هذا العنوان ليس من أصل النص، بل وضع لحصر فكرة النص والقصيدة للعلامة الفقيه الحاج محمد (فتحا ) النظيفي

[2] ـ جمع فريص،الفَريصُ : لحمةٌ بين الكتف والصّدر تَرْتَعِدُ عِنْدَ الفَزَعِ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى