الطريقة نجاة وإكسير ذ: محمد أبرباش
على إثر السؤال التالي: هل حجاب المرأة من شروط أخذ الورد التجاني
كان الجواب كالتالي:
بسم الله الرحمان الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وآله
الطريقة نجاة وإكسير
ذ: محمد أبرباش
على إثر السؤال التالي: هل حجاب المرأة من شروط أخذ الورد التجاني
كان الجواب كالتالي:
لا يخفى على جنابكم أن الشيخ سيدي أحمد التجاني رضي الله عنه ما تصدر للتربية والإرشاد وما تنزل رضي الله عنه لملاقاة العباد وإفادتهم بطريقته إلا بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم. ذكر العارف بالله سيدي عمر الفوتي رضي الله عنه في كتابه رماح حزب الرحيم على نحور حزب الرجيم الفصل الثامن والثلاثون أن الشيخ سيدي أحمد التجاني:ما تنزل لإفادة الخلق بعدما أمره جده رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك إلا بعد قوله للنبي صلى الله عليه وسلم إن كنت بابا لنجاة كل عاص مسرف على نفسه تعلق بي فنعم وإلا فأي فضل لي فقال له صلى الله عليه وسلم أنت باب لنجاة كل عاص تعلق بك وحينئذ طابت نفسه لذلك.إهـ وفي كشف الحجاب للعلامة سيدي أحمد سكيرج رضي الله عنه ص35 بتحقيق سيدي محمد الراضي كنون:قال سيدنا رضي الله عنه قال لي سيد الوجود صلى الله عليه وسلم أنت باب لنجاة كل عاص تعلق بك وهذا أحد الأسباب في تصدر سيدنا رضي الله عنه لإعطاء الطريق.إهـ فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يشهد بنجاة كل عاص{مسرف على نفسه متلبس بالمعاصي والذنوب} تعلق بسيدنا أحمد التجاني رضي الله عنه وأخذ طريقته فلا يسع أحد من العالمين أن يحول بينه وبين هذا الباب المفتوح في وجهه.
هذا والمطلع على سيرة أصحاب الشيخ سيدي أحمد التجاني رضي الله عنه يعرف حقيقة ذلك فالتدخين كمثال أول حرام شرعا ومضر طبعا وعقلا قال شيخنا أحمد التجاني رضي الله عنه في الإفادة الأحمدية:تبغة حرام والأصل في حرمتها قوله صلى الله عليه وسلم:{كل مفتر حرام}وهي من المفترات.قال سيدي الطيب السفياني رضي الله عنه في تعليقه عليها:وكان رضي الله عنه يشدد فيها غاية ويسلم قول من قال إن صاحبها الذي لم يتب من استعمالها لا يموت على حسن الخاتمة.إهـ وقال العلامة سيدي أحمد سكيرج في كتابه رفع النقاب عند ترجمته لسيدي محمد الطيب السفياني رضي الله عنه:لاشك أن هذه العشبة مما عمت به البلوى وضع الشيطان فيها عطر الهوى فاستنشقتها الأنوف وصار يستعملها الألوف فإنها كالجرب من خالط أهله ينال حظا منها حتى يقع في العطب حفظنا الله منها بمنه وما صرح به سيدنا رضي الله عنه من التحريم هو القول المعمول به.إهـ
ورغم هذا فليست من القواطع ولا يمنع مستعملها من الورد الأحمدي لأن القصد والغرض من الطريقة التجانية هو التربية بإعانة المريد ومساعدته على التخلي عن هذه العادة السيئة وغيرها من المحرمات جاء في كتاب كشف الحجاب عند ترجمته للسيد عبد الوهاب بنيس الضرير أن المقدم سيدي الطيب السفياني حكى عن جده البركة الأجل سيدي الطيب رحمه الله أنه لما ذهب إلى تونس لأمر من الأمور استدعاه بعض الأصحاب لداره مع جماعة من الإخوان فصار بعض الحاضرين يمدحون سيدنا رضي الله عنه ويثنون على طريقته الأحمدية ويتمنون الدخول فيها وقالوا له إن العلامة سيدنا إبراهيم الرياحي يمنعنا من أخذ هذه الطريقة لكوننا نستعمل تابغة والدخان ويشترط علينا ترك ذلك إن أردنا ذلك ونحن لا نقدر على ترك ذلك فقال لهم المقدم سيدي الطيب المذكور إن عزمتم على الدخول في هذه الطريقة فإنا نأذن لكم وإن كنتم تستعملون ذلك فحصل لهم من الفرح بذلك ما الله أعلم به وحين خرجوا من الدار كسروا حكوكهم وقالوا لا خير في هذا الشيء الذي يمنعنا لأجله بعض المقدمين من الدخول في هذه الطريقة وعاهدوا الله أن لا يستعملوا ذلك.إهـ وفي كتاب التربية في الطريقة التجانية في ضمن الأجوبة البعقيلية لأمين محمد الفطواكي ص53 أن سيدنا الأحسن البعقيلي قال:قال في الخواتم الذهبية ما هذا معناه:إعلم أن الشيخ رضي الله عنه قد أكثر ونفر النفوس عن عشبة التبغة غاية إلا أنه لم ينقل عنه أنه قال يرفع الإذن عن فلان لأنه يستعملها فمن أغلظ على الفقير بمثله يخاف عليه من اللعن والطرد عن حضرة أهل السعادة…إلى أن قال فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يلقن ورده لكل مسلم طلبه طائعا أو عاصيا فهو عام أمر الشيخ فلا يخرجه من الطريقة فقول الشيخ السيد الحاج الحسين الإفراني في الخواتم الذهبية هو عين الحق.إهـ
والمثال الثاني حلق اللحى الذي عمت به البلوى ذكر الإمام سيدي الأحسن البعقيلي رضي الله عنه في رسالته إلى الولدان ص11:وأما حلق شعر اللحية فحرام إجماعا وهو بدعة محرمة في حق لحية الرجل صغيرا أو كبيرا.إهـ وقال ص14: وإنما قيدت لئلا يستحسن الغافل زي اليهود والمجوس ويقول إن الدين لم يتعلق بالأثواب ولو لبس زنارا وحلق لحية والشارب وأبدى وأعاد فيما هو جميع ما ينتحله المشركون فأدته ترهات عقله إلى حلق اللحية ويقول إن الحلق من الدين من غير برهان ولا قول من أقوال أهل العلم.إهـ كما بلغني عن الثقات الأثبات من طرق عدة أن العارف بالله سيدي الخليفة الحاج حسن دفين الزاوية التجانية برباط الخير{هرممو}كان لا يستقبل ولا ينظر إلى حالق لحيته.إهـ
ولم يقل أحد من أصحاب الشيخ بعدم جواز إعطاء الطريقة لحالق اللحية وفي كتاب النهج الحميد فيما يجب على المقدم والمريد للشيخ إبراهيم صالح الحسيني أنه قال بعدم لزوم التجديد للتجاني بسبب وقوعه في جميع المحرمات بل الواجب عليه هناك التوبة إلى الله فقط باتفاق.إهـ
أما المثال الثالث فهو إخراج الصلاة عن وقتها قال الله تعالى في سورة الماعون:{فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون}.إهـ قال الإمام سيدي الأحسن البعقيلي التجاني رضي الله عنه في الإراءة ج1ص134 :ومن تضييعها{أي الصلاة} تضييع وقتها المختار فمن أخرها عنه لغير عذر شرعي وهو ما لا طاقة لك على إزالته كحيض و نفاس وبلوغ ونسيان ونوم لا كالأشغال الأسبابية فإن الوقت مقدم عليها فقد جرت العادة أن من حرث في غير الوقت لا يستغل وكذلك من أخرها عن وقتها فلا ثواب فيها بل قد عصى من الكبائر.إهـ وفي بغية المستفيد للمحقق سيدي العربي بن السايح رضي الله عنه:أخبرني بعض الفضلاء ممن لازم الشيخ رضي الله عنه مدة طويلة أن رجلا من أصحابه أتاه فقال له يا سيدي إنني لا أقدر على القيام قبل الفجر بل كثيرا ما أوخر الصلاة إلى أن تطلع الشمس وهذه حالة لازمة لي لا أستطيع الإنفكاك عنها وكأنه يريد من الشيخ رضي الله عنه أن يرخص له في ذلك فلم يساعده رضي الله عنه بشيء بل قال له في جوابه{أنت رجل لا تصلح لطريقتنا فاطرح سبحتنا عنك} وأراد بذلك رضي الله عنه زجر الرجل عن الركون إلى الترخصات بالتأويلات التي يأباها التقييد بالسنة المطهرة.إهـ وأنت ترى أن العمدة سيدي العربي بن السائح رضي الله عنه قد حمل قول الشيخ سيدي أحمد التجاني رضي الله عنه على أنه زجر للرجل.
وكم رأيت ممن كان هذا شأنه وبفضل تمسكه بالطريقة التجانية صار مواظبا على الصلاة في أول وقتها وفي الجماعة معظما لها ومعتنيا بها حق العناية قال العلامة سيدي أحمد سكيرج رضي الله عنه في كشف الحجاب ص206 بتحقيق سيدي محمد الراضي كنون عند ترجمته للقطب سيدي علي التماسيني رضي الله عنه:كان يقول بعد أن يرفع يديه ويجعل سبابة يده اليمنى على بنصر اليسرى ثم ينقلها للوسطى ثم للسبابة{مراتب أصحاب هذه الطريقة المحمدية قريبة ومتوسطة وبعيدة هكذا ويشير لأصابعه الثلاثة فالقريبة يقول لسان الحضرة الختمية لصاحبها إن خالفتني في خاطر من الخواطر تموت كافرا والعياذ بالله والمتوسطة مرتبة المقدمين فالتقديم مرتبة من المراتب العظام والبعيدة هي مرتبة الذين لا حزم لهم في الطريق بحيث يحصل لهم الكسل عند أداء الأركان المطلوبة منهم كما ينبغي حتى إنهم في بعض الأحيان من كسلهم ينامون عن صلاة العشاء وجميع هذه المراتب يدخل أهلها في ضمان النبي صلى الله عليه وسلم الذي أخبر به سيدنا رضي الله عنه.إهـ
وعلى ضوء ما مر فعدم لبس الحجاب لا يمنع من أخذ الإذن وبعد أخذ الإذن عدم لبس الحجاب ليس فيه قطع للطريقة وأسباب انقطاع المريد عن الطريقة ثلاثة من خالف شرطا منها يُرفع الإذن عنه في الحال ذكر فضيلة العلامة سيدي إبراهيم صالح الحسيني رضي الله عنه في حقيقة الطريقة التجانية ص46:اعلم أن الطريقة التجانية لا ينقطع المريد عنها بعد أخذها إلا إذا أخل بواحد من الشروط الثلاثة وهي عدم أخذ ورد على وردها وعدم زيارة الأولياء الأحياء والأموات وعدم ترك الورد إلى الممات وأما رفع الإذن عن المريد فلا يجوز لأحد من المقدمين إلا لصاحب الطريقة فقط أولخليفته إذا أخل المريد بشرط من هذه الشروط الثلاثة.إهـ
لكن المعصية واقتراف المحرمات تكون مانعا لصاحبها من وصول الأنوار إلى قلبه والإستفادة من أذكاره وإذا قال علماء الطريقة رضي الله عنهم بجواز إعطاء الطريقة للعاصي لا يعني أنهم يحللون ما حرم الله أو يشجعون على اقتحام ما حرم الله قال العارف بالله سيدي محمد عز الدين العمارتي رضي الله عنه {الطريقة تحلية لا تحلل حراما ولا تحرم حلالا}.لكن دورهم في استدراج المريد وإخراجه من المعصية إلى الطاعة وإعانته على التوبة بما أعطاهم الله سبحانه وتعالى من سر الوراثة المحمدية الأحمدية.
وعلى المريد أن لا يخدع نفسه بتركها جارية في هواها دون مخالفتها وليعلم أن المحبة التي دفعته لأخذ هذا الورد العظيم والتمسك بحبل هذه الطريقة السنية قاضية عليه بمتابعة صاحبها قال العلامة سيدي أحمد سكيرج رضي الله عنه في طرق المنفعة بالأجوبة عن الأسئلة الأربعة ص10:المريد إذا تمكنت محبة الشيخ من قلبه فإنه يكون حريصا على متابعته متابعة الظل لشاخصه لأن المحبة قاضية عليه بذلك وعلى قدر الإتباع يكون الإنتفاع.إهـ وقال العارف بالله المحقق سيدي العربي بن السائح رضي الله عنه في بغية المستفيد لشرح منية المريد ص320 طبعة دار التجاني:ومن شأن الحبيب كمال المتابعة لمحبوبه في جميع أفعاله.إهـ وقال العارف بالله سيدي محمد عز الدين العمارتي التجاني الحسني رضي الله عنه:المحبة ليست لها موازين ولكن لها علامات منها الإتباع.إهـ والشيخ لم تكن سيرته إلا كما قال العلامة سيدي إدريس العراقي رضي الله عنه في كتابه الجواهر الغالية في الجواب عن الأسئلة الكرزازية:اعلم أن سيرة مولانا الشيخ رضي الله عنه على الإجمال والتفصيل هي سيرة جده مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم.إهـ فترى المريد التجاني الصادق في محبته سالكا شوامخ عزائم الشريعة الغراء في فراره إلى الله سبحانه وتعالى مشتغلا بما فيه صلاح حاله وفلاح مآله مشمرا على ساق الجد والإجتهاد مقبلا على ما يقربه إلى الله سبحانه وتعالى بإقبال تام فلم يضيع أوقاته سدا ولا ترك عمره ينقضي هملا منافسا بنفيس الأنفاس في إدراك أمنيته قبل منيته.والسر في نجاح أي فضيلة وتحقيق حقيقتها يكمن في نجاح من دعا إليها وعمل بها وظهرت آثارها عليه وصارت ثمارها بين يديه وإلا كان وبالا على دعوته و حجابا منسدلا يحجب حقيقة طريقته.وليستحيي من أن يكون سببا في ذلك إذ الناس يتعاملون في الظاهر بما تقتضيه وتدل عليه المظاهر.
واستغفر الله العظيم.
اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق
ناصر الحق بالحق والهادي إلى صراطك المستقيم
وعلى آله حق قدره ومقداره العظيم.