الخطبمقالات

المسيح الدجال و المسيح الحق الصادق

 

خطبة الجمعة في موضوع 

[ المسيح الدجال و المسيح الحق  الصادق]

 

*الْحَمْدُ لِلَّـهِ رب العالمين * و الصلاة و السلام الأتمان الأكملان على سيدنــا محمد  سيد الأنبياء و المرسلين * ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،* ونشهد أن سيدنا و نبينا  و مولانا محمدا عبد الله و رسوله و مصطفاه من خلقه و خليله، فصلى الله عليه و سلم من نبي أمين، ناصح حليم وعلى آله وصحابته، وعلى من حافظ على دينه و شريعته واستمسك بهديه و سنته إلى يوم الدين . 

* أَمَّا بَعْدُ، فيا عباد الله: نحدثكم اليوم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المسيح الدجال و عن المسيح الحق عيسى ابن مريم البتول فاستمعوا واعتبروا:

عن أنس رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :[ما من نبي إلا وقد أنذر أمته الأعور الكذاب ، ألا إنّه أعور، وإن ربكم عز وجل ليس بأعور ، مكتوب بين عينيه:”ك. ف.ر“]متفق عليه .بمثل هذا بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه عن المسيح الدجال. فقال له أصحابه : [يا رسول الله ؛ أكثرْتَ الحديث عنه ، فخِفنا ، حتى ظنناه قريباً منا،وكأنه سيطلع علينا بعد قليل من ناحية هذا النخيل، قال صلى الله عليه وسلم :غيرُ الدجال أخوفني عليكم؟( أي أخاف عليكم ما هو أشد فتنة من الدجال فقد ورد في حديث آخر أن أخوف ما يخاف على أمته الأئمة المضلين لأن فتنتهم قريبة غير بعيدة والمقصودُ بالأئمة المضلين:الأئمةُ المتبوعون الذين يضلون الناس عن سبيل الله ، فيدخل في ذلك الحكام الفسدة والعلماء الفجرة،والعُبَّاد الجهلة . قال سفيان بن عيينة رحمه الله كَانُوا يَقُولُونَ : مَنْ فَسَدَ مِنْ عُلَمَائِنَا فَفِيهِ شَبَهٌ مِنْ الْيَهُودِ، وَمَنْ فَسَدَ مِنْ عُبَّادِنَا فَفِيهِ شَبَهٌ مِنْ النَّصَارَى.وقال غير واحد من السلف: احْذَرُوا فِتْنَةَ الْعَالِمِ الْفَاجِرِ،وَالْعَابِدِ الْجَاهِلِ، فَإِنَّ فِتْنَتَهُمَا فِتْنَةٌ لِكُلِّ مَفْتُونٍ) إذا خرج فيكم فأنا حجيجه دونكم ـ أي: خَصْمُه الذي يُحَاجُّه ويُقِيمُ عليه الحُجَّةَ -، وإن يَخرجْ ولست فيكم فامرؤٌ حجيجُ نفسه ـ أي: فكلُّ امْرِئٍ يُحَاجُّه ويُحَاوِرُه ويُغَالِبُه لِنَفْسِه ـ، واللهُ خليفتي على كل مسلم قالوا : يا رسول الله صفه لنا قال: إنه شاب شديد جُعُودِ الشعر، عينُه اليمنى بارزة ناتئة كأنها عِنَبةٌ طافية، قد ذهب نورُها،أعور، يدّعي الألوهية، مكتوب على جبينه: كافر..ـ (يرى المؤمن ذلك واضحاً قارئا أو غير قارئ) ـ  .قالوا: فمن أين يخرج يا رسول الله؟.قال: خارجٌ خلةً بين الشام والعراق(أي: خارجٌ في خَلَّةٍ وهي الطَرِيق بينَ هاتين الجِهتينِ، والخَلَّةُ: مَوْضِع صُخُور)،فيعيث فساداً في الأرض أينما ذهب.قالوا:فما لـُبْثـُه في الأرض؟ – كم يبقى في الأرض ـ قال:أربعون يوماً: يومٌ كسنة، ويومٌ كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم.قالوا:يا رسول الله؛ فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال:لا، اقدروا له قدْرَه – (وذلك بأنْ يُصَلُّوا في قَدْرِ كلِّ يومٍ وليلةٍ خَمْسَ صَلَوَاتٍ؛ فتَجْتَمِعُ في ذلك اليومِ الواحِدِ صلاةُ سَنَةٍ كاملةٍ، ومعناه: أنَّ امتدادَ ذلك اليومِ بهذا القَدْرِ مِن الطُّولِ يكونُ حَقِيقِيًّا، لا أنَّ الناسَ يَظُنُّونَه كذلك لِأَجْلِ ما هُم فيه مِنَ الهَمِّ والغَمِّ لِأَجْلِ المُصِيبَةِ والفَسَادِ.  – فسألوا: «يا رسولَ الله، وما إسراعُه في الأرضِ؟ قال:كالغيث استدبرته الريح ـ (كالغَيْثِ والمرادُ به: الغَيْمُ، أي: يُسرِعُ في الأرضِ إسراعَ الغَيْمِ «اسْتَدْبَرَتْهُ الرِّيحُ»، أي: جاءَتْه الرِّيحُ مِن خَلْفِه )- قالوا: أيدخل كل البلاد ويفسدها؟!قال:ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال،إلا مكة والمدينة،تحول الملائكة بينه وبينهما صافـّين يحرسونهما. فإن وصل المدينة نزل بالسبخة القريبة منها، فترجف المدينة ثلاث رجَفات، يُخرجُ الله منها كلَّ كافر ومنافق قالوا: فماذا نفعل، إن ظهر ونحن أحياء؟قال: انفروا في الجبال، ولا تقفوا في طريقه، فما بين خَلـْقِ آدمَ إلى قيام الساعة أمرٌ أكبر من الدجال، فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف.قالوا:فما الذي يفعله؟!قال: يأتي على القوم، فيؤمنون به، ويستجيبون له. فيأمر السماء، فتمطر،والأرضَ فتنبت، وتعود عليهم إبلهم وبقرهم وأغنامهم ضخمة الأجسام، ممتدة في الطول والعرض سِمَناً، ويكثر لبنُها ـ (وهذا استدراج كبير نسأل الله الثبات على دينه) – ويمر بالخِربة التي هجرها أهلها منذ غابر الأزمان، فيقول لها : أخرجي كنوزك، فتتبعه كنوزها كذكور النحل المجتمعة،فيزداد أتباعُه به ضلالاً .ويأتي على القوم، فيدعوهم فيردون عليه قوله، ويثبتهم الله على الإيمان، فينصرف الدجال عنهم، فيصبحون مُمْحِلين، ينقطعُ الغيث عنهم، وتيْبَسُ الأرض والكلأ، ليس في أيديهم شيء من أموالهم ولا أنعامهم،(نسأل الله أن يثبتهم على دينهم) .قالوا : يا رسول الله؛ أمعهُ شيء غيرُ هذا ؟قال : نعم …. فمن ذلك أن الدجال يخرج ومعه ماء ونار . فأما الذي يراه الناس ماءً فنارٌ تُحرق ، وأما الذي يراه الناس ناراً فماءٌ بارد وعذب. فمن أدركه منكم فلْيقعْ في الذي يراه ناراً، فإنه ماء عذب طيب.قالوا: يا رسول الله ؛ أفلا نُحَاجُّه ، ونكذّبه؟ .قال: لا يَظـُنَّنَّ أحدُكم أنه قادرٌ على ذلك. (فإذا ذهب إليه فتنه، فتبعه، فضلَّ وكَفر).نسأل السلامة و العافية. سبحان ربك رب العزة  عما يصفون ، و سلام على المرسلين  و الحمد لله رب العالمين .

                                الخطبة الثانية

*الحمد لله على نواله وإفضاله،والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد النبي الأمي، الصادق الزكي،وعلى آله،وعلى جميع من تعلق بأذياله        و نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده و رسوله و بعد أيها المؤمنون: قالوا: فمن أعظم شهادة عند رب العالمين إذ ذاك؟.قال: يتوجه إليه رجل ممتلئا شبابا من المؤمنين، فيتلقّاه مقدّمة جنود الدجال، فيقولون له: إلى أين تذهب أيها الرجل؟ فيقول : أعمِدُ إلى هذا الرجل الذي يزعم أنه إله .. فيتعجبون من جوابه، ويسألونه:أوَ ما تؤمن بربنا؟! فيقول: هذا ليس ربّاً، إنما ربكم الذي خلق السموات والأرض، وما هذا إلا مارق كافر، فيثورون فيه، ويتنادَون لقتله، ويهمّون بذلك، لولا أن كبيرَهم يذكّرُهم أن الدجال أمرهم أن لا يقتلوا أحداً حتى يُعلِمُوه بذلك . فيقيّدونه وينطلقون به إلى الدجال .فإذا رآه المؤمن صاح بأعلى صوته: أيها الناس؛ لا يغرنكم هذا الشيطان، فإنه أفـّاك دجال ، يدّعي ما ليس له، هذا الذي حذركم منه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيشتد غضب الدجال ويأمر الدجال رجاله أن ينشروه بالمنشار من رأسه إلى أن يفرق بين رجليه فيفعلون، ويُبعدون القسمين أحدهما عن الآخر، فيمشي الدجال بينهما مستعرضاً ألوهيته، فيخر الناس ساجدين له ـ فينتشي عظمة وخُيلاء ثم يقول له : قم .. فيقترب النصفان، فيلتحمان، فيعود الرجل حياً، فيقول له الدجال: أتؤمن بي إلهاً؟ ، فيتهلل وجه المؤمن قائلاً: ما ازددت فيك إلا بصيرة، وقد حدثنا الرسول صلى الله عليه وسلم أنك ستفعل بي ذلك .ثم ينادي الرجل بأعلى صوته: انتبهوا أيها الناس، إنه لن يستطيع أن يفعل بعدي بأحد من الناس شيئاً، لقد بطل سحرُه، وعاد رجلاً مسلوب الإرادة كما كان . فيأخذه الدجال ليذبحه، فلا يستطيع إليه سبيلاً، لأن الله تعالى جعل ما بين رقبته إلى تُرْقـُوته نحاساً، فيأخذ الدجال بيديه ورجليه فيقذف به فيحسب الناس أنما قذفه إلى النار، وإنما ألقي في الجنة. فهذا أعظمُ شهادة عند رب العالمين. قالوا: يا رسول الله ؛ كيف ينقذنا الله من فتنة الدجال ؟قال: في هذه اللحظة – حين يبلغ السيلُ الزبى – يرسل الله أخي عيسى، ليكونَ السهمَ الذي يُصَمُّ به عدوّ الله وعدوّكم. قالوا: وأين يكون عيسى عليه السلام، يا رسول الله؟ قال : إنه في السماء، رفعه الله تعالى إليه حين مَكَرَ اليهودُ به، وأرادوا قتله ، ورعاه هناك ليعود إلى الأرض في الوقت الذي قدّره الله تعالى، وللأمر الذي يريده سبحانه. قالوا: صفه لنا، يا رسول الله؟ قال:ينزل عند المنارة البيضاء، شرقيّ دمشق، يلبس ثوبين جميلين،واضعاً كفيه على أجنحة ملكين، إذا طأطأ رأسه انحدر منه ماء الوضوء، وإذا رفع رأسه انحدر منه قطرات الماء كأنها اللؤلؤ الصافي. فلا يحل لكافر يجد ريح نَفَسه إلا أن يموت،وينتهي نفَسُه إلى حيث ينتهي طَرْفـُه قالوا: فماذا يفعل الدجال حين يسمع بعيسى عليه السلام قادماً ؟.قال : يفر من بين يديه إلى اللد ؛ وهي مدينة في فلسطين ، قريبة من القدس ، لكنّ عيسى عليه السلام يتبعه ، ويطعنه برمحه ، فيذوب بين يديه كما يذوب الملح في الماء … ويرفع الله الهمّ والغمّ عن المسلمين ، ويحدثهم عيسى رسول الله بدرجاتهم في الجنة ، ويمسح عن وجوههم بيده الشريفة ، فما في الدنيا إذ ذاك أعظم سعادة منهم) .بتصرف مما رواه مسلم  وغيره ، عباد الله استعينوا على اموركم كلها بالإكثار من الصلاة  و التسليم على ملاذ الورى في الموقف العظيم، اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق و الخاتم لما سبق، ناصر الحق بالحق، و الهادي إلى صراطك المستقيم، و على آله حق قدره و مقداره العظيم،

(ربنا لاتزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب)(ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان) (ولاتجعل في قلوبنا غلا  للذين آمنوا،ربنا إنك رؤوف رحيم)(سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، و الحمد لله رب العالمين)

الخطبة من إنشاء عبد ربه الفقير إلى فضل الله و رحمته :” ذ. سعيد منقار بنيس”

الخطيب بمسجد ” الرضوان ” لافيليت /عين البرجة/ الدار البيضاء

أستاذ العلوم الشرعية بمدرسة العلوم الشرعية

التابعة لمؤسسة مسجد الحسن الثاني

مفتش منسق جهوي لمادة التربية الإسلامية للتعليم ثانوي متقاعد

البريدالالكتروني mankarbennissaid@gmail.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى