رسائل أصحاب الشيخمقالات

رسائل تجانية من الرسالة 51 إلى 75

الرسالة الحادية والخمسون

منقولة من مشاهد سيد الحاج علي حرازم رحمه الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر سيدنا رضي الله عنه أن يكتب للسيد الطاهر بوبلة رحمه الله رسالة في شأن سيدي الحاج علي حرازم بأن يقف معه وقوف الكرام ويقول له فيها: هو حبيبك ومن أحبك فهو حبيب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

الرسالة الثانية والخمسون

من سيدنا رضي الله عنه أجاب بها السيد العلامة المحقق أبو عبد الله سيدي محمد بن عبد الله التلمساني رضي الله عنه ونص الرسالة: بعد البسملة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يصل الكتاب إلى يد سيدي محمد باعث القصيدة إلينا: السلام عليك ورحمة الله وبركاته تنـزل عليك طول الليالي والأيام، من كاتبه إليك أحمد بن محمد التجاني الذي بعثت إليه القصيدة، أما بعد: أيها السيد ما أنا بأهل بذلك المدح الذي مدحتني به، فبالله الذي لا إله إلا هو ما فينا بشيء منه وإني لغريق في بحار المعاصي والجهالة إلا أن يتداركني الله بفضله ورحمته وإلا فما أعظم ما نحن فيه من الخسران المبين، وأنت جزاك الله خيرا عن حسن ظنك، ونسأل الله عز وجل بجوده وكرمه أن يوفقنا وإياك إلى طريق الهدى والرشاد، وأن يسلك بنا وبك طريق التحقيق والسداد وأن يميتنا ويميتك على الدين الذي ارتضاه لخاصته من أوليائه بجاه النبي صلى الله عليه وسلم، ثم اعلم أيها السيد أنك في طريق طلب العلم، فلتكن نيتك فيه لتقوم بواجب حكم الله عليك وتعلم به أحكام ربك، وإياك أن تطلب لرياسة أو لطلب دنيا فإن ذلك فيه هلاك الدنيا والآخرة، ثم الذي أحضك عليه أن لا تخلي نفسك من ذكر الله والصلاة على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم فإنهما ينوار القلب، وواظب على قوله تعالى: “شهد الله أنه لا إله إلا هو” إلى “الإسلام”، و “قل اللهم مالك الملك” إلى “حساب”، دبر كل صلاة، فإنهما تعلقتا بالعرش حين أراد الله هبوطها إلى الأرض وقالتا يا ربنا تهبطنا إلى الأرض وإلى من يعصيك، فقال الله عز وجل، بي حلفت لا يقرؤكن أحد دبر كل صلاة إلا أسكنته حضرة القدس ولأعيذنه من كل عدو ولأنظرن إليه بعيني المكنونة ولأقضين له في كل نظرة سبعين حاجة، وأن من قرأكن دبر كل صلاة قبل أن يتكلم: اللهم إني أقدم بين يدي كل نفس ولمحة ولحظة وطرفة يطرق بها أهل السماوات والأرضين وكل شيء هو في علمك كائن أو قد كان أقدم إليك بين يدي ذلك كله وعند ذلك كله وملء ذلك كله، “الله لا إله إلا هو الحي القيوم” إلى “العظيم” كتب له في كل ساعة من ساعات الليل والنهار سبعون ألف ألف حسنة من وقت قراءته إلى حين النفخ في الصور، وأن من قال: “سبحان الله حين تمسون وحين تصبحون” إلى “تخرجون”، و “سبحان ربك رب العزة” إلى “العالمين”، دبر كل صلاة كتب له بعدد كل ما على الأرض من حجر وشجر حسنات، وأن من قال بعد صلاة الصبح إلى غروب الشمس: سبحان الله مائة مرة والحمد لله مائة مرة، كان له من الأجر في كل وقت من الوقتين أجر مائة بدنة متقبلة هديا عند البيت ومائة فرس في سبيل الله وعتق مائة رقبة وله ملء ما بين السماء والأرض حسنات، وأن من قال بعد صلاة الصبح وبعد صلاة العصر: اللهم صل على سيدنا محمد النبي عدد من صلى عليه وصل على سيدنا محمد النبي عدد من لم يصل عليه من خلفك وصل على سيدنا محمد كما ينبغي لنا أن نصلي عليه وصل على سيدنا محمد كما أمرتنا أن نصلي عليه، مرة واحدة رفع له من الأجر في كل يوم مثل أجر جميع من عبدَ الله من خلفه لا ترفع لمخلوق حسنة إلا رفع له مثلها، وأن من قال بعد صلاة الصبح وبعد صلاة العصر هذه الصلاة عشر مرات استوجب رضى الله الأكبر والأمان من سخطه في الدنيا والآخرة، وتوالت عليه الرحمة والحفظ الإلهي وهي: “اللهم صل على سيدنا محمد السابق للخلق نوره والرحمة للعالمين ظهوره عدد من قضى من خلقك ومن بقى ومن سعد منهم ومن شقي صلاة تستغرق المد وتحيط بالحد صلاة لا غاية لها ولا انتهاء ولا أمد لها ولا انقضاء صلاتك التي صليت عليه صلاة دائمة بدوامك باقية ببقائك وعلى آله وأصحابه كذلك والحمد لله على ذلك”، وأن من قال بعد صلاة الصبح وبعد صلاة العصر: “بسم الله الرحمن الرحيم لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم” عشر مرات خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه وكانت أفضل من سبعين حجة وسبعين عمرة متقلبة ورفع عنه سبعون بلاء أيسرها الجذام، وأن من قال: “شهد الله أنه لا إله إلا هو” إلى “الإسلام” عشر مرات بعد صلاة الصبح وبعد صلاة العصر كتبه الله من أهل الفردوس، وإن هذه الصلاة من صلى بها مرة واحدة فكأنما قرأ دلائل الخيرات سبعين ألف مرة وهي: “اللهم صل على سيدنا محمد صلاة تعدل جميع صلوات أهل محبتك وسلم على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد سلاما تعدل سلامهم”. وهذه الخواص من أسرار الله المكنونة التي لا يعلمها إلا لمن خصه الله بمعرفتها فليستعملها الإنسان بنية صالحة صادقة سالمة من الشك وسوء الإعتقاد فمن حسنت نيته أدرك ما ذكر فيها وبالله سبحانه التوفيق والسلام.

 

 

الرسالة الثالثة والخمسون

من البركة الأجل السيد الطاهر بن عبد القادر القندوسي رحمه تعالى بيد البركة سيدي عمارة بن صالح إلى سيدنا رضي الله عنه قبل الإجتماع به يتشوق فيها للإجتماع ويسأله فيها الدعاء له بصلاح أحواله وأن ينقذه من قيود أوحاله إلى أن قال: وأؤكد عليك يا سيدي أني      تطرح همتك على قلبي من هناك لكي تفرق هوى جسمي بنور المعرفة والحضور وبسر المحو والثلاشي في المذكور في أوقات الإجابة حيث تحتال للوقوف بين يدي الخالق في حضرة القدسية لقول الشاعر:

لما علمت بأن قلبي فارغ

مما سواك ملأتـه بهـواك

وملأت قلبي حتى لم تدع

مني مكانا خاليـا سـواك

والقلب فيك هيامه وغرامه

والنطق لا ينفك عن ذكراك

والطرف حيث أجيله متلفتا

في كل شيء يجتلي معناك

والسمع لا يصغي إلى متكلم

إلا إذا ما حدثــو بحـلاك

وأردت من الله ثم من سيدي أن تفهم لي إشارة الشاعر الذي قال في إنشاده:

أصرف أربع بها هام قلبي   وتلاشت بها هموم لفكري

ألفٌ ألَّف الخلائق للصنــع ولام على الملامة يجري

ثم لام زيادة فـي المعاني    ثم هاء بها أهيم لا أدري

فهم لي إشارة الألف الذي ألّف الخلائق للصنع ما هو، وما معنى اللام التي على الملامة تجري، وما معنى اللام الزائدة في المعاني والهاء التي يهيم فيها ما هي، لأني فهمت في ذلك من الله فهما، وما سمعته من أحد ولا رأيته في كتاب وخفت أن نهلك بتلك النية حيث لم يكن عندي فيها شيخ. بتاريخ أواخر شعبان عام 1225

 

 

 

 

 

 

الرسالة الرابعة والخمسون

من البركة الأجل السيد العربي بن محب سيدنا رضي الله عنه السيد إدريس القواني الشلاني إلى سيدنا رضي الله عنه ما نصه معدن الأنوار وزمزم الأسرار ومنهل الواردين وهادي المريدين شمس العارفين المتأنس بالشهادة في كل نفس وحالة زاده الله ترقيا وقوة، الشيخ سيدي أحمد سلالة محمد التجاني نفعنا الله به آمين، مطلق سلام الله على سيدنا ورحمت الله وتحياته ورضوانه من غير عدد ولا حساب وجميع من ينسب لسيدنا ومن بدائرته ومحبته وأخص منهم سيدي محمد بن المشري، وبعد سيدنا فإنا على محبتك ومحبة من يحبك ومن في سلسلتك والحمد لله على ذلك، ومن ذلك نرجو الخير إن شاء الله، واعلم سيدنا أعلمك الله بخير، وإني أخذت وردك في حياة الحاج احمد الزاوي رحمه الله وكنت من حياة والدنا محبكم إدريس القواني الشلاني نحبك ونحب من أخذ عنك وجبلت على ذلك، ولا نرى أحدا من ناحيتكم إلا ما سألته لعلي أجده منكم وأرحمه من أجلك وبقيت نسأل العرب وكل من ورد من (الظهر) أو تعرفت بالحاج أحمد بالزمان الذي كان يعتق فيه العبيد بإذن سيدنا وعلم بمحبة في سيدنا وأتاني بكتاب كريم من عند سيدنا يتضمن لي الإذن في ورده العزيز وفي إعطائه لمن طلبه مني من المسلمين وكاتبه سيدي محمد بن المشري وسررت به إلى غاية السرور وقبلته ومسحته على وجهي وفتحته ووجدت فيه ما شد عضدي وجعلته أعز شيء عندي فهاهو عندي محترم عزيز ولله الحمد، وقدمت بعد ذلك لمدينة فاس وصليت خلفك صلاة العصر في الجمعة ومع هذا كله كنت مقطوعا بهواي من ربي مطموس البصيرة وأنا جاهل ما أنا فيه غير أني كنت عالما بالله عز وجل غير عامل و اجترأت على ربي غاية الجراءة إلى يوم وأنا نائم إذ رأيت أناسا مجتمعين صالحين وكثير من أعمال الخلق معرم شيء صغير وشيء كبير، وتلك الجماعة على عرمة رطب كبيرة جيدة، وأردت القعود معهم فقبضني أحد منهم بيدي بحسن الخلق، وقال لي أنت لست منا لأنك لست من المتقين وذهب بي إلى عرمة صغيرة ورأيت فيها جميع عملي واستحقرتها وقال لي علمك كله أو اتركه وذهب عني وتركني وقبضني خيال أسود كإنسان وصرعني ودخل في جسمي منذ عامين وأنا كل يوم يريني سوء فعلي من جميع ما عملت وبقيت سيدي مقطوعا في بحر الندامة ونريد من سيدنا أن يزاودنا بصالح الدعاء أن يصرف الله عني ما دهاني وأن يجبر حالي فإني مكسور ومسلوب وأنا منتسب عليكم ومحبكم وابن محبكم وخديمكم.

 

الرسالة الخامسة والخمسون

من البركة الأجل والمقدم الأفضل سيدي محمد بن عثمان الجريد رحمه الله بعثها إلى الفقيه سيدي محمد بن المشري رضي الله عنه وذكر له فيها بعض (من آية) للنبي صلى الله عليه وسلم منها رئيا رأى فيها النبي صلى الله عليه وسلم وسيدنا جعفر وسيدنا عثمان رضي الله عنهما، وذلك أنه رأى نفسه ذاهبا في بعض البلاد فلقيه رجل فقال له أعطني محبوبا ونخبرك عن سيد الوجود صلى الله عليه وسلم، فقال له خذه، قال فجذبني وقال لي هذا رسول الله فوجدته صلى الله عليه وسلم على هيئة حسنة على زربية جيدة متوجها للقبلة فقال لي أنا محمد صلى الله عليه وسلم قال فقبلت رأسه وركبتيه وأدخلت رأسي تحت ردائه فغشيني رائحة أزكى من المسك، فقلت له إشفع لي يا سيدي يا رسول الله، فقال لي أنا شفيع لك وللمومنين قال فقلت له بعد ذلك يا سيدي يا رسول الله ماذا تقول في سيدي أحمد بن سالم، قال فرفع يديه الشريفتين نحو ذراعي على الأرض وقال لي هكذا أعلى من الناس فعند ذلك قال للنبي صلى الله عليه وسلم هل هو قريب الرحول فأجابه فقوله اثني عشر أو ثلاثة عشر وسكت ثم استيقظ، ومنها أنه رآه صلى الله عليه وسلم في محفل فقيل له هذا المصطفى هنا قال فدخلته، ثم قال هذا هو تعرفه، فقال له الحاضرون: بالله عليك كيف تعرف المصطفى، فقال: نعرفه بالخاتم الذي بين كتفيه أو بوارد الحديث فرفع صلى الله عليه وسلم يده اليسرى ففسخت ثوبه عن كتفيه فوجدت شيئا من الشعر مجتمعا طويلا فقبلته ومسحت به على وجهي، فقلت لهم هذا هو ثم استيقظت، ومنها أنه رآه في حاشية نهر ماء مثل النيل مع رجلين، فقال واحد من الرجال هذا المصطفى قال فهرولت نحوه فلقيته متربعا فقبلت بالمن رجله يا سيدي يا رسول الله بغيث الأمان، فقال لي عليك الأمان، فقلت لي بغيت الأمان من الشيخ فأجابني بالنشاط، من شيخك؟ فقلت سيدي أحمد التجاني فقال لي عليك الأمان منه، ثم بعد ذلك قال لي قل له قال لك محمد نهار الخميس نتلاقى بك ثم استيقظت والسلام.

 

 

الرسالة السادسة والخمسون

من الولي الصالح السيد العربي السائح رحمه الله تعالى أجاب بعض علماء تونس رحمه الله ونصه تنبيه تتم به الفائدة عند كل لبيب نبيه وهو أن يعلم أن هذه الإجازة المطقة العامة الخالية عن كل التقييد وحصرها بحيث يجعل المجيز لمن أجازه أن يجيز في جميع أوراد الطريق اللازمة وغير اللازمة، وأن يقدم لذلك من شاء ويجعل له ذلك أيضا وهلم جرا إلى آخر الدهر لم تقع لسيدنا رضي الله عنه إلا الأفراد من خاصة أصحابه، ثم ذكر جملة منهم ثم قال منهم الشيخ الولي العالم الناصح أبو سالم سيدي عبد الله بن حمزة العياشي المعروف بسيدي عياش أحد حفدة الشيخ أبي سالم العياشي صاحب الرحلة رحمه الله تعالى وقد طالعت إجازة الشيخ له ومن جملة ما رأيته فيها، من الشروط أن لا يصافح الملقن بيده يد امرأة ليست ذات محرم منه واعلم أن هذا الشرط مما ينبغي أن يكون  نصب عين الموفق ويقوم على ساق الجد في أدائه أتباعا الطريق الحق ويجتنب الإزدحام في المواضع التي تقف به النساء فإن كثيرا من الناس وفقنا الله وإياهم لعمل صالح قد أهملوه حتى اداهم الحال إلى اختلاط الرجال بالنساء في الزوايا وخرجوا في ذلك عن حد الشريعة إلى ما لا يرضاه الله ورسوله ولا ناهي ولا منتهي فإنا لله وإنا إليه راجعون مع كونه من أعظم مفاسد الدين قد ذكر في البغية طرفا من المفاسد التي يجب التحدير منها ومن ذلك حضور النساء بالقرب من حلق الذكر بحيث يسمعن نغمة الحادي وينظرون إلى الرجال الذاكرين لما في ذلك من المفاسد المحققة عند كل لبيب نبيل، ولاسيما في هذا الزمان الرذيل الذي تراكمت فيه الفتن وعظمت فيه المحن فلا يغر على هذا الفعل إلا من لم يشفق على نفسه ودينه والعياذ بالله تعالى، وفي الحديث باعدوا بين أنفاس الرجال وأنفاس النساء، أو كما قال عليه الصلاة والسلام وقال بعض العارفين ما أيس الشيطان من إنسي قط إلا أتاه من قبل النساء، وقال سفيان الثوري قال ابليس لعنه الله سهمي الذي (إن رمت) النساء والعجب ممن يقرهن على الحضور بالزاوية وجلوسهن بحيث يتوسمن وجوه الداخلين والخارجين منها وبحيث يسمعن صوت الحادي وهو يعلم ما في ذلك من المفسدة المحققة، مع (يعلمه) من سيرة سيدنا رضي الله عنه ولو لم يكن إلا ما تبث عنه رضي الله عنه من أنه أمر القيم على مئاربه في الليلة التي توفي رضي الله عنه صبيحتها أن يدعوا ثمانية نفر من خاصة أصحابه الأتقياء الأبرار ليبيتوا معه، ثم بعد أن خرج في طلبهم دعا بالقيم فقال له أني فكرت فيما كنت أمرتك به من إعلام أصحابنا للمبيت معنا فعلمت أني لا أستغني عن الخدم والرجال والنساء لا يمكن اجتماعهن بمكان واحد ويغلب على الظن أنه رضي الله عنه قال له وقد قال صلى الله عليه وسلم باعدوا بين أنفاس الرجال.. الحديث السابق، لكان كافيا في هذا مع ما روى عنه رضي الله عنه من أن يده لم يصافح يد امرأة قط عند التلقين للورد وكان يأمر ذوي محارمهن يلقنهن وربما لقن بعضهم بالكلام فقط، ومن المتواتر أنه كان لا يتركهن أن يواجهنه عند زيارتهن له وطلبهن الدعاء منه وإنما كان يأمرهن أن يقفن خلفه من بعد فيعلمه القائم بين يديه من أصحابه الأخيار عنه متابعة للسنة وسد الذريعة في هذه المفسدة التي هي لا محالة أشد بلية وأعظم فتنة فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم، وما ذكرت هذا إلا أداء للنصيحة الواجبة في الدين، وخصوصا إخواننا وأصحابنا وأهل طريقتنا الذين لهم الحق الأكيد علينا ولا أظن أن أحدا ممن يقف عليه يكابر فيه أو تشرف نفسه إلى البحث فيما تضمنه واشتمل عليه لأنه الصراط المستقيم المأمور باتباعه دون السبل التي تتفرق بمتبعتها على سبيل الحق والهدى القويم.

 

ونهج سبيلي واضح لمن اهتدى

ولكنما الأهواء عمت فأعمت

 

 

الرسالة السابعة والخمسون

من سيدنا رضي الله عنه يطلب فيها من النبي صلى الله عليه وسلم أن يضمن للولي الصالح والعارف الشهير سيدي الحاج محمد بن موسى التركي رحمه الله له مع ما بعثه معه حتى يصل لمكانه بسلامة، وهاك نصها: بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اسأل من فضل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضمن لنا السلامة والأمان لجميع الأبعرة التي أردنا بعثها إلى بني اصميل وجميع الثمر والسمن الذي تذهب به وجميع الزرع الذي تأتي به ومحمد بن موسى التركي وجميع بغاله وكل ما يحمل إلى داره من ثمر وسمن ونفسه وأمواله وأهله وأولاده وكافة قبيلة بني اصميل من جميع شرور محمد باي أم عسكر وجميع مخازنيته وملاقاتهم بكل ما ذكرنا ومن جميع شرور سليمان قائد تلمسان وجميع مخازنيته وملاقاتهم بكل ما ذكرنا ومن معاقبة الجميع للحاج محمد بن موسى التركي وبني اصميل بعد هذا لأجل القافلة، ومن جميع الظالمين والسراق والغاصبين ومن جميع المصائب والتلف والإنفلات من الآن إلى أن تصلنا القافلة وإلى سنة في الحاج محمد وبني اصميل فإننا محتاجون للزرع، استطراء فانظر رحمك الله كيف كان سيدنا رضي الله عنه يطلب من النبي صلى الله عليه وسلم كل ما يحتاجه من جميع مطالبه الخصوصية والعمومية بحيث يفعل إلا عن إذنه وذلك كله لكماله وعلو مرتبته عند سيد الوجود صلى الله عليه وسلم وكان سيدنا رضي الله عنه في مبادي أمره مع أصحابه إذا طلب منه أحد تحصينه يفعل ذلك حتى صدر له الأمر من النبي صلى الله عليه وسلم بأن لا يحصن إلا من تحقق محبته.

 

الرسالة الثامنة والخمسون

من سيدنا الحاج علي حرازم رضي الله عنه يخاطب بها سيدنا رضي الله عنه نصها: بعد البسملة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، إعلم سيدي رضي الله عنك أن الجواب عما سألت عنه من التحصين للإخوان، فقد قيل أنك تحصن القرية بما فيها والجماعة أيضا بما فيها والقبيلة كذلك، وتعلم أن كل فريق فيهم المحب والمبغض فإذا حصنت الجميع كان وبال المبغض راجعا على الذي يحصنه لأنه لم يصادف محلا للقبول، والآن لا تحصن إلا من تحقق صدقه التام وقربه منك ومودته إليك، ولا تحصن الحالة بما فيها أو القرية بما فيها إلى غير ذلك، ولا تحصن إلا من له فيك صداقة تامة وصحبة كاملة وبر تام، والسلام على سيدنا ورحمة الله وبركاته. وهذا الجواب صدر من النبي صلى الله عليه وسلم كما رأيت.

الرسالة التاسعة والخمسون

من سيدنا رضي الله عنه على يد الواسطة المكرم سيدي محمد بن العربي الدمراوي رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم وتحتها جواب النبي صلى الله عليه وسلم بخط الواسطة المذكور ونص الرسالة: بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله، أسأل الأمان الدائم الكامل من الآن إلى الأبد من غضبك على كل من أبغضني أو غضبت أنا عليه وعلى كل من غيرني أو تغيرت أنا عليه فإنه قد عظم علي البلاء في غضبك يا سيدي على الناس، ونص الجواب الذي خاطب فيه النبي صلى الله عليه وسلم الواسطة المكرم رضي الله عنه مجيبا لسيدنا رضي الله عنه هو: لا أغضب إلا على من سبك أو أراد هلاكك ومن سبك أنت والتجاني أو عاداكم فأنا غاضب عليه يوم القيامة ومن أحبكم فهو من الآمنين وهو أول من نشفع فيه يوم القيامة ولا يحاسب، وأنا صافح عن أفعال من نظر في التجاني يوم الإثنين والجمعة والسلام.

 

 

 

 

الرسالة المتوفية بالستين

من سيدنا رضي الله عنه يطلب من الله تعالى فيها حفظ السيد الجليل ذو الخلق الجميل و الأفعال الحميدة والمناقب العديدة سيد الحاج محمد بن المسكم رحمه الله ونصها: بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد، يا ربي هذا صدقة لوجهك الكريم فداء لسيدي محمد بن العربي وسيدي محمد بن الجلالي وسيدي الحاج محمد بن المسكم وسيدي ابراهيم بن الشيخ وخيولهم الأربعة أو الخامسة من ضرب كل طاعون عمدا أو خطأ ومن ريح كل طاعون ووباء وكل موت ومرض ومن إقبال الطاعون معهم إلى الصحراء أو بسبيهم وهذا فداء لجميعهم من كل ما ذكر من الآن إلى رأس ثلاثين عاما.

الرسالة الحادية والستون

من سيدنا الحاج علي حرازم في ترتيب ذكر أصحاب سيدنا التسعة الخاص من الذين كان سيدنا رضي الله عنه يأمرهم بقراءة التحصين عند الأمور الملمة، أولهم الفقيه العلامة السيد العباس الشرقاوي كان يذكر: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم 800 مرة صباحا ومثلها في المساء، والثاني: الفقيه العلامة سيدي محمد بن المشري كان يذكر الحزب السيفي سبع مرات بين الليل والنهار، الثالث الشريف الأجل سيدي عمر الدباغ كان يذكر في كل صباح ومساء عشرة آلاف من قوله حسبنا الله ونعم الوكيل، الرابع حبيب سيدنا رضي الله عنه الفقيه العلامة السيد أبو مسعود كان يذكر لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم 800 صباحا ومثلها في المساء، ومن آية الكرسي 100 مرة صباحا ومثلها في المساء، الخامس سيدي أبو حفص ابن عبد الرحمن كان يذكر: بسم الله الرحمن الرحيم يا حفيظ يا منيع   يا لطيف حسبنا الله ونعم الوكيل 800 في الصباح ومثلها في المساء، السادس البركة الجليل السيد أبو سماحة ألفا من قوله: يا لطيف وألفا في المساء، السابع الشريف الأمجد سيدي عبد الواحد بو غالب كان يذكر كل يوم 100 من جوهرة الكمال، الثامن البركة الجليل سيدي الحاج علي أملاس كان يذكر كل يوم 80 من آية الكرسي صباحا ومثلها في المساء ويذكر بعد الخمسين بسم الله الرحمن الرحيم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم حسبي الله من كل شيء الله يغلب كل شيء ولا يقف لأمر الله شيء ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم حسبنا الله ونعم الوكيل يذكرها سبعا، التاسع البركة الأجل السيد عبد الرحمن برادة كان يذكر في الصباح 21 مرة من قوله: احتجبت بنور وجه الله القديم الكامل وتحصنت بحصن الله القوي الشامل ورميت من بغى علي بسهم الله وسيفه القاتل اللهم يا غالبا على أمره ويا قائما فوق خلقه ويا حائلا بين المرء وقلبه حل بيني وبين الشيطان ونزغه وبين ما لا طاقة لي به من أحد من خلقك واكف ألسنتهم واغلل أيديهم وأرجلهم واجعل بيني وبينهم سدا من نور عظمتك وحجابا من قدرتك وجندا من سلطانك إنك حي قادر اللهم أغش عني أبصار الناظرين حتى أرد الموارد وأغش عن أبصار النور والظلمات حتى لا أبالي بأبصارهم يكاد برقه يذهب بالأبصار يقلب الله الليل والنهار، بعدها سورة الإخلاص 11 مرة ومثل ذلك في النهار، وأما سيدنا رضي الله عنه فإنه كان يذكر معهم في التحصين دائما حزب البحر للإمام الشاذلي رضي الله عنه وهو مشهور لا نطيل بذكره ويذكر بعده قصيدة العارف بالله الشيخ البكري رضي الله عنه المشهورة ونصها:

ما أرسل الرحمن أو يرسـل

من رحمـة تصعد أو تنزل

في ملكــوت الله أو ملكـه

بكل ما يختص أو يشمـل

إلا وطه المصطفـى عبـده

نبيـه مختـاره المرســل

واسطة فيها وأصـل لهــا

يعلمها هذا كـل من يعقـل

 

فعذ به من كل مـا تشتكـي

فهو شفيـع دائما يقبـــل

ولذ به في كل ما ترجــي

فإنـه المأمـن والمعقــل

وحط أحمال الرجـى عنده

فإنه المرجــع والموئـل

وناده إن أزمـة أنشبــت

أظفارها واستحكم المعضل

يا أكرم الخلق على ربــه

وخير من فيهم بـه يسـأل

قد مستني الكرب وكم مرة

فرجت كربا بعضه يذهــل

فبالذي خصك بيـن الورى

برتبة عنها العــلا تنــزل

عجل بإذهابي الذي أشتكي

فإن توقفت فمــن أســأل

فحيلتي ضاقت وصبر انقضى

ولست أدري ما الــذي أفعل

 

ولن ترى أعجز مني فمـــا

لشدة أقــوى ولا أحمــل

فأنـــت بالله أي امـــرء

أتاه من غيـرك لا يدخــل

عليك صلى الله ما صافحـت

زهر الروابي نسمة شمــأل

مسلما ما فاح عطــر الحمى

وطاب منه النــد والمنـدل

والآل والأصحاب مـاغردت

ساجعـة أملودها مخضــل

الرسالة الثانية والستون

من سيدنا رضي الله عنه إلى لاغواط وهذه الرسالة تسمى رسالة التحدث بما أنعم به على سيدنا رضي الله عنه ونص الرسالة: بعد البسلمة والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم بحمد الله يصل الكتاب إلى يد أحبابنا وأصفيائنا السيد سحنون ابن الحاج وفلان وفلان وكافة الفقراء الذين معه بالأغواط كل واحد باسمه وعينه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، من كاتبه إليكم العبد الفقر إلى الله أحمد بن محمد التجاني رضي الله عنه، وبعد نسأل عز وجل أن يتولاكم بعنايته وأن يفيض عليكم بحور فضله وولايته وأن يكفيكم الدنيا والآخرة وأن ينجيكم فقر الدنيا وعذاب الآخرة، يليه إعلامكم أن فضل الله لا حد له وأن الفضل يده يوته منن يشاء، وأقول لكم إن مقامنا عند الله في الآخرة لا يصله أحد من الأولياء ولا يقاربه لا من صغر ولا من كبر وأن جميع الأولياء من عصر الصحابة إلى النفخ في الصور ليس فيهم من يصل مقامنا ولا يقاربه لبعد مرامه عن جميع العقول وصعوبة مسلكه عن أكابر الفحول، ولم أقل لكم ذلك حتى سمعته منه صلى الله عليه وسلم تحقيقا، وليس لأحد من الرجال أن يدخل كافة أصحابه الجنة بغير حساب ولا عقاب ولو عملوا من الذنوب ما عملوا وبلغوا من المعاصي ما بلغوا إلا أنا وحدي، ووراء ذلك مما ذكر فيه وضمنه صلى الله عليه وسلم لهم أمر لا يحل لي ذكره ولا يرى ولا يعرف إلا في الآخرة ومع هذا كله فلسنا نستهزئ بحرمة ساداتنا الأولياء ولا نتهاون بتعظيمهم فعظموا حرمة الأولياء الأحياء والأموات فإن من عظم حرمتهم عظم الله حرمته ومنت أهانهم أذله الله وغضب عليه فلا تستهينوا بحرمة الأولياء والسلام.

 

الرسالة الثالثة والستون

من العارف بالله سيدي محمود التونسي رضي الله عنه إلى سيدنا رضي الله عنه يطلب من سيدنا رضي الله عنه الرضى عن أصحابه أينما كانوا خصوصا بعض الإخوان القاطنين بالأغواط وغيرهم ممن ذكر ونص ذلك بعد الافتتاح والمؤكد به على سيدنا التأكيد الكلي

أن ترضى على أصحابك وتعفو عنهم حيث ما كانوا وتكاتبهم جميعا أهل تاجموت، عموما وخصوصا، وبني الأغواط، وأولاد السائح، وأهل سوق والأرباع كلهم والحجاج صاروا أحباب ولا أغضلهم عن مكاتبتك إلا الخوف منك لما يبلغهم عنك وأنك تبرأت منهم واسلختهم من محبتك وقد أهمني أمرهم من جانبك كثيرا كثيرا، ارحم سيدي لله من ذلك الغضب وفرحهم برضاك عظم قدرك، وإن كان ولابد اجعلني مكانهم سيدي وأغضب عني الغضب الكلي دنيا وأخرى وارض عنهم رضاء تاما دنيا وأخرى فإنهم أحباب قلت فانظر رحمك الله إلى الأخوة الحقيقة كيف أداه الحال حتى طلب الهلاك لنفسه والرضى للإخوان رضي الله عنه.

الرسالة الرابعة والستون

من سيدنا محمد الحبيب رضي الله عنه إلى القطب سيد الحاج علي التماسني رضي الله عنه ونصه: وبعد فالذي أعلم به سيدنا رضي الله عنه وأرضاه، أنه لما وصلنا كتابك مع الحاملين فلان وفلان وأمرتنا فيه ببناء عين ماضي، فخرجنا صبيحة اليوم الذي وصلنا فيه كتابك قاصدين عين ماضي وبوصولنا إليها شرعنا في بنائها لما رأوه من خرابها ودهشت الناس فيها حتى هم كثير من الناس بالرجوع عن بنائها لما رأوه من خرابها ودهشت الناس من ذلك فاستغثنا بالله وبالنبي صلى الله عليه وسلم وبسيدنا رضي الله تعالى عنه وأرضاه وبكتابك وإذنك في ذلك، فلما شرعنا في البناء رأينا العجب العجاب من خرق العادة فكملناها بأجمعها وأبراحها وأسوارها في عشرة أيام فقط، نخدم كل يوم من الصباح إلى القيلولة ونقيلوا إلى صلاة الظهر ونشرعوا في الخدمة حتى تبقى نصف ساعة عن الغروب نفترقوا لعشائنا، ومع هذا فالراحة التي وجدناها والسرعة في بناء السور لم نرهما قط، والحمد لله، ولكن يا سيدي الظاهر الذي عندنا لولا الشيخ أحمد بن سالم لم نجد في كافة الناس من يرفع معنا حتى حجرة واحدة ولقد نصح في هذا الأمر غاية النصح وقدم معنا بأولاده وزاده ومكث معنا حتى كملت بجميع أسوارها وقصه الزرع للدار فلم نجده بوجه ولا بمال وعز علينا الكيل من كل جانب، فلما رأيت ذلك بعثت لأحمد بن سالم وقلت له كذا وكذا فقال على ما يخصكم وكل ما تطلبونه موجود جازاه الله عنا خيرا، وأيضا لم نجد من يسكن معنا في عين ماضي لا بعيد أو قريبا لما كملت فقلنا لأحمد بن سالم سيد الحاج علي رضي الله عنه قال لنا كذا وكذا فقال لنا نعم ذلك هو الصواب فجمع بني الأغواط كلهم بين أيدينا وقال لهم تذهبون لعين ماضي وتعمرونها بعيالكم وها أنا ذاهب إليها بنفسي أسكنها لله ورسوله فلما رأووا الجد منه امتثلوا لأمره طبعا وكرهو وعينوا أربعة وخمسين عيانا لا يسكنون في عين ماضي هاهي وصلت والحمد لله وسكن هو بنفسه معنا وأتى بأولاده وعياله لعين ماضي وجميع إناثه وصل وهو القادم علينا في هذين اليومين علينا جزاه الله عنا خيرا، والحاصل الأمر الذي ظهر لنا هذه المرة لم يظهر لنا من حبيب قط ولكن كل شيء من سيدنا رضي الله عنه وأرضاه لم يكن شيء من جميع ذلك هو الذي لولا سيدنا رضي الله عنه وأرضاه لم يكن شيء من جميع ذلك هو الذي نفخ فيه وتوجه له حتى صار لا ينظر إلا لمصالحنا وخواطرنا فقط والسلام.

 

 

الرسالة الخامسة والستون

من القطب سيدي الحاج علي رضي الله عنه أجاب بها لسيدنا الحبيب رضي الله عنه، وقولك على محبنا وصديقنا ورفيع المكانة عندنا وفي قلوبنا الشيخ أحمد بن سالم لقد بذل جهده معنا غاية البذل الخ ذلك قسم إلهي أعطاه الله كان سابقا في الأزل وكان سيدنا رضي الله عنه في حياته يحبه غاية المحبة، ولقد سمعنا منه رضي الله عنه يقول لم أحب أحدا حتى يظهر لنا أن الله ورسوله يحبانه ولم أصرف عن أحد حتى يظهر لنا أن الله ورسوله صرفا عنه والسلام.

 

 

 

 

 

الرسالة السادسة والستون

من الفقيه العلامة السيد أحمد بن اسماعيل الأغواط إلى سيدنا رضي الله عنه يطلب فيها الإذن من سيدنا رضي الله عنه، وفي صلاة الفاتح لما أغلق، وفي الفاتحة، وسورة القدر بأن يذكرها عددا مخصوصا دبر الصلوات، والإذن في آية الكرسي، والسلام.

ولم أقف على الجواب.

الرسالة السابعة والستون

من سيدنا رضي الله عنه يخاطب فيها جملة من أحبابه خصوصا السيد العربي الأشهب، ونص الرسالة: بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد حمد الله جل جلاله وعز كبريائه وتعالى عزه وتقدس مجده وكرم، يصل الكتاب إلى أيدي أحبابنا ورفعاء القدر المكانة من قلوبنا سيدي الحاج الطيب، وسيدي هاشم بن معزوز وأخيه، وسيدي الحاج علي أملاس، وسيد العربي الأشهب، وكافة من في حضرتكم من الأحباب، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، من كاتبه إليكم العبد الفقير إلى الله عز وجل أحمد بن محمد التجاني، وبعد فالسؤال منا عن أحوالكم أجراها الله على طبق رضاه ونسأل الله عز وجل أن يعاملكم مع جميع الأحباب والفقراء خاصة وعامة من كل من ينتسب إلينا بمحبة أو أخذ ورد بمعاملته أكابر خواص حضرته من الأقطاب العارفين في الدنيا والآخرة وأن يحملكم على جناح اللطف و العناية في الدنيا والآخرة وأن يكون لكم في كل وقت وكل حال وكل حركة وسكون ومعينا ومؤيدا وناصرا ومحبنا وناظرا إليكم بعين محبته لكم وعنايته بكم إنه ولي ذلك والقادر عليه آمين، ثم أنت يا حبيبنا العربي الأشهب الدواء الذي أوصيناك عليه أتركه لا تبعثه  بل بعه هناك فإن الدواء الذي أتانا من تلمسان ما نفع منه شيء فلا فائدة لتكريره وإذا قضى الله بوصولك إلينا في أي وقت قصر الوقت أو طال فإن أمكن أن تأتنا بشيء من الورد اليابس قدر ما أمكن مع ما أمكن من الخل فافعل فإن لنا فيها النفع البالغ وليكن       قاطعا وأما الليم فلا تأتوا منه بشيء لفساده بطول المكث يصير في غاية المرارة لا يستطاع شربه ثم إنه لمرارته ينتقل إلى الحرارة ونحن نريده لتبريد الحرارة فلا فائدة له والسكر الذي يوضع فيه ذهاب في غير فائدة اللهم إلا إذا أمكن أن تأتونا بالليم المعلوم غير البلدي بلا عصر ويصلنا صحيحا مع قصر الوقت فنعما هو فإن لنا فيه النفع البالغ والسلام وكتب أحمد التجاني، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما.

 

الرسالة الثامنة والستون

من الولي الصالح سيد العربي بن السائح رضي الله عنه رسالة أجاب بها البركة الجليل ذو الخلق الجميل القدوة الزكي والمقدم الأصيل مولاي الطاهر بن المتوكل حين سأله عما أشاعه كثير من الناس أن سيدنا رضي الله عنه كان يتعاطى هذا الفن، أعني به الكيمياء و الإكسير، قاصدين بذلك تعظيمه حين رأوا أصحاب العقول الناقصة يعظمون من يخوض في هذا الفن ونص الجواب: بعد كلام في أن أهل هذا الزمان صاروا منكبين على الدنيا إنكباب الفراش على النار مستفر غير الوجهة في كل ما يوصلهم إليها آناء الليل وأطراف النهار، عكس ما كان عليه السلف والخلف من أهل نسبة الله تعالى من الفرار من الدنيا وأهلها والأنفة من أربابها والإقبال بكياتهم على ما يحصلون به تنوير بصائرهم وإصلاح طوياتهم فإنهم كانوا يضربون كباد الإبل ويشدون الرحال ويعملون ما يقدرون عليه من الترحال ويقطعون المسافات ويسيحون في المهمامة الفيح والمفاوز المخافات في طلب ملاقات أهل الخير وتحصيل نظرة منهم يسعدون بها في الدنيا والآخرة ومن كان له مال منهم يبذله في طلب ذلك وغير واحد منهم خرج عن جميع ما يملك مرارا حتى أن منهم من أتى شيخه بجميع ماله حتى رماد كانونه ومع ذلك لما استأذنوا عليه الشيخ خيروه هل نقبله ولا نقبل ماله أو نقبل ماله ولا نقبله ليختبره هل خرج عن ماله لله أو لغرض نفسه فقال يقبل مالي ولا يقبلني فظهر صدقه في بذل ماله لله تعالى فصار من أعظم المشايخ الهادين المهتدين وهو أحد أشياخ الشيخ الكامل سيدي بنعيسى رضي الله عنهم أجمعين، وأعظم مقاصد في هذا السعي إلى من يزيل حب الدنيا من قلوبهم ويبرد منها تلهف عليها ويعرفهم خساسة قدرها وإنها لا تساوي عند الله جناح بعوضة وإن حبها رأس كل خطيئة بحيث يدركون ذلك ذوقا تحققا لا علما وتخلفا هذا أقصى مرامي في سعيهم وقد صار الأمر بالعكس من ذلك، كما قال الشيخ العارف بالله تعالى الغوث سيدي صالح بن الغوث سيد المعطي الشرقي في تذكرته الشهيرة:

الله أكبــر بســاط الفقــر

طوى علينــا ما له من نشـر

وصار فقر الوقت بالمقلــوب

للضعيف في الطالب والمطلوب

وقال فيها بعد ذكر ما آل إليه وصف الطريق لاعتبار المنتسبين إليها المدعين لها من غير حقيقة:

حتى ادعاها اليوم كل مفلــس

وصار شين الفعل صدر المجلس

والتبس الخلــي بالجلـــي

واشتبـه الوضيـع بالعلـــي

هذا الذي اعتقده فيما أخبرتم به عن هذا الشيخ العظيم وحال المنتسبين اليوم لهذا الشيخ وغيره عافانا الله تعالى شاهد على ما ذكرناه مقبول والحال شاهد رضًى، وأما هذا الشيخ العظيم القدر الجليل الثناء والفخر بجلالة مقامه وعظم شأنه واستغراقه في أنواره مشاهدته وترقيه في درجة عرفانه، (تابى) أشغاله بما هو باجتماع العقلاء من قبيل الهذيان وإنما هو شغل أهل البطالة وديدن أهل الخذلان وما رأينا فيمن رأينا ولا سمعنا فيما سمعنا من أخبار السادة الكرام من جعل ذلك في حال غيبة ولا في حال حضور شغله ولا عرج عليه بحال من الأحوال ولا حام حوله إلا ما يذكر عن بعضهم مثل: البوصري والحاتمي وغيرهما، قبل دخولهم في طريق القوم ثم تركوه بعد الدخول فيها ترك الظبي ظله، وما ذكروه من الشيخ سيدي محمد الشرقي مع الشيخ أبي المحاسن سيدي يوسف الفاسي من المقالة المعلومة، التي يقول فيها سيدي محمد الشرقي الملك والملكوت فيها طينا منعوت الخ ليس من هذا القبيل ولا في شيء من هذا السبيل، وإنما ذلك من باب تعريفهم بمقاماتهم العرفانية لا من باب تبجحهم وافتقارهم بأوصاف بشريتهم الشهوانية، ولذلك تعاطوا ذلك بعبارات لا يفهمها غيرهم لأن جلها أو كلها رمز وإشارات، اللهم ألا أن يكون ما ذكرتم عنه حفظ الله كرامته بخط يده فلا محيد عن تأويله والتماس أحسن المخارج له إذا التأويل فيما يصدر عن مثل هذا الإمام من مثل هذا أصل مرجوع إليه ومعمول عند العلماء الموفقين عليه، ومن تأويله عندي أن هذا السيد كما أخبر به الثقة من فضلاء أصحابه سيد كثير الحلم مجبول على الرفق ولين الجانب، فإن صح وصفه بهذا فغير بعيد أن يساعد في ذلك من يطلبه منه ممن له غرض من الأغراض المتقدمة، والحكمة في ذلك شقاوة صاحب ذلك الغرض وحرمانه من خيره وكفى باعتقاده في شيخه أنه ينال منه غرضا خفيا ببطنه في صورة مباحة أو مطلوبة بحيث لا يتفطن له شقاوة وحرمانا وعقوبة وخسرانا والعياذ بالله تعالى، وما درى الجهول المطبوع على قلبه أن الأشياخ إنما يعاشرون أمثال من هذه صفته من باب المعاشرة بالمعروف وإن معاشرتهم له كمعاشرة عقلاء الرجال لنسائهم، وإن المحجوب عند أهل الطريق رضوان الله عليهم إمرأة وإن كان رجلا كما صرح به أهل الطريق في أمثاله، وعلى هذا نقص يلحقه في مصاحبة أمثال هؤلاء ولا في الإسعاف لهم في بعض الأغراض التي يضمرونها في قوالب الصور المباحة، والمساعدة لهم فيها ظاهر أو قلبه غائب في مشاهدة جلال الحكيم العليم سبحانه وتعالى، وتلك المساعدة اقتضتها الحكمة الإلهية، على أن من أوصاف المومنين التغافل والتجاهل والتغابي وفي الحديث: “المؤمن كيس حذر ثلثاه تغافل” أو كما قال صلى الله عليه وسلم وفي الحديث أيضا: “المؤمن هين لين تخاله من اللين أحمق” وقد قيل:

ليس الغبي بسيد في قومه    لكن سيد قومه المتغابـي

فما يظهر على عامة المؤمنين وأولياء الله الصالحين من الغباوة لا وجود له في نفس الأمر، وإنما هو في نظر الرائي ممن أراد الله شقاوته وخذلانه فيخدعهم بسبب ما يؤديه إليه ذلك وما يخدع في الحقيقة إلا نفسه ودينه والعياذ بالله تعالى هذا بعض التأويلات عندي في هذا الذي أخبرتم به، وما ذكرت عن بعض الناس ممن ينتسب لهذا الشيخ الجليل من التبجح بهذا وإظهار الفرح والمرح به بكثرة القال والقيل فإنما ذلك لأمرين: الأول قصورهم في علم الطريق بل في مبادئ العلوم إذ لولا قصورهم لعلموا أن هذا مما يجب تنزيهه ساحة عموم أهل الله عنه فضلا عن الشيوخ الكاملين ويكونون أولى من غيرهم بتنزيه شيخهم وتبريه مقامه الأعز، الثاني من الأمرين عدم صدقهم في صحبته إذ لو صدقوا في محبته (لانتج) لهم ذلك الصدق عظيم حرمته ولو حصل في قلوبهم عظيم حرمته لمنعهم ذلك وإن كانوا عواما أنحاحا من أن ينسبوا له مثل هذا الهوس وتضييع قدر معتبر من العمر الاشتغال بعمل يعلم كان عاقل أنه لا يشتغل بمثله إلا أفاريد طلبة المدارس من الموسومين منهم بالشيطنة وخبث السرائر والموصوفين بدناءة المغارس، ويا عجبا لهم كيف اجتمع في عقد لهم وتصدر في أذهانهم الاعتقاد الواجب على المريد في حق شيخه من الكمال الذي هو الغاية في بابه مع نسبة مثل هذا إليه فإنما لا تعمى الأبصار ولكن العناد والعياذ بالله تعالى يوجب ذلك وأكثر منه، وذلك لما حرره الجهابذة أن العناد من الكبر ومن الكبر يتولد عدم الإنصاف كما قاله الشيخ زروق رضي الله عنه، قال العلامة ابن ذكرى على قوله عدم الإنصاف أي ترك الرجوع إلى الحق وعدم تسليمه والإذعان له فإذا نوظر في مسألة وظهر الحق من غيره كابر وعاند وانتصر لنفسه بالباطل، وذلك  لأن الكبر يصد عن العمل بالعلم ويسد مسالك للفهم، قال الله تعالى: “سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق”، قال ابن جزي: الآيات يراد بها الآيات القرآنية وغيرها من الكتب أو العلامات والبراهين والصرف عنها يراد به صدهم عن فهمها عقوبة لهم على تكبرهم وقيل الصرف منهم من أبطالها والمعنى أن الله يطبع على قلوب المتكبرين ويخذلهم فلا يتفكرون في الآيات ولا يعتبرون بها ولا يفهمونها وأنه سبحانه وتعالى يصرفهم عن إبطالها وإن اجتهادوا كما اجتهد فرعون أن يبطل آيات موسى، بأن جمع السحرة فأبى الله إلا علو الحق وانتكاس الباطل فجعل الله عقوبة الكبر عمى البصر والطبع والأفئدة فلا ينتفع أصحابه بالموعظة ولا يتذكرون، بنقل العلامة ابن ذكرى فبسبب هذا العمى اجتمع في عقول هؤلاء اعتقاد المشيخة بهذا السيد مع نسبتهم هذا إليه أعاذنا الله بمنه وكرمه، وما ذكرت عنهم من المقال في جانب شيخنا رضي الله عنه وقدس سره العزيز فلا يهمنك ذلك فمن أين ترى الشمس مقلة عمياء، وما مقام شيخنا رضي الله عنه إلا كما قال القائل:

كالشمس صحوا تغسى أبصار الورى

نورا وتعمـى أعيـان الخفـاش

وإن نقص يلحق مقامه في ذلك الذي يقولون:

ما ضر شمس الضحى في الأفق طالعة

أن لا يرى ضوءها من ليس ذا بصر

بل ذلك مما يدل على الكمال كما قيل:

وإذا أتتـك مذمتـي من ناقــص

فهي الشهادة لـي بأنــي كامـل

وكم من تنقيص أظهر الزيادة وكم من رائم هضم أتم السيادة، وإن زعموا أنهم نقلوا ما يشير إلى تنقيص الشيخ رضي الله عنه عن شيخهم حفظه الله علاه فلا غرابة على زعمهم في عدم معرفته بمقام شيخه بمقام شيخنا رضي الله عنه، أيضا وهذا الخضر عليه السلام مع جلالة قدره وعلو مقامه الذي لا يرام ذكر عنه الشيخ العارف بالله تعالى سيدي أحمد بن عبد القادر التستاوني أحد أفراد الطريق الناصرية وفحولها في نزهته، ما نصه ويحكى عن الخضر عليه السلام أنه اجتمع ببعض الصالحين، فقال له هل تعرف الأولياء جملة، فقال أعرف أهل الدائرة منهم وغيرهم منهم من أعرفه ومنهم من لا أعرفه، فسأله عدد أهل الدائرة فقال له هم واحد، وثلاثة، وأربعة، وسبعة، وعشرة، وأربعون، وسبعون، وثلاثمائة، ولو اطلع السبعون على الأربعين لرأوا سفك دمائهم حلالا كما وقع لي مع موسى فليس الشارب من الماء كالشارب من العسل المصفى ولا الشارب من العسل كالشارب من الخمر ولا الشارب من الخمر كالشارب من اللبن وهو شراب أهل التمكين ولا الساقي لهم من هذا كالساقي من هذا ولا النشوان من هذا من النشوان من الآخر وقد تدفع هذه الكؤس كلها بيد واحد يسقي كل وارد على حسب ما سبق له يوم ألست بربكم اهـ من النزهة، ولهذا نقل عن بعضهم أن الأولياء إذا اختلفوا في المشارب يكفر بعضهم بعضا، وذكر الشيخ العارف بالله تعالى أعجوبة الزمان وحامل راية المحبة والعرفان سيد المعطي بن سيدي صالح في ذخيرته في سفر المعقبات منها ما نصه: واعلم أنه لما كانت هذه الطريق أمرها عجيب وسرها غريب قل ما تجد أهلها متفقين أو يثبت أحدهم للآخر قدما أو يكون لهم معظما بل ترى الغالب أن كل واحد يدعي أنه الواصل وأن غيره ما ليس عنده طائل حتى قال بعضهم إن للقلب مائة ألف مقام واثنين وأربعين ألف درجة وكل واحد ممن سلك رتبة من هذه أو مقاما من هذه المقامات يرى أنه لم يسلك أحد مقامه لقوة أنواره وعظيم أسراره من الدخيرة بلفظها في السفر المذكور، ومن عرف هذا عرف يقينا أنه لا غرابة في عدم معرفة الأولياء مقامات بعضهم بعضا فيسلم للجميع ويعتقد كما لهم جميعا ولا يحمله ما شجر بينهم أن يدخل بينهم فقد يكون ذلك الواقع بينهم من المشاجرة والمناقضة سببا لهلاك من يحله الفضول على الدخول بينهم وموجبا لطرده عن باب رحمة الله تعالى فخسر الدنيا والآخرة، ويشير إلى هذا ما ذكره غير واحد عن الشيخ الكبير القطب الشهير سيدي محمد الشرقي، وقد كان وقع بينه وبين من عصر به الشيخ الشهير ذي القدر الخطير سيدي أحمد بلقاسم الصومعي شيء من هذا حتى كل واحد منهما يقول في (الآخر) العظائم فتلطف بعض المريدين مع سيدي محمد الشرقي في السؤال عن حقيقة ذلك، فقال أنا وهو كجري الرحى من دخل بيننا نطحنه، غير أني أقول غفور رحيم وهو يقول شديد العقاب، فأشار إلى الحكمة الإلهية المبطونة في ذلك، وهي أن ذلك سبب لظهور أثر تعلق قهره سبحانه وتعالى وعدله بمن يدخل بينهما كما أشار إلى الأصل في تلك المناقضة اختلاف المشارب كما قدمناه في قوله غير أني أقول غفور رحيم الخ، وعلى ذلك الذي تقرر فلا تحتفل يا أخي بشيء مما أشار إليه من مقاومة من لم يشفق على نفسه فادخلها في الفضول الذي ما دخلها أحد إلا وسقط على أم رأسه، ومن قصدك منهم بإذاية أو تشويش في دينك أو دنياك فإن استطعت أن تكتفي بتفويض الأمر فيه إلى الله تعالى عن كل شيء من مقابلة حتى من الدعاء عليه، فإن ذلك أولى عند أهل الله تعالى من جهة الأدب وهو أسرع في الإنتقام من الظالم ومعاجلته بالهلاك والعطب، وفي علمك ما ذكره العارف بالله تعالى ابن عطاء الله رضي الله عنه من حكاية المرأة التي كانت لها حاجة تتفوت ببيضها فسرقت لها فاستسلمت ولم تدع على سر سرقها فلما ذبحها السارق ونتفها نبت الريش في وجهه ولم يستطع إزالته حتى أتى حبرا من بني اسرائيل فقال لا أجد لك دواء إلا أن تدعوا عليك المرأة صاحبة الدجاجة فأرسل إليها من اختال عليها أغضبها ودعت عليه فتساقط الريش من وجهه فسأل الراهب أين علمت هذا فقال لما لم تنتصر لنفسها انتصر الله لها فنبت الريش في وجه السارق ولما انتصرت لنفسها سقط الريش من وجهه، وليكن اهتمامك بالإشتغال بما ينفعك في خاصة نفسك ويؤنسك يوم حلولك برمسك وليس ذلك إلا العمل الصالح وإنما يعينك عليه بل لا تتمكن السبيل إليه إلا بتركك مالا يعينك فاجعل نصب عينك، قوله صلى الله عليه وسلم: “من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه”، وقال بعضهم ومما لا يعني العبد تعلمه ما لا يعنيه من العلوم وتركه الأهم منها كمن ترك العلم الذي فيه صلاح نفسه واشتغل بتعلم ما يصلح به غيره كعلم الجدل ويقول في اعتذاره نيتي نفع الناس ولم كان صادقا لبدا بما يصلح نفسه وقلبه من إخراج الصفات المذمومة من نحو حسد ورياء وكبر وعجب وترؤس على الإقرار متطاول عليهم ونحوها من المهلكات، وبالجملة فما لا ينبغي هو ما فسر به الحديث شراحه وهو قولهم ما لا يعني هو ما لا تدعوا الضرورة والحاجة إليه وهو الفضول، قالوا ويعم الأقوال والأفعال والعوارض القلبية، هذا والمطلوب الأكيد منك أعزك الله أن لا تنساني من صوالح أدعيتك والسلام.

الرسالة التاسعة والستون

من سيدنا رضي الله عنه إلى السلطان مولانا سليمان قدس الله روحه في الجنان آمين، ونص الرسالة: بعد البسملة والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعد حمد الله مثل جميع ما أثنى به على نفسه في حضرة ذاته العلية من حيث لا إطلاع لغيره عليه، جل جلاله وعز كبرياؤه وتعالى عزه وتقدس مجده وكرمه، يصل الكتاب إلى الدرة اليتيمة والنسمة الكريمة في الأوصاف الجلية شرفا والأخلاق البهية طرفا والجوانب الواسطة كنفا الجوهرة انطبقت عليها أفراد الإحياء صفا حلو الشمائل كريم الأخلاق والفضائل الحائز قصب السبق ولي ملاك كل غالي و المرتفع في أوج العز إلى معانقة المعاني رافعا راية العلا والكرم والسامي لعلو همته عن مواقف الذل والتهم من أحد قط به من الله جنود العز والتأييد وأهرعت إلى حماه سوابق الجلالة والتفريد من طلعة شمس سعدت في سماء المجد والعلا وضياء بدره في غياهب الوقت قد تجلى، أعني بذلك أمير المؤمنين خليفة رب العالمين سيدنا ومولانا سليمان بن مولانا محمد الشريف الأصيل الماجد الأثيل، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، ومن كاتبه إليكم العبد الفقير إلى الله أحمد بن محمد التجاني الحسني، ونسأل الله لك جلت عظمته وتقست أسماؤه وصفاته أن يديم على سيدنا عواصف رياح نصره وتأييده وأن يحله رياض الهدى محل توفيقه وتسديده وأن يملأ قلبه بالخوف من الله في سره وعلانيته فإن تلك المرتبة ما سعد من سعد في الدارين إلا بها ولا فاز في الدنيا والآخرة إلا بها ويالها من مرتبة ترقى بالعبد إلى أوج ملاك المعالي، وتطهره من رذائل الأخلاق والتي تهبط به إلى حضيض الإتصاف بالأوصاف الردية البذ إلى أنه ولي ذلك والقدير وبعد فالذي أوصيك به كل الوصية بل هي واجبة من خالفها هلك وهو الكتم على ما ذكرناه لك قبل ثم الكتم مطلقا من غير استثناء فالأسرار قبورها صدور الأحرار والأسرار قبورها صدور الأخيار والأسرار قبورها صدور الكبار فال بعض الكبار:

السر عندي في بيت له غلق

ضاعت مفاتيحه والباب مقفول

 

وليس يكتم سري غير ذي كرم

والسر عند لئام الناس مبذول

والذي تسمع في الوصية أنه ما استغنى عن الوصية من غيره لا كريم ولا كامل، اعلم أن الله تعالى عز وجل قد ولاك أمر خلفه على بلاده وعباده فأنت أمين من أمناء الله في بلاد الله وعباده والله سائلك عن أمانته وعن ما فعلت فيها فاحذر من الله أن يجدك فرطت أو  اشتغلت عن أمره بلعب لكن تكميل الأمر من كل وجه لا يستطاع بحكم الوقت والحال وعدم المساعف وعدم القابلية في الخلق لكن ليكن سيرك على قوله تعالى: “فاتقوا الله ما استطعتم”، وعلى حد قوله صلى الله عليه وسلم: “إذا أمرتم بشيء فافعلوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فانتهوا” وأحذرك بما سمعت من الخصوصية التي أعطيتها من فضل الله تعالى فلا تأمن مكر الله في حال من الأحوال، قال سبحانه وتعالى: “فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون”، فإن لله سبحانه وتعالى من وراء خصوصيته مكرا وتدبيرا وغيرة يؤاخذ عبده بها من حيث لا يظن وإن كان من دون الخصوصية، وأوصيك في الضعفاء من الخلق فإنهم محل نظر الله من خلقه فعلى قدر اعتنائك بهم ترتفع رتبتك عند الله، وأوصيك بالمظلومين يقول صلى الله عليه وسلم: “مما معناه من ولاه الله ملكا فأتاه ذوا الحاجات فاحتجب عنهم احتجب الله من حاجته” الحديث، ومعناه إن احتاج إلى الله في أمر نزل به فرفع حاجته إلى الله مستغيثا مما نزل به احتجب الله عن حاجته فلا يلتفت إليه ولا يعبأ بدعائه واستغاثته بالله الله دبر كيف ترضى ربك في حوائج المظلومين ولا تتغافل ولا تفريط والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، والسلام وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.

 

 

الرسالة المتوفية بالسبعين

من سيدنا رضي الله عنه أيضا إلى سيدنا مولانا أمير المؤمنين سيدنا سليمان بن سيدنا محمد نصره الله ونص الرسالة: بعد البسملة والصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم، المقام الذي يجب تعظيمه واحترامه والسميدع الذي هو غاية المجد والكرم وتمامه والسيد الذي هو زروة العز وسنامه سيدنا الشريف الأصيل ذي الشرف الباذخ الثابت الأصيل، حلو الشمائل كريم الأخلاق والفضائل بدر التمام حامي حمى الإسلام رافع راية الخلافة الإسلامية الإلهية المتحلي بحلية الملة المحمدية ملاذ الحاضر والبادي، أعني بذلك سيدنا ومولانا أمير المؤمنين سيدنا سليمان بن محمد نصره الله نصرا عزيزا، وأعلى في فوج السعادة الأبدية شمسه وأدام في روض النزهات المواهب الإلهية أنسه، سيدنا نسأل الله عز وجل أن يكتبك في ديوان أهل السعادة الأبدية في الدنيا والآخرة وأن يجعل سبحانه وتعالى نظره فيك بعين عنايته بك ومحبته لك واختصاصه لك بمواهبه ونصره لك وتأييده لك بعزه وحمايته لك في الدنيا والآخرة، ونسأل منه سبحانه وتعالى أن يجعل يوم قدومك عليه ولقائك له يوم عيد وفرح وسرور وتكريم وحبور، ونسأل منه سبحانه وتعالى أن يجعل جنوده نصرة لك حافة بك من كل جهاتك أينما توجهت، وأن يصلح بك العباد والبلاد وأن يشد بك أركان الإيمان والدين وأن يفيض بك الخير والأمان على جماعة المسلمين وأن يكون لك وليا ونصيرا ومعينا وحافظا ونسأل منه سبحانه وتعالى أن يقلب قلبك في مراقبته حتى تصير جوارحك متصرفة في أغلب أوقاتها في خدمته، وأوصي سيدنا بامتثاله أوامر الله واجتناب نواهيه وأعظه بما وعظه الله به، قال سبحانه وتعالى: “يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا” إلى: “عظيما”، وقوله تعالى: “واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله” إلى : “يظلمون”، وقوله تعالى: “ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله”، وقوله تعالى: “يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما” إلى قوله: “الغرور”، ولك في تدبير آيات الله واعظ واعتبار وهداية واستبصار فأطعم نفسك من أدويته بالثبات والإصطبار فإنه من الأدوية على من أدمن متابعة هواه بالثواني والإدبار، وأقول السلام على سيدنا ورحمة الله وعلى من انتظم في سلك عضده من أهل وخادم ورفيق وصاحب وحنين صادق، من كاتبه إليك العبد الفقير إلى الله أحمد بن محمد التجاني عامله الله بفضله دنيا وأخرى، إنه ورد علي أمر عارض من سيد الوجود بحر الكرم والجود سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، قال لي ما هذا قوله: أكتب كتابا لولدنا سليمان ابن محمد أمير المؤمنين وقل له ليس على وجه الأرض أكبر قدرا ولا أعظم خطرا، من ورد الذي أمليته عليك فقال له يتلوه فيذكره إياه يصلح الله له عاقبة أمره في دنياه وأخراه وقل له ليس على وجه الأرض أعظم قدرا ولا أعظم خطرا من دعاء الذي أمليته على عليُّ بن أبي طالب المسمى بالسيفي فبقراءته يدفع الله عنه البلايا الظاهرة والباطنة ويجلب له به كل خير دنياه وأخراه، وعلمه الإستخارة التي علمتها لك، وكذلك قراءة الفاتحة سبعا بنية الإسم دبر كل الصلوات ولا يخل نفسه من الصلاة علي بصلاة الفاتح لما أغلق قدر طاقته فإن المداوم على هذا يصلح الله له أموره الظاهرة والباطنة، وعلمه بعض فضل صلاة الفاتح لما أغلق على قدر الطاقة إلى هنا انتهى، نص قوله صلى الله عليه وسلم الذي أمرت بتبليغه إليك وليكن في كريم علمك إن حالتي معه صلى الله عليه وسلم بمنزلة خادم الملك الجالس في حضرته بالصمت والأدب، ولا يطلب أمرا ولا يلم من عند الملك بشيء وإنما هو إذا أمره الملك بأمر بادر وامتثل وإلا فهو جالس في حضرة الملك بالأدب والصمت ولا أقدر أن أطلب منه شيئا ولا أن أسأله عن شيء ولا أتوجه إليه في شيء إلا إذا أمرني بفعل شيء امتثلت وقد زجرني واد بني عن الطلب والسؤال منذ سنتين، وأما الورد الذي أملاه علي صلى الله عليه وسلم وأمرني أن ألقنه للناس فهو: أستغفر الله مائة وصلاة الفاتح لما أغلق مائة ولا إله إلا الله مائة تذكرها مرة صباحا ومرة مساء، فالصباح من صلاة الصبح إلى صلاة الضحى، والمساء من صلاة العصر إلى صلاة العشاء، وأخبره سابقا أن من داوم على ورده هذا أدخله الله الجنة وأبويه وأزواجه وأولاده بلا حساب ولا عقاب ولا يحل به عذاب من ساعة موته إلى المستقر في الجنة، وأما الكلام على الفاتح لما أغلق، وعلى الفاتحة بنية الإسم، والسيفي، والإستخارة وسأجرده لك وحده في كتاب آخر وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما.

 

 

 

 

 

 

الرسالة الحادية والسبعون

من سيدنا ومولانا أمير المومنين سليمان بن محمد نصره الله نصرا عزيزا إلى سيدنا رضي الله عنه ونص الرسالة: بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه، عوض والدنا سيدنا وشيخنا وقدوتنا المحمدي أبو العباس سيدي أحمد أحمد الله لي وله وأصلي وأسلم على نبيه الكريم بلغنا مسطوركم الأبرك وحمدنا الله تعالى على ما خصنا به من رضى مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الله علينا بشفاعته وإذا أحب الله عبدا استعمله فأما من أعطى واتقى والله يوفقنا بجاهكم عند رسول الله وهذا الأمر لا أريد أن أخلي بنفسي من مباشرته ولا آمن أن أضيع أو أفرط، فعليه أردت أن أعمل أنا ويعمله أيضا نيابة عني صاحبكم أخونا في الله حرازم لما عسى أن يقع منا وتوجه إلى الله سيدي في صلاح قلبي وأن يعصمني من كل ما يمنعنمي من النظر إلى وحهه الكريم ويحطني عن رتبة المقربين بجاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأيضا يحب عليك هذا لأنك تعلم أن بصلاحي صلاح من فلاني الله وبفسادي فسادهم فالدعاء لي دعاء عام والسلام وصلى الله على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

 

 

الرسالة الثانية والسبعون

من سيدنا رضي الله عنه أجاب بها العلامة الجليل أبو محمد إلى السيد عبد القادر بن محمد السلاوي رضي الله عنهما ونص الرسالة بعد البسملة والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد الثناء على الله بما هو أهله وبعد وصلنا كتابكم وقرأناه وفهمنا ما تضمنه خطابكم وسألت فيه عن أحوالنا وأحوال أصحابنا، وأننا والحمد لله بخير وعلى خير فله الحمد وله الشكر حتى يرضى ما يرضى وقد عمنا ما عم أصحابنا وما عم عامة المسلمين فالحمد لله على كل حال، ونسأل الله عز وجل أن يحفظنا وإياكم بلطفه في الدنيا والآخرة وأن يغمرنا وإياكم بسوابغ فضله وكرمه ومآلا أبدا سرمدا، وان يكون لنا ولكم وليا ونصيرا ومعينا ومؤيدا في جميع أحوال الرخاء والشدة وأن يتحفنا وإياكم كمال العافية ودوام العافية وعز العافية والإستتار من جميع نواحينا بالعافية إنه ولي ذلك والقادر عليه، والذي أوصيك به ويكون عليه سيرك وعلمك هو أن تعلق قلبك بالله ما استطعت ووطن قلبك على الثبوت لمجاري الأقدار الإلهية ولا تعود نفسك بالجزع من أمر الله فإن ذلك مهلك للعبد دنيا وأخرى، فإن اشتد بك الكرب وضاق بك الأمر فالجأ إلى الله تعالى وقف موقفك في باب لطفه،واسأله من كمال لطفه تفريج ما ضاق وزوال ما اشتد كربه وأكثر الضراعة والابتهال إلى الله تعالى فذلك ليكن ذاك منك على حالة متفرد القلب بالله متفردا عن الشواغل مثل حالة المسنة الكبيرة في السن التي ليس لها إلا ولد واحد أخذ من بين يديها ليقطع رأسه فهي تتوسل بالله وبالناس في كشف ما نزل بها فإنها في هذا الحال ليس لها هم غير ولدها ولا يلتفت قلبها لأمر من أمور الدنيا والآخرة، فإن من كان على هذه الحالة وفزع الله تعالى في نزول الكرب والشدائد على هذا الحد وناداه باسمه اللطيف ما استطاع أسرع إليه الفرج في أقرب وقت، وإن لم يكن على هذه الحالة أبطأ بهن الأمر، وإياك والانهماك في مطالب دنياك حتى تتعدى حدود الله التي حدها في شرعه فتهلك نفسك ومالك ملجأ من الله، وانظر إلى قوله صلى الله عليه وسلم في الصحيح ألا وإن روح القدس نفث في روحي إنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ولا يحملنكم استبطاء شيء أن تطلبوا بمعصية الله فإن الله لا ينال ما عنده إلا بطاعته، وهذا البحر هو الذي ترى فيه جميع الخلق غرقى وهلكى إلا من عصمه الله بفضله، ثم الحذر الحذر من تكرر الفزع  إلى الله تعالى في كل كرب فإنك بذلك يصير لك الجزع من أمر الله عادة ولا ينتفع بحياتك بل يكون الأمر مرة مرة تثبت لأمر الله ولا تجزع ولا تطلب التفريج ومرة تسأل من الله التفريج فمن صار إلى الله بهذا المنوال فتحت له أبواب السعادة الأخروية وتمكن في حياته من الحياة الطيبة الواقعة في قوله سبحانه وتعالى: “ومن عمل صالحا من ذكر وأنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة” الآية وفيما ذكرناه كفاية والسلام عليكم ورحمة الله.

 

الرسالة الثالثة والسبعون

من العلامة الجليل بو محمد السيد عبد القادر السلاوي رحمه الله إلى سيدنا رضي الله عنه ونص الرسالة: الحمد لله وحده المقام الذي سما قدره ومقداره وتضاءلت شموسه وأقماره من سما في سماء المعالي وغاص في بحر الفواضل حتى استخرج منه أصل اللئالى من لاحت لنا معالم تقواه وبدت بين سرب الأقطاب جدواه سيدنا الإمام وملاذنا الهمام صاحب السر الرباني مولانا أحمد التجاني، سيادة مولانا

والشهادة يحبها أوفى           ومن يكتمها فإنه آثم قلبه، وسلام على سيدنا ورحمت الله وبركاته ورضوانه وتحياته، وبعد فيما يجب به الإعلام لسيدنا أن مولانا الشريف الهمام المنيف سلالة الأطهار المنتخب من السادة الأبرار، سيدنا محمد الصادق بن ريسون العلمي  افضت بنا معه مذاكرة إلى ان ذكرت له سؤالي لسيادتك عن الحديث الشريف، ما من مسلم سلم الله علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام، فاستحسن الجواب وما تضمنه من الصواب وكتبته له بخطي ونبهته عليه ليريه مولانا الإمام فساعفني لذلك بقلبه وقالبه وذالك، من محبته فيك وفيمن من محبته فيك وفيمن يحبك، ثم أخذه ودخل لسيدنا نصره الله فاستحسنه غاية الإستحسان، وتذاكر مع الشريف المذكور في مثله، وكتب بخط يده الشريفة كتابا لك لاعلم لنا بما فيه هذا والشريف سيدي محمد المذكور يسلم عليك السلام التام تامحفوف بالمجد والأعظام من الدهور والأعوام، والكل يطلب الدعاء من سيدنا متمسكين بك في الحال وكذا في الإستقبال والسلام تلميذك ومحبك عبد ربه عبد القادر ابن محمد السلاوي الله وليه ومولاه، …ه استطهاد… في ذكر الجواب المشار لهذا الحديث الشريف من سيدنا رضي الله عنه، ونص ما سأله سيدنا رضي الله عنه هذا السيد، عن قوله صلى الله عليه وسلم ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام، قائلا مع أنه الصلاة والسلام حي في قبره بذاته الشريفة التي كان عليها في دار الدنيا مع أن روحه الشريفة دائمة في حضرة القدس أبد الآبدين، فأجابه سيدنا رضي الله عنه ونصه: معنى حياته في قبره أن الروح تمد الجسد في القبر بنورها من الحضرة القدسية فهذا معنى الحياة في القبر، وكذلك حياة العارفين، وأما قوله إلا رد الله علي روحي يعني روحه التي في حضرة القدس وترجع إلى جسده الشريف لرد السلام على المسلم عليه وترجع إلى مقرها وهي حضرة القدس والسلام.

 

 

الرسالة الرابعة والسبعون

من رسالة دور الأنوار، ونصه: وتسلم مني على أحبابك كبيرا أو صغيرا وعلى سيدي الشيخ بن زيان وعلى سيدي الشيخ النجار، وتقول له إياك ثم إياك أن تفارق الأسماء السبعة وإني من غيرها ما رأيت لك إجابة في الخواص وما رأيت لك أفضل منها في الخواص ونحن على محبة الله، وإياك والغيبة في عباد الله ومن يشتغل بأحوال الناس بالغيبة فإنه لا يبلغ شيئا من الخيرات ويبلغ إلى الهلاك.

 

 

 

الرسالة الخامسة والسبعون

من سيدنا رضي الله عنه إلى سيدي أبو محمد السيد عبد القادر الزرهوني إني المحب ابن قدور وهذه الرسالة تسمى بالرسالة الزرهونية ونص الرسالة: بعد الافتتاح، وبعد نسأل الله جلت عظمته وتقدست أسماؤه أن يسلك بك حالا ومآلا مسالك أوليائه المتقين وأن يوقفك بين يديه موقف أحبابه العارفين في الدنيا والآخرة والله ولي ذلك القادر عليه، ثم إنك طلبت مني أن آذن لك في زيادة الأذكار على الورد، فاعلم أني أجزتك في كل ما أردت من الأذكار والأسماء والآيات والأدعية حيث ما أردت وكيف ما أردت، إلا ما كان من أوراد الشيوخ التي هي لازمة للدخول في طرقهم فلا آذن لك فيها واعلم أن كل ما تذكره من الأذكار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والأدعية لو توجهت بجميعها مائة ألف عام كل يوم تذكرها مائة ألف مرة وجميع ثواب ذلك كله ما بلغ ثواب مرة واحدة من صلاة الفاتح إلخ فإن كنت تزيد نفع نفسك الآخرة فاشتغل بها على قدر جهدك فإنها كنز الله الأعظم لمن ذكرها وكل ما تزيده فوق الورد فزده منها زائدا على الورد فقد نصحتك الله،وأما ما ذكرت من صعوبة أنقياء نفسك عليك لأمر الله ودوامها على التخبط فيما لا يرضى فتلك عادة جارية أقامها الله في الوجود لكل من أهمل نفسه وتركها جارية في هواها، أن لا يسهل عليه سبيلا إلى القيام بأمر الله بل لا يرى في نفسه إلا الخبث والمعاصي والخروج على أمر الله، ومن أراد تقويم اعوجاج نفسه فليشتغل بقمع نفسه عن متابعة هواها مع دوام العزلة عن الخلق والصمت وتقليل الأكل والإكثار من ذكر الله بالتدريج وحضور القلب مع الذكر وحصر القلب عن الخوض فيما بعتاده من الخوض في أمور الدنيا وتمنيها وحبها وحصر القلب عن جميع المرادات والاختيارات والتدبيرات، وعن أخبار الخلق وذم القلب عن الجزع عن أمر الله فبدوام هذه الأمور تتركي النفس، وتخرج من خبثها إلى مطابقة أمر الله وألا فلا، سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا، والشيخ في هذه الأمور دال ومعين لا خالق ولا فاعل،إذ الخلق والفعل لله والدلالة للشيوخ والسلام وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما، وكتبه العبد الفقير إلى الله أحمد بن محمد التجاني عامله الله بلطفه آمين.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى