نص الرسالة التي بعث بها السطان مولاي سليمان إلى أمير مكة سعود وشريكه في الحركة محمد بن عبد الوهاب سنة (1226هـ/1811م). وهي من إنشاء الفقيه الطيب بن عبد المجيد بنكيران، وهي اختصار لجواب طويل أربعة كراريس. (خ.ح 4624).
وكان الوفد الذي حمل الرسالة يتكون من الأمير مولاي إبراهيم بن سليمان، والسفير سيدي حمدون بلحاج، وقاضي مراكش الفقيه الزداغي، وقاضي فاس عباس بنكيران، ومؤقت مسجد الأشراف بفاس عبد الخالق لوديبي، ومحمد الأمين الرتبي.
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
من ملكه الله أزِمَّةَ العرب وقيادتها، فأحسن سياستها وأصلح سيرتها ومهّد بلادها، ويسّر على يديه حسنة أمن السابلة من القطاع والنهاب، وتيسير وصول الحجاج والعمار والزوار إلى نيل الأوطار والآراب، فأصبح، وقد أحرز بذلك الثناء والثواب، وحصل به في الدارين أفضل جزاء وحسن مآب، أخونا في الله فلان[1] . حفظكم الله من جميع الأسواء وأدام عليكم سبوغ النعماء وسلام عليكم ورحمة من الله نامية وبركات متزايدة وأياد صافية ومنن مترادفة وعافية غير عافية.
وبعد، فإنا نحمد إليكم الله الذي هداكم وهدى بكم.
فلقد سرنا ما بلغنا عنكم من سيرتكم وشيمكم وأحوالكم من الزهد في الدنيا وإحياء رسوم الدين والحض على طريق السلف الصالح وسنن المهتدين والحمل على إخلاص التوحيد لرب العالمين وقطع البدع والضلالات التي هي منشأ زيغ العقائد وكثرة الجهالات. وما برحنا عنكم ما قد أصبتم فيه كل الإصابة ووافقتم فيه كتب العلماء ومذاهب السلف والصحابة كما لا يخفى على من درس موطأ الإمام مالك وما في الصحيحين، وطالع مسند الإمام الأوحد الزاهد أحمد بن حنبل أمير المؤمنين في الحديث بلا مَين.
ومذهبنا معشر المالكية، مبني على ما أنتم عليه من سد الذرائع وإبطال البدع والمحدثات، ولا نكفر مع ذلك أحدا بذنب من أهل القبلة ولا من أهل الأهواء في المعتقدات، إلا من خرج ببدعة عما علم من الدين ضرورة كَمُنْكِرٍ علم الله تعالى بالجزئيات. وعلى هذا إمام أهل السنة أبي الحسن الأشعري والأئمة الأربعة، وهو المريد بالقطعيات.
أخرج الطبراني عن أنس قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: “إن بني إسرائيل افترقوا على إحدى وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على اثنتين وسبعين فرقة كلها على الضلالة إلا السواد الأعظم. قالوا: من السواد الأعظم؟ قال: من كان على ما أنا عليه وأصحابي. من لم يمار في دين الله، ولم يكفر أحدا من أهل التوحيد بذنب، غفر له”.
وروى البيهقي بسند صحيح أن جابر بن عبد الله سئل: هل كنتم تسمون شيئا من الذنوب كفرا أو شركا أو نفاقا؟ قال: معاذ الله، ولكنا نقول مؤمنون مذنبون. فالفاسق إذا مات بلا توبة في المشيئة الآية { وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء }[2] ، وهي مخصصة لعمومات العقاب. فإن عوقب لم يخلد، بل نقطع بخروجه ودخوله الجنة، كما صح في أحاديث الشفاعة المتواترة، وفي ما رواه البزَّار والطبراني بإسناد صحيح: “من قال لا إله إلا الله، نفعته يوما من دهره. يصيبه قبل ذلك ما أصابه”.
فارتكاب الكبيرة لا يزيل اسم الإيمان خلافا للمعتزلة في أن مرتكبها غير مؤمن ولا كافر، فيخلد في نار دون نار الكفار، وخلافا لقول الخوارج أنه كافر. ولا نكفر نافي الرؤيا وخلق الله تعالى لأفعال العباد. واختلف في من يقول بخلق القرآن، فأطلق قوم أنه كافر وثبت عن الشافعي. وقال آخرون مبتدع لا كافر. وتأول البيهقي قول الشافعي على كفران النعم دون الخروج عن الملة ورد بأن الشافعي أفتى بضرب عنق القرد لقوله بذلك.
ولعل ما ينقل عنكم من تكفير جفات الأعراب إنما هو في من استحق ذلك منهم باعتقاد ما يخالف ما علم من الدين ضرورة، إذ الظن بكم التبت في الأمور لاسيما في هذا المقام الصعب. فلا يخفى عليكم ما ورد في تكفير عوام المسلمين من التشديد وغاية الوعيد الشديد، لحديث مسلم وجامع الترمذي عن ابن عمر مرفوعا: “أيما امرئ قال لأخيه كافر فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال وإلا رجعت عليه”. ولأبي داوود عن أبي هريرة رفعه: “أيما رجل كفَّر رجلا مسلما، فإن كان كافرا وإلا كان هو الكافر”. وهذه مبالغة أو وعيد بأن لا يختم له بالإيمان. عصمنا الله وإياكم.
وللبخاري عنه وله، وللإمام أحمد عن ابن عمر رفعاه: “إذا قال رجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما”. والأحاديث في هذا أكثر من أن تحصى. وانظر قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ }…إلى قوله: { بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا }[3] . وفي الصحيح أن المصطفى قال لأسامة: “أقتله بعد ما قال لا إله إلا الله؟ فكيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة؟” ولما اعتذر بأنه قالها خوفا من السلاح، قال: “هلا شققت عن قلبه؟”
وانظر ما تواتر من قوله صلى الله عليه وسلم: “أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله”. فاكتفى من جفاة الأعراب بالشهادة حتى يثبت موجب انتفاء العصمة. ومما اشتهر بين علماء الأمة، وذكره غير واحد كالتقي السبكي والبيضاوي أن الغلط بترك ألف كافر أهون من الغلط بسفك محجمة دم امرئ مسلم.
وكيف يتوهم أو يلتبس على أمثالكم الفرق بين المشرك الذي يسجد للصنم وهو يرى أنه يجلب ويدفع ويعصم من الأسواء، وأنه لا ترد شفاعته، بل تعتبر لا محالة من غير احتياج إلى إذن حتى قال تعالى معرضا بهم: { مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ}[4]، {وَلا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ}[5]، {يَوْمَئِذٍ لّا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلا}[6]، {وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ، مِن دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنصُرُونَكُمْ أَوْ يَنتَصِرُونَ }[7] ثم قال: { قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ، تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ، إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ }[8] أي في استحقاق العبادة والنفع والضر. وقال: { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ }[9].
قال في النهاية: الأنداد جمع ند بالكسر، وهو مثل الشيء الذي يضاده في أموره ويناده، أي يخالفه. انتهى. وفي المصباح: ولا يكون الند إلا مخالفا. وبين المسلم والمستغيث بنبي أو ولي، مع اعتقاد أن الله هو المعطي المانع الضار النافع، وإن ما يستغيث به ويرغب إليه على وجه أن يشفع له عند الله استصحابا للإذن العام في الشفاعة للمسلمين وقضاء حوائجهم أو إسنادا لما يحدث له من إلهام أو كيفية يعلمها الله، وظن قبول شفاعته لمكان خصوصيته. ولا يمنع من ذلك كونه ميتا فإن الأرواح بعد مفارقة الأجساد دراكة عالمة بأحوال الأحياء غالبا، كما تواطأت به الآثار المتكاثرة المفيدة لليقين. قال تعالى {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}[10] والذائق لابد أن يبقى بعد المذوق. وقال {إِذَا بَلَغَتْ التَّرَاقِيَ} … إلى قوله {الْمَسَاقُ}[11] والمسوق الأرواح. {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء}[12] … إلى آخره.
وأحاديث نعيمها وتعذيبها، وأن أهل القبور يسمعون سلام الزائر ويردون ويعلمون أحوال أهل الدنيا، وأن الأرواح تتلاقى وتتزاور كثيرة جدا. قالوا ولكل روح بجسمها اتصال معنوي. أما الأنبياء فأحياء حقيقة، على ما للحافظ الأسيوطي في تأليف سماه: «إنباء الأذكياء بحياة الأنبياء».
وبالجملة ليس لنا أن نكفر إلا بإنكار ما علم من الدين ضرورة، وكل ما لا يخالف إجماعا ولا نصا صريحا قطعيا، فمرجعه إلى نوع الجهاد. فليكن رد العلماء فيه، بعضهم على بعض، برفق مع الجزم بأن المصيب في العقليات واحد وهو من صادف الواقع، كقولنا بأن الباري سبحانه يرى في الآخرة وأنه الخالق لأعمال العباد، وأن صفات المعاني قائمة بالذات العلية، وأنه، تعالى أن يكون في ملكه ما لا يريد، أو لا يكون ما يريد. أما الأحكام الفقهية العلمية فقد اختلف هل كل مجتهد فيها مصيب أو المصيب فيها واحد؟ وعليه الأكثر. فالأنَةُ القول فيها مع الخصوم أجدر. وقد أفاد الغزالي في «الإحياء» في الباب الرابع من كتاب العلم، شروط المناظرة والجدل وآفاتهما، فلينظر.
وليحذر العالم من التشغيب وقلة الإنصاف للحق بعد ظهوره واللَّجاج فيه.
وانظر كيف كانت مناظرة الإمام أحمد رضي الله عنه مع خصومه في المعتقدات وغيرها بإيضاح الحق بأدلة ومظاهرة، والاحتيال في إيصاله إلى الأفهام حتى يزول الالتباس والاشتباه، وفي هدم الباطل بحل الشبه بلا تعنين ولا تشغيب. وقد كانت البدع والأهواء طافحة في وقته، فكان يتلطف في ردها وإبطالها، وهذا كله مما سبق إليه الكلام. وليس بخاف على أمثالكم ممن هو بصدد تحقيق الحق وإقامة الأحكام. وأكثر ما تنكروه على مرتكبيه هو عندنا معشر المالكية صحيح أو مكروه أو مختلف فيه. فقد قال علماؤنا يكره البناء على القبور أو التحريز، وسواء كان الميت ملكا أو عالما أو شريفا أو سلطانا أو غير ذلك. وإن بوهي به حَرُمَ. وجاز البناء الخفيف للتمييز بحجر وخشبة بلا نقش. وقد صحح الحاكم في المستدرك أحاديث النهي عن البناء والكتابة على القبور، ثم استخف الكتابة فقط بأن أئمة المسلمين شرقا وغربا مكتوب على قبورهم. وَبَسْطُ المسألة والخلاف فيها يطول.
وذكر علماؤنا أيضا أن الوُقود على قبر الولي ووضع الستور عليه ليس بقربة بل هو مكروه، ومن نذر مالا لذلك أو نذره لعينه لم يلزمه، لكن من وضع يده نذر لذلك وجب عليه بمنزلة شرط الواقف المكروه، فإنه يتبع. وقد بسط صاحب «المدخل» الكلام في هذا وغيره. ومن كلامه، ولا بأس بذكر اسم الصالحين والعلماء والأولياء ما لم يكن منقوشا على القبر أو على الجدار أو في ورقة ملصقة هنالك. وإذا كان هذا فما بالك بالشمع الكبير الغليظ الذي ليست به حاجة للوقود. ولو كان سائغا فلم يبق إلا أن يكون إضاعة مال. وكذلك يمنع ما يفعله بعضهم من تعليق قنديل على قبر من كان مشهورا بالخير، والناس يعتقدونه ليأتي الناس إلى مكان الضوء ليزوروا. فلينظر تمامه.
ومن المختلف فيه زيارة قبور الصالحين. فذكر ابن أوب في اختصار الرسالة العلمية للقشيري أن ذلك ليس من طريق القوم، أي الصوفية. وذكر ابن العربي من علماء المالكية أنه لا يزار قبر لينتفع به غير قبر نبينا صلى الله عليه وسلم. وقال الشَّارِمْسَاحِي: قصد الانتفاع بالميت بدعة. قيل وهذا ينظر إلى سد الذرائع وحسم مادة البدع المحرمة المتطرقة في ذلك. وجعلها الغزالي من العبادة واعتمده صاحب المدخل وعمل عليه الجماهير الذين لا يحصون، وحض على ذلك الشيخ إبراهيم التازي في قصيدته المشهورة التي تلقاها العلماء بالقبول وأولها:
زيارة أرباب التقى مرهم يبري
ومفتاح أبواب السعادة والخيـر
إلى أن قال:
عليك بهـا فالقـوم باحــوا بسـرهـــا
وأوصلوا بها يا صاح في السر والجهر
ثم قال:
ولا فرق في أحكامها بين سالك قرب
ومجــــذوب وحـــــي وذي قـبـــــــر
وقال مالك في رواية ابن وهب: إذا سلم زائر القبر الشريف على المصطفى يقف للدعاء مستقبلا القبر الشريف لا القبلة. وقد سأله الخليفة المنصور: أيهما يستقبل؟ فقال: لِمَ تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم إلى الله عز وجل. وقال مالك في المبسوط: لا أرى أن يقف يدعوا، لكن يسلم ويمضي. وجمع الشيوخ بين قوليه بأن مثل المنصور يعلم ما يدعوا به. وآداب الدعاء بين يديه صلى الله عليه وسلم، فأمن عليه سوء الأدب، فأفتاه بذلك وأفتى العامة أن يسلموا وينصرفوا، لئلا يواجهوه بالتوسل به إلى الله أو يدعوا بما يحرم أو يكره أو يلغوا جهلا منهم.
وقد حذر الشيوخ مما يفعله بعض الجهلة من الطواف بالقبر الشريف والتمسح بالبناء وإلقاء المناديل والثياب عليه. وقد تقرب بعض العامة بأكل الزبيب في الروضة الشريفة وإلقاء شعورهم في القناديل. وكل ذلك من المنكرات.
وإذا كَرَّه مالك دعاء العوام عند القبر الشريف، فما بالك بغيره من قبور الصالحين. فإن زيارة العوام لقبور الصالحين لا يخلوا غالبا من سوء مقالات وظهور جهالات، فَمَنْعُهُمْ منها حتى يعلموا ما يقولون سواء قياسا على ما في الآية { لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاةَ…}[13] الآية وحديث مالك: “فلعله يذهب يستغفر، فيسب نفسه بجامع الخوف من التكلم بالجهل وما لا يليق بجانب الباري سبحانه”.
ومن المختلف فيه أيضا، تقبيل كل معظم شرعا، وقد أخذ بعضهم الجواز من مشروعية تقبيل الحجز. وقد ورد في وفد عبد القيس أنهم أكبّوا يقبلون يدي المصطفى ورجليه وكذا تمريغ الوجه في الأماكن الشريفة. قالوا ومذهب كثير من العلماء وخصوصا المالكية الكراهة في غير ما ثبت في الشرع كتقبيل الحجر. وقد نهى مالك عن تمريغ الوجه على الحجر. وكان يفعله إذا خلا به. هذا وفي المدونة، وهي أجل كتب المالكية، ولو قال على جزور أو أن أنحر جزورا، فلينحرها في موضعه. ولو نوى موضعا أو سماه، فلا يخرجها إليه، كانت الجزور بعينها أو بغير عينها. وكذلك إن نذرها لمساكين بلده وهو بغيرها، فلينحرها بموضعه ويتصدق بها على مساكين من عنده. وَسَوْقُ البُدْن إلى غير مكة من الضلال انتهى. وهذا كله من سد الدرائع.
وكرامة الأولياء لا تنكرونها في ما بلغنا عنكم، كيف وإنما أنكرتها المعتزلة وأثبتها جميع أهل السنة، وقال جمهورهم ما جاز أن يكون معجزة لنبي جاز أن يكون كرامة لولي لا فرق بينهما إلا التحري وعدمه وهي متواترة معنى، فلا حاجة للتطويل.
وهذا القدر كاف في هذه الرسالة المبنية على الاختصار[14] دفعنا بها أن تظنوا بنا أنا ممن ينحوا منحى الاعتراض عليكم والإنكار. ولما اتضح لدينا قصدكم وخلوص طويتكم في الدب عن الدين ولحقنا احتياطكم وحياطتكم للمسلمين ومنعكم الجار وإن جار، فكان بكم من اللائذين ومحافظتكم على الشيام العربية والمكارم الشرعية، مقتفين بذلك منكم مبتهجين، وأنكم لا تعترضون للمغاربة الحجاج والعمار والزائرين لم يبق وجه في احتباسهم عن أداء الفريضة والسنة، وجهناهم وأحللنا ولدنا وسطهم في هذه السنة[15] ملتمسين أجر تلك الخطى وأن يحط بها عنا الوِزر والخطأ، وأن نكون ممن ندب إلى الطاعة وكان عليها من المسعدين.
وإنك لخليق أن تسلك بهذه الأمة أحسن المسالك وأن تكون عليها من المشفقين، فأحسن جوارها أحسن الله إليك { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}[16] . ولا تصغ إلى واش يخادع الله وهو خادعه ولا يحيق مكر السوء إلا به والله خير الماكرين. عصمنا الله وإياكم من كيد الشيطان وجعلنا ممن اضطره إلى استثنائهم بقوله { إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ }[17] وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد سيد الأولين والآخرين وعلى آله وأصحابه أجمعين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
انتهى من خط مبدعها ومنشئها بلا واسطة للسلطان مولانا سليمان بن مولانا محمد بن عبد الله بن إسماعيل، شيخنا المحقق المحرر بقية المحققين وإمام المفسرين سيدي الطيب بن عبد المجيد بن كيران الفاسي أعاد الله علينا من بركاته. وكتبه تلميذه أسير ذنبه عبد المالك بن عبد الكريم الهوزالي لطف الله به آمين.
——————————-
[1] المقصود به الأمير عبد الله بن سعود الذي ظهر بمكة.
[2] النساء: 48
[3] والآية بتمامها هي { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا } النساء: 94
[4] البقرة: 255
[5] سبأ: 23
[6] طه: 109
[7] الشعراء: 92 – 93
[8] الشعراء: 96 – 98
[9] البقرة: 165
[10] آل عمران: 185
[11] القيامة: 26 – 30
[12] آل عمران: 169
[13] النساء: 43
[14] وقد كتب له رسالة طويلة واختصر هذه منها، فيها ما يزيد على أربعة كراريس (ذكره الناسخ بالطرّة).
[15] وهي سنة 1226 والمراد بولده مولانا إبراهيم بن سليمان (الناسخ كذلك)
[16] المائدة: 13
[17] الحجر: 40