مقالاتمواضيع مختلفة

قصة المناظرة التي جرت بين العرفج وأحد المتوسعين بتبديع المسلمين.

 

 

 

 


 

حوار حقيقي[1] :

 

  

هذا الحوار العلمي الرسين الهادئ والخالي من التشنج والغلظة والجفاء، يؤصل لطريقة راقية في مناقشة القضايا الخلافية، وتوضيح صوابها العلمي بعيدا عن غلبة النفوذ والسلطة.

يوضح الحوار ما ابتلي به المسلمون في نهاية القرن الماضي، وعشرية القرن الحالي من تسلط فئة تدعي فرديتها وتسلطها على الساحة الدعوية، وتبديعها للمسلمين والشويش على عبادتهم بمنهج سقيم يحمل تناقضاته واضطرابه.

أخي الكريم[2] ، أحب أن أختم ملاحظاتي على ردك على كتابي[3] بهذا الحوار الحقيقي الذي حدث بعد صلاة المغرب من يوم الإثنين 08 / 01 / 1430 هـ 05/ موافق /01/2009 /

فقد وصلني في يوم الأحد 7/1/1430 هـ / 07 / 01 / 2009 خطابٌ رسميٌّ من جهة رسمية في الأحساء ـ يتضمن الدعوة للحضور إلى مقر تلك الجهة في اليوم التالي، لمقابلة مجموعة من العلماء وطلبة العلم ، لمناقشة أمر ما، فحضرت في اليوم الموعود، والتقيت بهم، فعلمت أن هدف المقابلة مناقشة موضوع البدعة، ولم يكن كتابي قد صدر بعد، فدار بيني وبين أمثلهم عندي هذا الحوار الذي أنقله لك ـ أخي الكريم ولغيرك من الإخوة ـ ملخصة:

قال أنت طالب علم ، وأعلم جهودك الدعوية، ولكن أوصيك بتجنب البدع، وخصوصا المولد النبوي، وعليك بالتمسك بالكتاب والسنة[4] في كل ما تفعل؟

قلت[5]: وهل تتمسك شخصيا بالكتاب والسنة في كل ما تفعل؟

قال: نعم.

قلت فأخبرني إذا، أنا أعلم أنك إمام جامع، فهل تختم القرآن في رمضان؟ أم تكتفي بقراءة قصار السور؟

قال: بل أختم القرآن كاملا.

قلت: فإذا ختمت فأين تقرأ دعاء الختم: في الصلاة أم خارجها؟

قال: في الصلاة.

قلت: حسنا، سأعطيك دليلي.

قلت: لن أقبل غير الكتاب والسنة.

قال: سأعطيك دليلي.

قلت: أعرفه قبل أن تقوله.

قال :وما هو؟

قلت: قول الإمام أحمد الذي نقله ابن قدامة في “المغني”[6]، أن أهل مكة كانوا يختمون في الصلاة ، وأن سفيان بن عيينة كان يختم معهم، فهل عندك دليل غيره؟

قال : لا.

قلت: فأين الكتاب والسنة؟

قال: ولكن هذا الأمر حدث في أيام السلف الصالح[7].

قلت: هل أفهم من قولك أن ما حدث في أبام السلف الصالح لا بأس به.

قال: نعم،لأنهم أهل القرون الفاضلة.

قلت: ولكنك منذ سنتين وقفت على منبرك يوم الجمعة، وأنكرت على من يجتمعون ليلة النصف من شعبان للتذكير بفضل هذه الليلة، والحث على الإجتهاد فيها بأنواع الطاعات، فهل حصل هذه فعلا؟

قال: نعم

قلت: تركت قولك بأن ما قبله السلف الصالح فلا بأس به ، فهل تعلم أن تابعي الشام كانوا يرون فضيلة تلك الليلة؟

قال: نعم.

قلت فلماذا أنكرت إذا؟ مع العلم أن أولئك التابعين عاشوا في المائة الأولى، ولدى من رأى أفضلية ليلة النصف أدلة لا تخلو في الجملة من مقال، مع أن الألباني صحح حديثها المشهور، أما دعاء الختم في الصلاة فقد حدث آخر المائة الثانية، وليس لدى من رآه أي دليل.

قال: ولكن طالب العلم ينظر في الأقوال، فيرجح منها ما يراه صوابا [8].

قلت: فهل تسوغ الترجيح لنفسك، ثم تحرمني منه؟ ولكن دعني أفترض أني وقفت على المنبر يوم الجمعة، فقررت أن كل من خطب وصلى قبل زوال الشمس فصلاته باطلة، وأن هذا هو رأي الجمهور، مع العلم أنه يوجد عندنا في الأحساء عدة مساجد، يخطبون قبل الزوال، اتباعا لمذهب الإمام أحمد، فهل تقبل مني هذا الأمر؟

قال: لا، لأنه سيحصل تشويش على الناس.

قلت: فهذا المحذور هو عين ما قمتَ به عندما حذرت من الإجتماع ليلة النصف من شعبان، فهل تعلم أن خطبك وفتاواك اتخذها بعض الناس جسورا للتهجم علينا وعلى علمائنا وعلى مدارسنا الشرعية.

قال ـ وقد أخذته رعدة ـ: كلا يا أبا حسان ، فأنتم أهل لبلد وفضلاؤه وطلاب العلم فيه.

قلت: أي فضل وعلم ؟ لقد خنقتمونا في زوايا ضيقة بسبب فتاوكم، وجرأتم سفهاء الناس على طلبة العلم[9].

أخي الكريم[10]، ما قرأته في هذه الرسالة الأخوية سيضاف إلى الطبعة الثانية من الكتاب ، ولكني أحببت أن أرسله إليك ، لأنك المعني به أولا، فأرجو أن تتلقاه بصدر رحب ، ولعلنا نلتقي وجها لوجه ، لنبحث هذه المسائل وغيرها، ونوثق أخوتنا في الله ، وأسأله سبحانه وتعالىأن يهدينا وإياكم السبيل، والحمد للع رب العالمين.

3/11/1432هـ / 11 / 10 / 2011

 د. عبد الإله بن حسين العرفج
                                    الأحساء

[1]  ـ مأخوذ نصه من كتاب مفهوم البدعة ص: 450 وما بها.

[2] ـ المخاطب هو حسن بن علي بن هاشم السقاف. الحفيد 37 لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولد سنة 1961 تلقى علم الحديث على يد جمهرة من المحدثين منهم العلامة عبد الله بن الصديق. ألف 41 كتبا أغلبها في الحديث والرد على المشتغلين به أمثال الألباني منها:

قاموس شتائم الألباني

تناقضات الألباني الواضحات

البشارة والإتحاف بما بين ابن تيمية والألباني في العقيدة من الاختلاف               هذه الإحالة من ناشر الحوار

[3]  ـ المقصود هو كتاب ” مفهوم البدعة وأثره في اضطراب الفتوى المعاصرة دراسة تأصيلية تطبيقية لمؤلفه الدكتور عبد الإله حسين العرفج

[4] ـ الكتاب والسنة أصل استنباط الأحكام ، ولكن يضاف لهما أصلان متفق عليهما ، وهما الإجماع والقياس، ويضاف للجميع أصول تختلف فيها، مثل العرف والمصلحة والإستحسان والإستصحاب والإستقراء ومذهب الصحابي وسد الذرائع وشرع من قبلنا وعمل أهل المدينة.

[5] ـ ستلاحظ أخي ـ الكريم ، أنني غيرت مسار المناقشة مني إليه ، فأخذت أناقشه بدل أن يناقشني، ولم يكن من ذلك مفر، لأن المناقشة ستوثق، وستعرض على جهة رسمية أعلىى وسيتخذ ـ بناء عليهاـ قرار، فكان من المهم بيان حجتي بحزم ووضوح، والحمد لله فقد حمدت غِبَّ ذلك.

[6] ـ نقلت هذا القول في كتابي (ص209)، وأنظر المغني لابن قدامة (2:7:3).

[7] ـ الآن تتوسع دائرة الاحتجاج لتشمل ما قبله السلف الصالح.

[8] ـ الآن رجعت القضية إلى الترجيح الشخصي.

[9] ـ استمرت هذه المناقشة أكثر من ساعة كاملة، وكان الحضور يتبادلون الحديث معي فما إن يسكت أحدهم يبادر الآخر بالتدخل، ولكني أعتقد ـ إن شاء الله ـ أنني أوضحت حجتي قوية عالية، فلله الحمد والفضل.

[10]  ـ الخطاب موجه إلى الدكتور حسن السقاف المتحدث عنه سابقا.                                 ناشر الحوار

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى