الخطبمقالات

إظهار الفرح والاستبشار بحلول هلال ربيع الأنوار

 إظهار الفرح والاستبشار بحلول هلال ربيع الأنوار

 وشهرِ مولد النبيّ المصطفى المختار صلَّى الله عليه وسلم وآله الاطهار

الخطبة الأولى: 

الحمد لله الذي زيّن أقطار العالم بظهور أنوار شهر ربيع. وبيّن للعالمين مراتب قدر هذا الشهر الرفيع. حيث أنعم علينا بإظهار سيّد البشر. صلى الله عليه وسلم. وقدّر وِلادته في هذا الشهر الشريف الأزهر. فأكرِم به شهرا مباركا سعيدا. وموسما فاضلا وعيدا

فَهَذَا رَبِيعُ الْخَيْرِ بِالْيُمْنِ مُقْبِلًا +++وَهَاتِيكَ أَنْفَاسُ الرِّسَالَةِ وَالْقُرْبِ
أَمَوْلِدَ خَيْرِ الْخَلْقِ أَهْلًا وَمَرْحَبًا +++حَلَلْتَ بِنَا فَانْزِلْ عَلَى السَّهْلِ وَالرَّحْبِ
رَبِيعٌ بِهِ جَاءَ النَّبِيُّ وَ  حَـبَّذَا+++ أَلَا حَبَّذَا ذَاكَ الشَّفِيعُ إِلَى الرَّبِّ
رَبِيعٌ بِهِ ازْدَانَ الرِّيَاضُ وَأَثْمَرَتْ++وَأَيْنَعَ مَا فِي الْأَرْضِ وَاخْضَلَّ مِنْ عُشْبِ
رِيَـاضٌ بِهَا الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ التِي++ أَضَاءَتْ بِهَا الْآفَاقُ فِي الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ
رَبِيعٌ بِهِ جَاءَ النَّبِيُّ وَقَبْلَهُ++ تَحَرَّقَ وَجْهُ الأَرْضِ بِالنَّهْبِ وَالْغَصْبِ
قَدَ اَكْمَلَ دِينَ اللهِ بِرًّا وَرَحْمَةً++ وَبِالْوَصْلِ لِلْأَرْحَامِ لَا الْوَأْدِ وَالسَّبِّ
فَيَا خَيْرَ مَوْلُودٍ وَيَا خَيْرَ مُرْسَلٍ++ وَيَا مَلْجَأَ الْجَانِي وَيَا عَالِيَ الْكَعْبِ
وَيَـا غُنْيَةَ الْمَحْرُومِ يَا مَوْتَةَ الْعِدَى++ وَيَا رُقْيَةَ الرَّاقِي لَدَى الدَّفْعِ وَالْجَلْبِ
عَلَيْكَ صَلَاةُ اللهِ تَتـْرَى قَرِينُهَا++ أَدَلُّ سَلَامٍ مِنْ حَبِيبٍ عَلَى الْحِبِّ
فَهَا أَنَا بِالْبَابِ الْفَسِيحِ مُؤَسَّرٌ++ أُرِيدُ فَكَاكًا مِنْ عُيُوبِي وَمِنْ ذَنْبِي
وَنَصْرًا عَلَى الْأَعْدَاءِ لَا تَقْرَبَنَّنَا++ أَذَاةٌ مِنَ الْأَعْدَا مِنَ الْعُجْمِ وَالْعُرْبِ
وَرِزْقًا حَلَالًا وَاسِعًا وَاسْتِقَامَةً++ عَلَى الدِّينِ بِالتَّقْوَى وَتَعْلِيمَكَ الْوَهْبِي
عَلَيْكَ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ شَذَاهُمَا++ عَبِيرٌ عَلَى الْأَرْدَانِ مِسْكٌ عَلَى الْجَيْبِ 

وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له.. كمّل السعود بأكرم مولود. شرَّفَ به الآباء والجدود. وملأ الوجود بجوده عدلا. ونادت الكائنات ليلة مولده صلى الله عليه وسلم من جميع الجهات: أهلا وسهلا. وأشهد أنّ سيّدنا محمّدا عبده ورسوله. وصفيّه من خلقه وخليله.لاحت شواهد محبّته على وجوه ذوي التشريف والتّكريم.الْمُخاطَب بقول الله الودودالحكيم:(يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ))

هذا المعظَّمُ خيرُ مَنْ وَطِئَ الصَّفَا++ لولاه كُنّا في المَعَادِ على شَفَا
فَلَكَمْ أَجَارَ وكَمْ أفاد وكم وَفَا++يا مُرْتَجِين من الشفيعِ تَعَطُّفَا
                  ++صلّوا على هذا الحبيبِ المصطفى++

 اللّهمّ صلِّ وسلِّم وبارِك على سيّدنا محمّد. عيْنِ أعيان القُرْب والوِصال. وصَفْوَةِ الأصفياء المُتَوَّجِين بتاج الجلال والجمال. وسيْفِ الحقّ الماحي بنُور شريعته آثارَ الكفر والضَّلاَل. وعلى آله الذين هم خيرُ عِتْرةٍ وأشرفِ آل. وعلى صحابته نجومِ الهداية وحسناتِ الأيّام والليال.

 أمّا بعد: فيا أحباب رسول الله. صلى الله عليه وسلَّم.ها قد أهلّ علينا هلال ربيع الأنوار. نسأل الله تعالى أن يجعل دخول هذا الشهر على جميع الأمة الإسلامية دخول الخير والأمن والعافية والسلامة. وصلاح الأحوال الخاصّة والعامّة. فمرحباً أهلاً وسهلاً. بِشَهرٍ وُلِدَ فيهِ مَن قالَ  الله في حقه في سورة التوبة:(لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيم). مرحباً أهلاً وسهلاً. بِشَهرٍ وُلِدَ فيهِ مَن قالَ فيهِ مولانا عزَّ وجلّ في سورة الأنبياء:(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين). مرحباً أهلاً وسهلاً. بِشَهرٍ وُلِدَ فيهِ مَن قالَ فيهِ مولانا تعالى في سورة آل عمران: (لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمُ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِين). مرحباً أهلاً وسهلاً. بِشَهْرٍ وُلِدَ فيهِ مَن قالَ فيهِ الباري تعالى في سورة المائدة:(قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِين). مرحباً أهلاً وسهلاً. بِشَهْرٍ وُلِدَ فيهِ مَن كانَ دَعوةَ أبيه سيِّدِنا إبراهيمَ عليهِ السَّلامُ إذ قال الله في سورة البقرة:(رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمُ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيم) مرحباً أهلاً وسهلاً. بِشَهْرٍ وُلِدَ فيهِ مَن بَشَّرَ بقدومه سيِّدنا عيسى عليهِ السَّلامُ إذ قال سبحانه في سورة الصف: (وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِيَ اسْمُهُ أَحْمَدُ). مرحباً أهلاً وسهلاً. بِشَهْرٍ وُلِدَ فيهِ مَن ورد في الحديث فيهِ عن أَبِي أُمامَةُ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، مَا كَانَ بَدْءُ أَمْرِكَ؟ قَالَ:(دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ، وَبُشْرَى عِيسَى. وَرَأَتْ أُمِّي أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَتْ لَهُ قُصُورُ الشَّامِ).  رواه الإمام أحمد

لِمَوْلِدِ خَيْرِ الْخَلْقِ أَفْرَحُ جَاهِدًا ++وَأَمْرَحُ فِي رُوحِي وَأَطْرَبُ فِي جِسْمِي
فَصَفِّقْ وَسَاعِدْ بِالتَّوَاجُدِ وَالْغِنَا++ وَلَا تَقْتُلِ النَّفْسَ الْمَشُوقَةَ بِالْكَتْمِ
فَهَذَا رَبِيعُ الدَّهْرِ أَقْبَلَ بَاسِمًا++ عَلَى وَجْنَتَيْهِ الْبِشْرُ يَرْفُلُ فِي سِلْمِ
فَدَتْكَ الشُّهُورُ الْغُرُّ يَا بَهْجَةَ الدُّنَا ++وَيَا دُرَّةَ النَّحْرِ الْبَدِيعَةَ فِي الْيُتْمِ
نفعني الله و إياكم بالذكر الحكيم و كلام سيد الأولين والآخرين سبحان ربك رب العزة  عما يصفون،و سلام على المرسلين و الحمد لله رب العالمين .

الخطبة الثانية

* الحمد لله على نواله و إفضاله، والصلاة  والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد النبي الأمي، الصادق الزكي، و على آله ، وعلى جميع من تعلق بأذياله ، و نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده و رسوله و بعد :

 أيها المومنون أحباب رسول الله. صلى الله عليه وسلَّم. هلّ هلالُ شَهرٍ رَبيعٍ الأنور. وهلّت معه بشائرُ السعدِ والفرح والمحبة لكنّنا اليوم، وبسبب رياحٍ دخيلة. غيرِ لواقح. هبّت على مجتمعاتنا. ظهرت معها نزعة تشكيكية جذرية في شرعية الاحتفال بمولده وسموّ مقاصده، فأصبحنا نحتاج معها إلى التذكير ببعض أصول ومقاصد أسلافنا رضي الله عنهم في هذا الاختيار الرشيد ؛ والذي لم يكن رُشدُه ولا سدادُه بل ولا نبوغُه، وإلى وقت قريب، في حاجة إلى شرح أو بيان. فمن  التذكير لعلّ الذكرى تنفع المؤمنين. أن نقول إن للفرح المحمود صُوَرا شتّى مُرغَّب فيها شرعا، منها: الفرح بما أنزل الله تعالى، لقوله سبحانه في سورة التوبة:(فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ).وقوله أيضا في سورة الرّعد:(وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ)).ومنها الفرح بنصر الله، قال سبحانه في سورة الروم: (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ).إلا أنّ الصورة الأجلى والأشمل في هذا الفرح والمُرغَّبِ فيها بصريح البيان، هي الفرح بفضل الله وبرحمته. لقوله سبحانه في سورة يونس:(قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) . وهو من أفضل رُتب الفرح. فقد جاء في تفسير الدر المنثور للإمام السيوطي رحمه الله وفي غيره. منقولا عن حَبْر هذه الأمّة وتُرجمان القرآن سيّدنا عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير هذه الآية قوله: فضْل الله: العلمُ، ورحمتُه: سيّدنا محمد صلى الله عليه وسلم. بل إنّ بعض العارفين يذهب إلى أنّه عليه السلام الرحمةُ عينُها، إذ لمّا كان سائر الرسل عليهم السلام قد بُعثوا رحمة إلى أقوامهم؛ وكان صلى الله عليه وسلم قد فاقهم خَلقا وخُلقا وعلما وكرما؛ حتى استمدّوا من روحانيته غَرْفا من البحر أو رَشْفا من الدِّيَم، كان عليه السلام هو عينَ الرحمة. لقوله سبحانه في سورة الأنبياء:(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ). من هنا وجب علينا الفرح والابتهاج بهذه الرحمة. التي منَّ بها علينا الحق سبحانه وتعالى. فقد قال أبو العباس المرسي رحمه الله في لطيفة نفيسة: الأنبياء إلى أممهم عطية، ونبيّنا صلى الله عليه وسلم لنا هدية، وفَرْق بين العطية والهدية؛ لأنّ العطية للمحتاجين. والهدية للمحبوبين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما أنا رحمة مهداة. ومن ثَمَّ فإنّ من الدلالات الساطعة للآية الكريمة الترغيبُ في الفرح بالمصطفى صلى الله عليه وسلم، شكرا للرحمن الرحيم على هذه الرحمة المهداة، فضلا عن كونه هذا الفرح مجلىً من مجالي محبّة المصطفى صلى الله عليه وسلم التي هي فرضٌ على الأعيان. وشرطٌ في الإيمان، لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتَّفق عليه عن أنس رضي الله عنه:(لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ). بل حتى يكون المحبوب الأكرم عليه الصلاة والسلام أحب للمؤمن من نفسه، لقوله صلى الله عليه وسلم لسيّدنا عمر بن الخطّاب رضي الله عنه كما في صحيح البخاري عن عَبْد اللَّهِ بْنَ هِشَامٍ رضي الله عنه قَالَ:(كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهْوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ. لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ كُلِّ شَىْءٍ إِلاَّ مِنْ نَفْسِى .فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لاَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَإِنَّهُ الآنَ وَاللَّهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: الآنَ يَا عُمَرُ). فالفرح إذن بالرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم إنّما هو شكرٌ لله تعالى على نعمة البعثة المحمدية.

فاملؤوا رحمكم الله قلوبكم بمحبة الحبيب المصطفى. صلى الله عليه وسلم. وعطّروا أفواهكم بكثرة الصلاة والسلام عليه. ولا تُحرموا أنفسكم من حضور مجالس المدائح النبوية الشريفة. وتعرّضوا لنفحاته العظمى، اللهم اجعل لنا في شهر ربيع الأنور وديعة عند نبيّك المصطفى صلى الله عليه وسلم يشهد لنا بها يوم القيامة ويشفع.

واستعينوا على ذلك كله بالإكثار من الصلاة و التسليم على ملاذ الورى في الموقف العظيم، اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق  و الخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق، و الهادي إلى صراطك المستقيم، و على آله حق قدره      و مقداره العظيم.(ربنا لاتزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب) ( ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولاتجعل في قلوبنا غلا  للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم .)

(سبحان ربك رب العزة عما يصفون، و سلام على المرسلين)

(و الحمد لله رب العالمين).

الخطبة من إنشاء عبد ربه الفقير إلى فضل الله و رحمته :

” ذ. سعيد منقار بنيس”

الخطيب بمسجد ” الرضوان ” لافيليت /عين البرجة/ الدار البيضاء

أستاذ العلوم الشرعية

بالمدرسة القرآنية التابعة لمؤسسة مسجد الحسن الثاني

مفتش منسق جهوي لمادة التربية الإسلامية للتعليم ثانوي متقاعد 

  البريدالالكتروني mankarbennissaid@gmail.com 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى