أعلام الطريقة

الحاج الأَحْسن بن محمد البعقيلي (1368هـ)

العالم الجليل والصوفي الزاهد والمربي الناصح، الذي جمع بين الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادل أهل المراء بالأحسن فكان اسم الصفة مطابقا للفعال. سوسي الأصل والنشأة، بيضاوي القرار والمدفن، وما ارتحل إلى دار الخلد حتى كان قد أسس مائة زاوية تجانية في جميع ربوع البلاد.

سيدي الحاج الأَحْسن بن محمد بن أبي جماعة، ويكتب أحيانا الحسن. حفظ القرآن ببلدته الأولى بعقيلة بمدرسة (إكَدي) وفيها رأى أن الرسول عليه السلام كساه حلة أولها صاحب الترجمة بالدين والإمامة والإطلاع على الحقائق (المعسول، 11: 161-163).
ثم انتقل بعد ذلك إلى دراسة العربية، فأخذ عن جملة من الأساتذة، ولازم بعد ذلك الحاج مسعودا الوفقاوي بمدرسة بْوابُوض قبل أن يلتحق بفاس سنة 1318/1900 حيث بقي بمدرسة الصفارين مدة يسيرة، ثم التحق بأولاد كَنون فتزوج هناك وولد له واكتسب مالا قبل انتقاله إلى القصر الكبير الذي تزوج به من إحدى الأسر الفاسية، على أنه سرعان ما انتقل إلى مدينة سطات مارًا بالخزازرة واستقر به المقام أخيرا بمدينة الدار البيضاء سنة 1348/1929 وظل بها إلى وفاته سنة 1368/1948.
إلى جانب هذا النشاط العلمي والرحلات والمهمات الرسمية أسهم صاحب الترجمة بحظ وافر في مجال التصوف، فقد أذن له باكرًا في الطريقة الأحمدية التجانية أستاذه الشهير الحاج الحسين الإفراني مؤسس الزاوية التجانية بتزنيت.
كما أخذ التصوف أيضا عن الشيخ الحاج عبد الله الغشاني (المعسول، 11: 160) وقد أثبت صاحب المعسول إجازة الشيخ الإفراني لصاحب الترجمة تتضمن توجهات دقيقة في كيفيات استعمال بعض الأذكار وآداب ذلك للمريد السالك طريق الترقي والتزكية عند الصوفية عامة وعند الشيخ التجاني خاصة، مع الإذن بتلقين المريدين هذه الأذكار وما تفعل في تلقين الاسم الأعظم (المعسول، 11، 161).
وقد أجيز صاحب الترجمة في السلوك الصوفي من طرف شيوخ آخرين، منهم سيدي علي الإسِكَلي، وسيدي الطيب بن أحمد بن الطيب السفياني، وأحد أحفاد الشيخ التجاني مؤسس الطريقة سيدي محمود رضي الله عنه، ومن الشيخ التجاني نفسه عن طريق الاتصال الروحي في الاسم الأعظم وغيره.
وحصل له بسبب هذا التجوال على مستوى الأمكنة والرجال ما بين قراء وعلماء وصوفية وحكام ملامحُ سلوكية وعلمية بارزة طبعت شخصيته فجعلته متمكنا من الحديث، حَسَنَ المحاضرة والاستطرادات اللغوية والقصصية وغيرها، مع ميل إلى الانبساط، متخذاً ذلك أسلوبا تربيويا لإيناس المريدين والزوار، مع ما استلزمه ذلك من كرم في الضيافة ورفع للحرج بينه وبين خواص جلسائه.
ورغم ذلك كان ضابطا للسانه في تناول سيرة الأشخاص مع حرص على ملازمة الوضوء وإقامة الصلوات في أسرته ذات العدد زوجات وأبناء. وإلى جانب هذه الحياة الصوفية الحافلة أنتج قلمه مجموعة من المؤلفات وربما كان ذلك من أثر تخرجه من المدرسة الإلغية ذات الاتجاه الأدبي بسوس حتى وصفت مؤلفاته بالجودة.

مؤلفاته:
مقاصد الأسرار والخفى والجواهر المرضية والكاملة في نهاية الأخفى، وهو في تفسير سورة البقرة في جزأين طبع بالدار البيضاء سنة 1354/1935.
تبيين الأشراف أهل دائرة الوسائل وقبلة توجه كل سائل، طبع بالمطبعة نفسها سنة 1358/1939 في 122 صفحة.
تحفة الأطفال في مُعرب الأسماء والأفعال، سنة 1354/1935 في 36 صفحة.
رسالة إلى الولدان من فارس أهل الميدان طبعت سنة 1357/1938.
الإشفاق على مؤلف صاحب الاعتصام مما جناه إفكه على أهل الإسلام، المطبوع عام 1357/1938 في 60 صفحة.
إعلام الجهال بحقيقة الحقائق بأسنة نصوص كلام سيد الخلائق، ممزوجا بالمولد النبوي، طبع سنة 1357/1938 في 37 صفحة.
الحاشية بالشرب الصافي من الكرم الكافي، طبعت سنة 1354/1935 في جزأين.
إراءة عرائس شموس فلك الحقائق العرفانية، طبع سنة 1353/1934.
تحقيق الحقائق عن كشف مقالات أهل الطائف، طبع سنة 1356/1937 في 160 صفحة.
ترياق لمن فسد قلبه ومزاجه، طبع سنة 1358/1939.
الزلال الأصْفَى واللباب المحض الأوفى، طبع سنة 1353/1934 في 220 صفحة.
سوق الأسرار إلى حضرة الشاهد الستار، طبع في السنة المذكورة أيضا في 135 صفحة.
رفع الخلاف والغمة فيما يظهر في اختلاف الأمة، طبع سنة 1354/1934 في 108 صفحة.
إيضاح الأدلة بأنوار الأئمة، طبع سنة 1353/1934 في 115 صفحة.
وقد أسس من أجل إخراج هذه المؤلفات التي دأب على نشرها تباعًا المطبعة العربية بالدار البيضاء، وكانت زاويته بحي درب غلّف في المدة التي قضاها بهذه المدينة ما بين نشاط علمي وطباعي ونشاط تربوي صوفي ،لم تزل قائمة إلى الآن بدورها التربوي والعلمي بفضل جهود أبنائه وعلى رأسهم وارث سره ابنه سيدي محمد الكبير البعقيلي. وكانت وفاته عام 1368/1948.

مصادر البحث:
م. المختار السوسي، المعسول، 11: 155-186، 12: 193، سوس العالمة، 208، 218،
ع. ابن سودة، دليل مؤرخ، 74،
م. ر. كحالة، معجم المؤلفين، 3: 211،
إ. بلماحي الإدريسي، معجم المطبوعات، 174-175.

معلمة المغرب، ج 4، ص 1286
بتصرف
ترجم لحياته بقلم ابنته
من هو العارف بالله الشيخ البعقيلي- رضي الله عنه ؟
ــ إنه الحاج الأحسن بن محمد بن أبي جماعة (أو أبي جمعة) ).
ــ لقب أيضا بابن علي ( نسبة إلى أبي علي بن عيسى ).
ــ عرف بالبعقيلي( نسبة إلى قبيلة بعقيلة) والجزولي (نسبة إلى منطقة جزولة ) الحسني ( نسبة إلى الحسن السبط بن سيدتنا فاطمة الزهراء بنت سيدنا رسول الله )
ـــ وهو مالكي المذهب، أشعري العقيدة ،تجاني المشرب بيضاوي المقر (نسبة إلى مدينة الدار البيضاء حيث استقر بها بعد ترحاله في أرجاء المعمور، وحيث زاويته الرئيسية بدرب غلف.
ــ يرجع نسبه السوسي إلى قبيلة إيداوْلتيت إحدى قبائل الأطلس.
ـــ عُرف رضي الله عنه بمساجده وزواياه العديدة في أنحاء المعمور، وبأتباعه الكُثر في العالم العربي والغربي و الإفريقي والأسيوي.
ـــ كانت له مطبعة خاصة.’برحبة الزرع’ أسفرت عن مؤلفات عديدة في التربية الدينية المحضة، و التهذيب الروحي بالطريقة التجانية. ومؤلفات ثمينة في فروع الدين من توحيد وفقه وتفسير للقرآن والأحاديث القدسية و الشريفة، و حتى في ما أطلق عليها بالأحاديث الضعيفة لتحقيقها و غربلتها ، وإخراج بعضها من الإقصاء.
ــ ازداد رضي الله عنه بسوس (عام 1301هـ) بقبيلة إكضْ.
ــ وتوفي ليلة العاشر من شوال، عام 1368 هـ ونقل جثمانه بعد ذلك من مقبرة بن امسيك بالبيضاء إلى مقبرة الغفران بعد قُرابة نصف قرن تحت طلب ابنه البار وخليفته آنذاك وارث سره سيدي محمد الحبيب الذي خدم الدين والمشرب بكل ما أوتي من جهد ومثابرة، ثم تولى بعده مشعلَ الدعوة الأخ الفاضل سيدي محمد الكبير البعقيلي التجاني الذي لازال ينافح عن المشرب التجاني بكل قواه : و رحمة الله على الجميع من الدالين على الله عز وجل.?
بقلم: الأستاذة زينب أبو عقيل نجلته

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى