أعلام الطريقة

الحـاج عبـد الله الغشـانــي 1310هـ / 1397هـ

إن سيدي عبد الله الغشاني ليعد بحق لؤلؤة عقد القرن الماضي جهاداً ومجاهدة وتفانياً في إحياء ما اندرس من معالم العلوم والشريعة والزهد والتقوى والورع.

 

1) النسب والنشأة والتعليم:
1- النسب:
هو سيدي عبد الله بن محمد بن علي بن مَحمد بن مَحمد بن علي بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن أيوب بن عبد الرحمان بن عبد الله بن مالك بن حبيب بن محمد بن إسحاق بن عمر بن عبد المؤمن بن موسى الهوتي الغشاني، وسيدي الحبيب عليه مشهد يزار في قريته إيغشان.

وكان والده رحمه الله الذي توفي سنة 1342هـ/1923م، محبا لتلاوة القرآن يقطع ما بين الظهر والإصفرار في تلاوة القرآن في المصحف، ويقوم الثلث الأخير من الليل ويبقى في مكانه بعد صلاة الصبح إلى الضحى، وكان يصوم رجب وشوال حتى قبض. وكان باعه في الفقه أطول منه في غيره من الفنون.
في حجر هذا الوالد التقي العالم تربى هذا الشبل الإيغشاني.

2- النشأة:
ولد رحمه الله بقرية إيغشان ونشأ عفيفا عفة أسرته التقية فإذا كانت أمه صوامة قوامة مثل زوجها فكيف لا ينشأ الصبي على العفة والتقوى. فلما بلغ سن التعلم حفظ على يد والده أربعة أحزاب سبح وما بعدها.

3- التعلم:
أ- حفظ القرآن: تعلم الحروف الهجائية على يد والده، وحفظ أربعة أحزاب عنه (تبارك الملك، وقل أوحي، وعم، وسبح).وتعلم القراءة والخط وحفظ القرآن بقراءة نافع على يد سيدي علي بن مَحمد.
ب- أخذه العلوم: لقد أتقن حفظ القرآن بقراءة نافع وهو ابن أربع عشرة سنة وفي سنة (1324هـ/1906م) بدأ في تعلم العلوم.

2) شيوخه في العلم والتربية:
1- شيوخه في العلم
أ- بالمدارس العتيقة: أخذ العلوم على يد أجلة من العلماء والفقهاء الذين كان لهم الباع الطويل في التلقين والتدريس بمدارس سوس العتيقة. منهم سيدي يوسف بن علي وسيدي عبد الله بمدرسة (غشانة) ومنهم سيدي عبد الله بن مَحمد الإليغي بمدرسة (أداي). ومنهم سيدي عبد الله بن أحمد السملالي في (ميرغت). ومنهم سيدي مزَّال بن هارون في (أيت إيلوكان). ومنهم العلامة أبو العباس الإقاريضي بمدرسة (تاكوشت) ومنهم الشيخ الصوابي بمدرسة (تاهلا).
ب- بجامعة بن يوسف: دخل سيدي عبد الله الغشاني مراكش أيام الحرب العالمية الأولى، حيث كان الغلاء متفاحشا وكان هدف دخوله إلى المدينة هو العمل والمتاجرة لكن سائق السعادة أسعفه إلى الانخراط في صف طلبة بن يوسف عندما تذكر قول والده: “يا هذا إنما أرسلتك للقراءة، فلا تحدث نفسك بغيرها ما حييت”. وهكذا بدأ يأخذ العلوم على يد ثلة من خيرة العلماء منهم أبو شعيب الشاوي، وسيدي أحمد بن محجوب، وسيدي الحاج العربي الرحماني، وابن الحسن الصغير الدباغ، والحاج أحمد الزعراوي ومولاي أحمد العلمي، والفقيه بن الحسن الكبير، والمؤقت بضريح سيدي ابي العباس العلامة بن شقرون.

2- شيوخه في التربية:
أ- الحاج امحمد النظيفي: أخذ سيدي عبد الله الغشاني إذن الطريقة الأحمدية التجانية على يد سيدي الحاج مَحمد النظيفي. وبقي ملازما لزاويته بحي باب فتوح، فتمكن بهمة الشيخ وتوجيه مريبه من تعميق معارفه العلمية وتوظيفها لنفع نفسه ونفع العباد.
ب- الحاج الأحسن البعقيلي: استكمل تربيته الروحية على يد المربي الجليل والعالم الوقور سيدي الحاج الأحسن البعقلي. فاجتمع فيه ما تفرق في غيره من تربية روحية متزنة، وعلم زاخر فياض. أهله لتحمل رسالة التبليغ والتعليم والتلقين.

3) أعماله وتلامذته:
1- أعماله:
أ- المشارطة: وهب نفسه لتعليم القرآن والعلم عملا بتوصية والده. قال سيدي عبد الله الغشاني: “ولما كنت في تامصلوحت بالشرط والسكنى أرسل إلي مصحفه الذي يقرأ فيه … وسفرا آخر مع رسالة يقول فيها هذه هديتي إليك. وقد رضيت عنك رضي الله عنك حيث اشتغلت بتعليم ما علمك الله. فأوصيك أن لا تترك التعليم ما استطعت، جعلك الله عينا يستقي بك الخاص والعام ” فشارط في عدة مناطق بهدف تحقيق وصية والده. منها مدشر أغريس بمسفيوة. ثم بتامصلوحت. ثم شارط في تاوييت السفلى. ثم في أسيف مقورن، ثم في إغشان التى مكت فيها خمس سنوات يعلم الصبيان.
ب- عمله في المدارس العتيقة:
* مدرسة بومروان: دخلها مدرسا على يد العلامة الفقيه كودرار من سنة 1350 إلى 1365. ثم استقل بالمدرسة سنة 1365 إلى خروجه منها سنة 1377 هجرية
* مدرسة إيغشان: عمل بها منذ 1378 مجاهدا بعلمه ومعارفه مجددا أمرها ومحييا مواتها. قال رحمه الله: “فلما دخلت المدرسة المروانية وجدتها لا يقام فيها الصف ولا يتلى فيها الحزب إلا في المغرب. فكنت فيها أربعا وعشرين سنة والحمد لله على ستره الجميل وفضله الشامل”.
ولقد أثمر جهاده أيانيع من الثمار ما نزال إلى الآن نتلذذ بمذاقها.

2- تلامذته:
لا يمكن حصر تلامذته كثرة، ولكن نذكر منهم على سبيل الـمثال لا الحصر. منهم سيدي عبد الله الكرسيفي، وسيدي الأمزيلي، وسيدي محمد بن محمد الرسموكي، وسيدي أحمد بن علي بن همو اللإكدماني، سيدي مَحمد السملالي، وسيدي امبارك بن احمد الوفقاوي، وسيدي محمد بن صالح الزعنوني، وسيدي محمد أبيضار، وسيدي يحيي الرسموكي، وسيدي بن القاسم التارسواطي، وسيدي احمد الأهمديني، وسيدي ابراهيم بن الحسن الإخصاصي، وسيدي محمد بن على البعقيلي، وسيدي ابراهيم السملالي، وسيدي يحيي الزعنوني، وسيدي ابراهيم بن الطاهر، وسيدي منون الحاج محمد البرجي الرسموكي، وسيدي الحاج ابراهيم المازيلي التملي، وسيدي أحمد بن الفقيه الجليل وسيدي محمد حفيد الفقيه وسيدي الحاج سعيد وغيرهم كثير.
وفاته رحمه الله: انتقل العالم الجليل والمجاهد الأكبر من غشانة إلى عين الجمل في نهاية مسيرته الجهادية التي أخذت منه كل قواه، ومكث في هذا المكان الذي تجتمع فيه الوفود من كل حذب وصوب، محيية ذكرى يوم مواراة الثرى جثمان هذا الحبيب الغالي على النفوس، وذلك في يوم 19 ربيع الثاني 1397 الموافق 27 مارس 1977 .
حجت وفود للتذكـر ذاكـر

ة عالما للعلـم ظـل الناشـرا

هذه نبذة يسيرة بل نقطة من البحر اللجي الزاخر بالمعارف والكنوز والفيوضات أردنا نحن تلاميذ سيدي محمد الكبير التجاني، أن نجدد بها في قلوبنا ذكرى هذا الصرح الشامخ في العلم والرفعة، ولنتمثل أعماله، ويكون لنا نموذجا يحتدى به في الجهاد والمثابرة.
إن تخليد ذكرى الأبطال ليعد أعظم هدية يقدمها السابق للاَّحق. وأفخر إكليل عز يبقى براقا فوق رأس كل ذائق، يراه من بالعز لائق.

فأعظم بشموخ الصــرح عالمــا

جــدد الديــن وأحيــــا المــــــوات
عبد الله من إلـى غشـانـة انتمــى

ذكراه في القلوب لا تخش الفـوات

الجدول الزمني لحياة شيخ الجماعة سيدي عبد الله الغشاني:

1302هـ/1884م: وفاة جده سيدي علي بن محمد.

1310هـ/1892م: ولادة سيدي الحاج عبد الله الغشاني.

1316هـ/1898م: بداية تعلمه للقرآن.

1324هـ/1906م: بداية تعلمه للعلوم.

1338هـ/1919م: بداية مشارطته.

1342هـ/1923م: وفاة والده.

1350هـ/1931م: بداية العمل بمدرسة بومروان تحت يد العالم الجليل كودرار.

1365هـ/1945م: استقلاله بمدرسة بومروان.

1377هـ/1957م: انتهاء عمله بمدرسة بومروان.

1378هـ/1958م: انتقاله للعمل بمدرسة إيغشان.

1397هـ/1977م: وفاته رحمه الله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى