مناسبات

الخلافة العظمى من خصوصيات أبناء الشيخ التجاني رضي الله عنهم. إرشاد– توجيه – أمانة.

عروض وأبحات
قدمت بمناسبة تدشين الزاوية التجانية الكبرى لسيدي محمد الكبير التجاني
بحي بريمة
27 ماي 2006 / 29 ربيع الثاني 1427
الخلافة العظمى
من خصوصيات أبناء الشيخ التجاني رضي الله عنهم.
إرشاد– توجيه – أمانة.

الحمد لله المنعم علينا بآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم الطاهرين المطهرين من الرجس.

” إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا “1

والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، الذي ترك لنا خلفا من ذريته لا ينقطع نسلها وصهرها2 إلى يوم القيامة، ومن تمسك بها لن يضل أبدا

” كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي “3

ورضي الله تعالى عن سيدنا وقدوتنا وإمامنا وأستاذنا ومربينا وقائدنا إلى حضرة ربنا، سيدي أحمد بن محَمد الحسني التجاني رضي الله عنه، الذي ضمن له رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولنسله الغنى إلى يوم القيامة4.

وإنهم داخلون في العفو العام الذي شمل أهل بدر ” اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم “. لأنهم خيار في خيار من خيار. لذلك ضمن لهم جدهم الأكبر صلى الله عليه وعلى آله وسلم، المعرفة5 بربهم عز وجل. إذ بيده رباهم ونما جذور المعرفة فيهم، فسبحان الله رب العالمين. يخص من شاء بما شاء كيف شاء6.

أما بعد:

” لقد خص الله تعالى ذرية سيدنا الشيخ من علو المرتبة وعظيم المنزلة بما ليس فوقه إلا مقام النبيئين والمرسلين والصحابة الكرام، لإحاطة كنه مرتبة أبيهم الأكبر رضي الله عنه وعنهم بجميع المراتب الإلهية كلها، والمقامات المحمدية الإحاطية بأسرها، فحباهم الله تعالى إذ ذاك من السر النبوي، والقرب المحمدي، وما ضمنه لهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من ملازمة الإيمان الكامل لهم، وبلوغهم المرتبة القصوى في المعرفة به سبحانه وتعالى، ومن أن الله تعالى بمحض فضله وعظيم كرمه ينزل كل واحد من ذكورهم، عند إدراكه الحلم منزلة ومقامات أربعين غوثا عنه منه سبحانه وتعالى…بلا شرط ولا سبب… فإنه سبحانه وتعالى تفضل عليهم بتلك المرتبة السنية، والمنازل العلية، ومن بحار طريق محبوبيته الصرفة المطلقة، التي لا ذنب على صاحبها … قال الإمام العارف بالله تعالى أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه في بعض دعائه [ اللهم اجعل سيئاتنا سيئات من أحببت…] “7

“وأما ما يعطيهم الله تعالى مع اتباعهم للشريعة المطهرة، فذلك أمر لا تدركه العقول ولا يحده المنقول، والحاصل أن أمر أولاد الشيخ رضي الله عنه وعنهم كخاصية صلاة الفاتح لما أغلق، فهو أمر إلهي لا مدخل للعقول فيه، فوجودهم وقربهم ووصلهم وخدمتهم فضل من الله ونعمة.

وليكن في علم أصحاب الشيخ سيدي أحمد بن محمد التجاني رضي الله عنه، أن لأبناء الشيخ السيادة المطلقة على سائر من انتسب لطريقة جدهم … كيف لا وأنهم نشأوا في دائرة فضلية، وبيئة دينية خيرية، وتربوا وتجبلوا على اتباع كتاب الله وسنة رسوله، وسلكوا طرقة جدهم، وجدوا فيها وصاروا نجوما يهتدى بهم في [ الحضر والوبر ]، وبدلوا النصيحة العامة للمسلمين … من استخف بقدر الأشراف وأسقط حرمتهم فقد حارب الله ورسوله، وسعى في الأرض فسادا”.8

قال العلامة سكيرج ” لقد بلغنا من الوجه الذي لا شك عندنا في صحته وتلقيناه… بحمد الله بحسن ظن وجميل اعتقاد، أن سيد الوجود صلى الله عليه وعلى آله وسلم ضمن لسيدنا رضي الله عنه الفتح لأولاده وأولادهم وخدامهم ولكل واحد من أصحابه، حظا وافرا من وراثته في محبتهم”9

وقال الحاج سعيد المصري في رسالة بعث بها إلى سيدي محمد الطاهر يوسف السوداني: “ومن المقطوع به أن ذرية الشيخ رضي الله عنه، هم أفضل الأصحاب على الإطلاق، يستوي في ذلك قديمهم وحديثهم، فاعرف هذا ومن معك لتنالوا الخير العميم والفضل الجسيم”.

فإذا فهمت هذا عرفت مرتبة هذه الصفوة العظيمة القدر والمقدار، وما خصها الله به من كريم التقدير وعظيم التبجيل، فلا يأخذك شك، ولا يحيط بك وهم في أنهم الوارثون الحقيقيون لجدهم المصطفى عليه أزكى صلاة وتسليم. فالذي يراهم بعين الرضى تنفتح بصيرته فيرى منهم كل تفان وتعظيم لجدهم المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولا يكون ذلك إلا بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، والوقوف عند حدوده، والاهتداء بهديه، فلا تجالس أحدا منهم إلا ويُفيض على قلبك من أنوار المعرفة، وبركات الترقي، ما لا تجده عند علماء السطور، الذين ربطوا بصيرتهم بالبصر فزاغوا وأزاغوا.

لهذا السبب وغيره، وحفاظا على وحدة الصف وتراصه وإتماما لكما الانضباط، كانوا رضوان الله عليهم الأولى بتربية الخلق، وتوجيه النصح لهم، والسلوك بهم المسلك القويم، إذ كيف تضيء النجوم السواطع مع نور الشمس اللامع. ونسوق مثالا لتوضيح المقال. قال الحاج علي سعيد ” أنه مرة من المرات كان جالسا في مكة مع أحد أصحاب الشيخ الأكابر في حصوة الكعبة ( أي حولها ) ومستقبلين الكعبة، وأنه وسوس في ضميره وقال:” الحمد لله أن في هذه الحجة معنا خليفة سيدي الشيخ أحمد بن محمد التجاني رضي الله عنه، وهو سيدي محمد الكبير بن سيدي البشير… زاد قائلا” وعلى ما أعتقد أنه الغوث فعليه أن هذه الحجة مقبولة ومغفور لأهلها… وعندما انتهى من وسوسته قال له السيد الذي جالس معه ماذا تقول يا الحاج علي سعيد: ليس كما تعتقد ولكن أن خادم تراب نعله جالس معك هذا هو الغوث، وما نال الغوثية إلا ببركته وإخوانه وجده والحمد لله”10

لقد اتضح بالمثال الحسي الملموس، أن مكانتهم أعلى من سائر المقامات عدى الأنبياء والمرسلين وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

ومن هنا كانت الخلافة فيهم لا تنفك عنهم، كما قرر ذلك أكابر أصحاب الشيخ المتقدمين، حفاظا على بيت الطريقة التجانية ووحدة صفها وتكثلها وتماسكها. ومن درس طرق المشايخ وما آل إليه أمرها ذاق المعنى واستحلى واستعذب المبنى.

” فيما تقدم أنه قد انكشفت الحقيقة، فإن العقيدة المنجية الصحيحة التي من اتبعها فقد أصاب في عقيدته هي الاتجاه الوحيد نحو سيدي الشيخ أحمد التجاني رضي الله عنه وذريته الأكابر الأخيار، وهي وحدة العقيدة والوسيلة والسلوك والغاية من غير تفرقة، وهي عقيدة أصحاب الشيخ رضي الله عنه … والمأخوذة من دلائل المحبة والتسليم وأثبتوها بالبراهن ولا دخل للآراء والأفكار فيها كما أشار إلى ذلك فضيلة مولانا عبد المالك العلمي رضي الله عنه، وبين ذلك فضيلة مولانا سيدي السيد محمد الحافظ بن عبد اللطيف سالم رضي الله عنه في رسالته السادسة، وسبب ذلك أنه رآى من أحد المقدمين اعتقد فيه تلاميذه عقيدة عمياء وكادت أن تساويه مع سيدي أحمد التجاني رضي الله عنه في بعض قصائدهم، فنشر ما قاله سيدي عبد المالك وطالب الإخوان أن يتجهوا جميعا اتجاها واحدا نحو الشيخ الأكبر سيدي احمد التجاني رضي الله عنه وذريته من غير تفرقة وتشتيت فكر…”11. ومن هنا بان واتضح أن المقدمين خدامٌ في الطريقة لا سادةٌ فيها، وكل فرد منهم يخدم الطريقة خدمة إلزامية، ويعترف بسيادة ذرية الشيخ رضي الله عنه، وأنه خديمهم…”12

وأن كل من تطاول من المقدمين على ذرية الشيخ رضي الله عنه، وجميع الأشراف، بعلمه أو صلاحه فليعلم أنه قد أساء الأدب في ميدان أهل المحبة، وافتتن في سيره وسلوكه، وصار من المغرورين، وسقط من عين سيدي أحمد رضي الله عنه وجده المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأيضا أنه آذى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وعترته وخسر الدنيا والآخرة”13

فإن الناس لا يعرفون طريق أهل الله، ولا همم مريدي السلوك، ولا تربية كمال المشايخ غيبة وحضورا، ولا علم لهم بمشارب الولاية، ولا توجهاتها سفلا وعلواً، وإنما حال الناس محصور في لم؟ وعلى م؟ ولماذا؟ وكيف ذا؟ “14

أنعم الله علينا بمحبة آل بيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عامة، وذرية الشيخ سيدي أحمد رضي الله عنه خاصة وسيدنا ومولانا محمد الكبير بن سيدنا ومولانا أحمد بن سيدنا ومولانا محمد الكبير بن سيدنا ومولانا البشير بن سيدنا ومولانا محمد الحبيب بن تاج العارفين وقطب الواصلين وغوث الأنام أجمعين وحجة رب العالمين على خلقه سيدنا ومولانا أحمد بن محمد الحسني التجاني رضي الله عنه بالخصوص.

متعنا الله به في غبطة وسرور، ورزقنا حسن الأدب معه في الغيبة والحضور، وجعلنا تحت لوائه في حبور. إذ هو النجم الساطع والنور الباهر، والعز الوافر، والمدبر للشؤون ماهر، ذكاء راجح، وبعد نظر واضح، وتخطيط راسخ، وفي اتباع هدي جده مفلح فالح.

فأي فضل بعد هذا لمقدم أو مرشد أو عالم أو مدعي صلاح. فأعظم بذرية الشيخ التجاني رضي الله عنهم أجمعين، وزد في إكرامهم وإنعامهم وتعظيم قدرهم، وشد أزرهم ببعضهم.واجعل الخلافة فيهم وفي نسلهم إلى قيام الساعة، لأنها أساس وحدة الطريق واستمرارية مددها وأساس مجدها وفخرها وعلاها.           

آمـين

سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين

الهوامش:

1-  الأحزاب 33

2- مصابيح البشرية. ص: 17

3- صحيح الترمدي

4- الجامع / عن الخريدة.ج: 1 ص: 84

5- المنية: ابن بابا / البغية: 201

6- رسالة مولاي العربي المحب إلى المقدم السيد حسن مزور الصفحة 2 من مجموع 4 صفحات. ( مخطوطة مصورة ).

7- رسالة سابقة لمولاي العربي ص:2

8- سفينة النجاة. ص: 32

9- جناية المنتسب.ص: 37

10- سفينة النجاة.ص:33

11- سفينة النجاة.ص: 35

12- سفينة النجاة.ص:36

13- سفينة النجاة.ص:38

14- رسالة سابقة لمولاي العربي ص:3

 

وَتَرَكَ الشَّيْــخُ مِنَ الْأَوْلَادِ 

                     مِنْ بَعْدِهِ لِرَحْــمَةِ الْعِبَادِ

نَجْلَيْنِ مَنْـــهَلَيْنِ لِلْوُرَّادِ  

                     كِلَاهُمـَا كَالْكَوْكَبِ  الْوَقَّادِ

كِلَاهُمَا بَســَقَ كُلَّ  باَسِقٍ  

                     وَفَاقَ بِالتَّـحْقِيقِ كُلَّ فَائِقٍ

تَرَاهُمَا كَفَرَسَــيْ  رِهَانٍ  

                     لِلسَّبْقِ فِي الْمِدْمَارِ يَجْرِيَانِ

كِلَاهُمَا ضَمِنَ طَهَ الْمَعْرِفَهَ 

                     بِرَبِّهِ لَهُ فَيَـــالَهَا صِفَةِ

وَلَهُمَا ضَمِنَ خَـيْراً جَمَّا 

                     مَا خَابَ مَنْ أَتَـهُمَا وَأَمَّا

وَكُلُّ مَنْ أَدْرَكَ  مِنْ ذُرِّيَّتِهْ 

                     يُعْطَى مَقَاماً سَامِيّاً كَبُغْيَتِهْ

عَلَى يَدِ الرَّسُولِ سَيِّدِ الْعَرَبْ 

                  جَذْباً بِلَا شَرْطٍ يُرَى وَلَا سَبَبْ

مَا لِي مَفاتِحِ الْكُنُوزِ خَرْذَلَهْ 

                  فِي كُورَةِ الْعَلــَمِ بِالنِّسْبَةِ لَهْ

وَمِنْ ضَمَانِ أَحْمَدَ الْمُخْتَارِ 

                     لَهُمْ غِنـــَاهُمُ بِهَذِ الدَّارِ

خَادِمُهُمْ تُسَبِّحُ  الْبَــحَارُ

                     لَهُ وَمَا فِيهَا كَـذَا الْأَشْجَارُ

وَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ حَيْثُ انْتَقَى

                     لِأَجْلِ خِدْمَةِ بَنِي ذَا الْمُنْتَقَى

فِي أَلْفِ أَلْفِ امْرَأَةٍ وَرَجُلٍ 

                    يَشْفَعُ مِنْ بَني أَبِيهِ ذَا الْوَلِي

ابن بابا الشنقيطي

 

 

         العبد الضعيف المفتقر إلى عون ربه: عبد الله النظيفيين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى