الخطب

الرفق بالحيوانات و حكم تربية الكلاب في الإسلام

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 *( خطبة الجمعة في موضوع  )*:

[ الرفق بالحيوانات و حكم تربية الكلاب في الإسلام ]

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*الحمد لله رب العالمين* و الصلاة و السلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين “* و نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،

* ونشهد أن سيدنا و نبينا و مولانا محمدا عبد الله و رسوله فصلى الله عليه و سلم من نبي أمين، ناصح حليم، وعلى آله وصحابته و التابعين، وعلى من حافظ على دينه و شريعته و استمسك بهديه و سنته إلى يوم الدين.

* أما بعد، من يطع الله و رسوله فقد رشد و اهتدى، و سلك  منهاجا قويما    و سبيلا رشدا ومن يعص الله و رسوله فقد غوى  و اعتدى، و حاد عن الطريق المشروع و لا يضر إلا نفسه و لا يضر أحدا، نسأل الله تعالى أن يجعلنا و إياكم ممن يطيعه  و يطيع رسوله، حتى ينال من خير الدارين أمله و سؤله، فإنما نحن بالله و له .

عبادالله:إن الإسلام يطالبنا معاشر المسلمين بمعاملة الحيوان بالشفقة والعطف وينهانا عن الاستهانة و الاعتداء عليه و معاملته بالعنف. فقد وضح القرآن أن الخلق جميعا من صنع الله حتى ما لم يدركه الإنسان من مخلوقات أخرى على وجه الأرض( و يخلق ما لا تعلمون). وأن الحيوانات لها مجتمعات مثل الإنسان تعيش وتتكاثر و بينها لغة اتصال،ولديها مشاعر يجب أن تحترم وتصان، ولديها الحق في الحياة والحماية من الأذى والمعاناة. فالله تعالى يقول في سورة الأنعام الاية 38:(وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ ، مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ، ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ).كما ذكر كتاب الله أن جميع الحيوانات تعيش في مجتمعات تحت طاعة الله وطاعة قوانينه الله في الأرض.قال تعالى في سورة النور الآية 41:(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ. )

و هذا نبينا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حض المسلمين على إظهار العطف والحنان بصفة عامة بما في ذلك تجاه الحيوان والطير. عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( يا عائشة، إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه).رواه مسلم.وعن احترام الحيوان ومعاملته معاملة كريمة روى أبو داود عن سهل بن الحنظلية قال : (مر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعير قد لحق ظهره ببطنه، فقال:” اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة، فاركبوها صالحة وكلوها صالحة..وهناك عدد من الأحاديث نهى فيها الرسول صلى الله عليه وسلم عن قتل الحيوان بدون سبب أو التمثيل به منهـا:(عَنْ الشَّرِيدِ، قال: سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول🙁مَنْ قَتَلَ عُصْفُورًا عَبَثًا عَجَّ إِلَى اللَّهِ عَزَّوَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ:يَارَبِّ إِنَّ فُلانًا قَتَلَنِي عَبَثًا،وَلَمْ يَقْتُلْنِي لِمَنْفَعَةٍ). أخرجه أحمد والنسائي و عن ابن عمر وعبد الله بن جعفر.(لا تمثلوا بالبهائم، لعن الله من مثل بالحيوان) ( الشيخان والنسائي).

عباد الله لقد حثّ ديننا الحنيف على الرفق بالحيوان، وعدم الغلو في استخدامه واستغلاله، كما رتّب على حسن التصرُّف مع الحيوانات الأجرَ العظيم، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم( أن رجلا رأى كلبا يأكل الثرى من العطش فأخذ الرجل خُفَّه فجعل يغرف له به حتى أرواه فشكر الله له فأدخله الجنة). وفي رواية: قالوا: يا رسول الله: وإن لنا في البهائم أجرا، قال: في كل كبد رطبة أجر.) وفي المقابل رتّب الشرع على إيذائها وسوء معاملتها الإثم العظيم، روى البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (دخلَتِ امرأةٌ النارَ في هِرَّةٍ ربَطَتْها، فلم تُطعِمْها، ولم تَدَعْها تأكلُ من خَشاشِ الأرضِ).

عباد الله لقد انتَشَر في الوقت الحاضر عند شريحةٍ من المجتمع ما يُعرف باقتناء الحَيوانات ومن ضمنِها الكلاب داخل البيوت والأفنية، فهل تساءلوا ما حُكم الشّرع في ذلك؟ وما رأي الطّب في تربية الحيوانات داخل المنازل؟ وما حكم الشرع في طهارة الكلب؟

أما حكم تربية الكلاب: فقد اتفق الفقهاء على أنّه لا يجوز اقتناء وتربية الكلاب إلا إذا كانت هنالك حاجة لذلك، وقد حدّد الفقهاء الحالات التي تجوز فيها تربية الكلاب، وهي:1 كلب الماشية الذي يقوم على حراستها من السباع والضباع والذئاب. و2 كلب الزرع. 3 وكلب الصيد الذي ينتفع به الصائد في صيده. روى أبو هريرة رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( مَنِ اتَّخَذ كلبًا، إلا كلبَ ماشيةٍ أو صيدٍ أو زرعٍ، انتَقَص من أجرِه كلَّ يومٍ قِيراطٌ)، قال الزُّهرِيُّ: فذُكِر لابنِ عُمَرَ قولُ أبي هُرَيرَةَ، فقال: يَرحَمُ اللهُ أبا هُرَيرَةَ، كان صاحبَ زرعٍ)، وأمّا بالنسبة لتربية الكلاب لحفظ البيوت فذهب ابن قدامة الحنبلي إلى أنّه لا يجوز مع احتمال الإباحة، وذهب فقهاء الشافعية إلى أنّه إذا زالت الحاجة التي لأجلها تمت تربية الكلب واقتناؤه فإنّه يجب الاستغناء عنه. و أما نجاسة الكلاب فاختلف الفُقهاء في حُكم نجاسة الكلب على ثلاثة أقوال : ذهب فقهاء الحنفية إلى أنّ الكلب ليس نجس العين، ولكنّ سؤره ورطوبته هي النجسة. وذهب فقهاء الشافعية والحنابلة إلى أنّ الكلب نجس العين وذهب فقهاء المالكية إلى أنّ الكلب طاهر العين مستدلين إلى أنّ الأصل في الأشياء الطهارة، وعلى هذا يكون سؤره ورطوبته طاهرة، أمّا الحيوان الذي لم يُذبح بطريقةٍ شرعيّة فهو الذي يكون ما يخرُجُ منه نجساً.. ومن الأحكام المتعلقة بالكلاب: ذكر الفقهاء أحكاماً كثيرة، منها: بيع الكلاب واختلف الفقهاء في حكم بيع الكلاب على عدّة أقوال: فذهب فقهاء الشافعية والحنابلة إلى عدم جواز بيع الكلاب مطلقاً؛ مستدلين بما رواه عقبة بن عمرو بن ثعلبة أبو مسعود أنّ النبي صلى الله عليه وسلم (نَهَى عَن ثمنِ الكَلبِ، ومَهْرِ البغيِّ، وحُلوانِ الكاهنِ) و ذهب فقهاء الحنفية وسحنون من المالكية إلى جواز بيع الكلاب مُطلقاً مستدلّين على ذلك بأنّ الكلب يُعتبر مالاً ينتفع به في الحقيقة. وذهب فقهاء المالكية إلى التفريق بين الكلب المأذون فيه عن غيره من الكلاب؛ فمنعوا بيع الكلب غير المأذون فيه، أمّا الكلب المأذون فيه فعندهم في أمره ثلاثة أقوال: بالمنع والكراهة والجواز، والمشهور عندهم هو المنع.

حكم تطهير الإناء من ولوغ الكلب فيه: للفقهاء في هذه المسألة عدة أقوال: ذهب فقهاء الشافعية والحنابلة إلى أنّه يجب غسل الإناء الذي ولغ فيه الكلب سبع مرات إحداهنّ بالتراب، لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:(إذا ولغَ الكلبُ في إناءِ أحدِكُم فليَغسِلهُ سبعَ مرَّاتٍ، أولاهُنَّ أو إِحداهنَّ بالتُّرابِ).وذهب فقهاء المالكية إلى أنّه يُندب غسل الإناء إذا ولغ فيه الكلب سبع مرات، ولا ترتيب مع الغسل. وذهب فقهاء الحنفية إلى وجوب غسل الإناء ثلاث مرات، وعندهم قول بغسل الإناء ثلاث أو خمس أو سبع مرّات.

ونفعني الله و إياكم بالذكر الحكيم و كلام سيد الأولين والآخرين سبحان ربك رب العزة  عما يصفون،…

الخطبة الثانية

* الحمد لله على نواله و إفضاله، والصلاة  والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد النبي الأمي، الصادق الزكي، و على آله ، وعلى جميع من تعلق بأذياله ، و نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده و رسوله و بعد :

 أيها المومنون :  بقي أن نتحدث عن تربية الحيوانات من الناحية الصحية ذكر عدد من الأطبّاء أنّه يوجد أكثر من مئتي نوعٍ من الأمراض المشتركة التي يتم نقلها من الحيوان إلى الإنسان، ومن تلك الأمراض؛ مرض السل، والديدان الشريطية، والديدان الكبدية وغيرها الكثير، أمّا بالنسبة للكلاب بشكل خاص فقد ذكر الأطباء أنّها تسبب مرض داء الكَلِب(السعار) الذي يحدث عن طريق عض الكلب للإنسان، هذا ويَنصح الأطباء الشخص في حالة اقتنائه لأيٍّ من الحيوانات في منزله أن يراعي عدداً من الأمور، أهمها: الانتباه من العدوى التي تكون من الحيوانات الأليفة؛ حيث تشكّل خطراً كبيراً على كل من الأطفال والنساء الحوامل وكبار السن والأشخاص الذين يعانون من بعض أمراض الحساسية والربو، فإذا كان يوجد في الأسرة شخص يعاني مما ذُكر فلا يُنصح باقتناء الحيوانات في المنزل. ويفضل أن يكون الحيوان المُراد تربيته تم الحصول عليه من مصدر موثوق به وليس من أماكن عامّة كالشارع أو الحدائق والغابات، وغيرها. ويجب إعطاء الحيوان المُراد تربيته اللقاحات اللازمة، وذلك لوقايته من الأمراض كمرض السعار، وبالتالي وقاية الأشخاص في المَنزل وتجنب نقل الأمراض المعدية لهم. والمُحافظة على النظافة العامّة للأولاد؛ وذلك بغسل أيديهم جيداً بعد اللعب مع الحيوان وقبل الأكل لتجنّب إصابتهم بالأمراض. وعدم غسل الحيوان في حمّام العائلة، لأنّه قد يتسبّب بنقل الجراثيم والميكروبات للإنسان. الرّعاية الصحيّة الجيّدة للحيوان ومتابعتها عند الأطباء المتخصّصين بذلك،

هذا و ينبغي أن لا يتسبب من اقتنى كلبا أو أي حيوان آخر في إذاية الجيران   و إزعاجهم خصوصا من يسكن في شقة بعمارة فالله ورسوله نهى عن ذلك واستعينوا على ذلك كله بالإكثار من الصلاة و التسليم على ملاذ الورى في الموقف العظيم، اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق  و الخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق، و الهادي إلى صراطك المستقيم، و على آله حق قدره      و مقداره العظيم.صلاة تنجينا بها  الخ….(ربنا لاتزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب)( ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولاتجعل في قلوبنا غلا  للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم

(سبحان ربك رب العزة عما يصفون، و سلام على المرسلين، و الحمد لله رب العالمين).

الخطبة من إنشاء عبد ربه الفقير إلى فضل الله و رحمته :

” ذ. سعيد منقار بنيس”

الخطيب بمسجد ” الرضوان ” لافيليت /عين البرجة/ الدار البيضاء

أستاذ العلوم الشرعية

بمدرسة العلوم الشرعية التابعة لمؤسسة مسجد الحسن الثاني

مفتش منسق جهوي لمادة التربية الإسلامية للتعليم ثانوي متقاعد 

  البريدالالكتروني mankarbennissaid@gmail.com 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى