يظهر أن أول زاوية تجانية تأسست بعد الزاوية التجانية بحي المواسين هي تلك التي تأسست بحي بريمة، ويعود تاريخ بنائها إلى سنة 1276هـ/1860م، بحسب ما جاء في رواية شفوية من عبد الله النظيفيين مقدم الزاوية التجانية ببريمة.
يعود السبب في تأسيس زاوية حي بريمة إلى أن الفقراء التجانيين كانوا يذكرون جماعة أول الأمر بجامع بريمة المتاخم للقصر السلطاني، فأهدى أحد الفقراء التجانيين إحدى دوره المقابلة للجامع لتتخذ كزاوية تجانية، فقام الفقراء التجانيون بهدم ذلك المنزل وتعاونوا في بناء زاويتهم1.
وتنقصنا المعلومات حول هذه الزاوية كثيراً خصوصا في بدايتها الأولى، وكل ما نتوفر عليه وثيقتان، إحداهما رسالة من الحاج الحسين الإفراني إلى من في زاوية بريمة من الفقراء التجانيين. والأخرى إجازة محمد بن لحسن المزوضي المعروف بـ: النـشاط، ينتمي لقبيلة مزوضة، وبها ولد، ودرس بمدرسة بوعنفير بأولاد بن سبع، فأخذ النحو عن لحسن أرسموك وعلوم القرآن عن عبد الحي بكور، ومنذ أن أصبح مقدما بالزاوية التجانية ببريمة وهو يقوم بالإرشاد والوعظ والتدريس بها، ويؤم الصلوات الخمس باستثناء صلاة الجمعة التي تصلى في الجامع، كما قام بإدخال الطريقة التجانية إلى منطقة بوعنفير2.
وقد درس على يديه بزاوية بريمة العديد من الطلاب. توفي الفقيه محمد بن لحسن المزوضي في مارس 1970م/1390م، ودفن بمقبرة باب أغمات3.
وخلفه الفقيه عبد العالي الرضواني في الإشراف على الزاوية دون أن يكون مقدماً، وهو إمام لأحد المساجد بحي الملاح، ومدررٌ يحفِّظ الأطفال القرآن، وقد كان يفتح الزاوية يوم الجمعة بعد صلاة العصر ليسمح للفقراء التجانيين بذكر الوظيفة والهيللة، وبقي الأمر كذلك إلى أن أصبح يُصلى في الزاوية الظهر فقط دون باقي الصلوات.
فبدأت أطماع البعض في تحويل هذه الزاوية إلى مقر لهم، فأخذت أعدادهم تتكاثر في أوقات الصلاة (دون أن تكون الصلاة فيها بدعة، وبعد رجوع الزاوية إلى نشاطها حرموا الصلاة فيها وبدعوا من يصلي فيها)، وأخذوا يعقدون حلقاتهم داخلها، فقام حفيد سيدي أحمد التجاني، سيدي محمد الكبير، بالتصدي لهم وإعادة تعمير الزاوية بالفقراء، وجعلها مركز إشعاع لكل التجانيين بالمدينة والجنوب المغربي، بل وكل أنحاء العالم4.
مجهودات فقراء الزاوية التجانية بحي بريمة
بعد أن أغلقت الزاوية التجانية ببريمة لمدة 8 سنوات، افتتح بها الفقراء التجانيون أول وظيفة بتاريخ 15-6-1996م5، لكنهم اصطدموا بأطماع بعض السلفيين في الاستحواذ على الزاوية، وهنا يبرز دور سيدي محمد الكبير الذي زار هذه الزاوية لأول مرة بتاريخ 16-3-1997م/7 ذي القعدة 1417هـ، وأخذ على عاتقه مسؤولية إعادة الحيوية والنشاط لهذه الزاوية، حيث أطلق عليها رضي الله عنه اسم: “الزاوية التجانية الكبرى لسيدي محمد الكبير التجاني بحي بريمة مراكش” تبركا باسم سيدي محمد الكبير بن سيدنا أحمد التجاني رضي الله عنه، حيث قام بتنظيمها، وجعلها عامرة بذكر الله، فبتاريخ 21-10-1997م تم تعيين الحاج محمد بن الحسن إماما للصلوات الخمس، وبتاريخ 30-12-1997م تم تعيين الفقيه الحجاوي الحسن إماما لصلاة التراويح، وبتاريخ 29-09-2000م تم تعيين إبراهيم الغزواني إماما لصلاة الصبح، كما تم تعينه فيما بعد إماما لصلاة التراويح بتاريخ 1 رمضان 1420/27-11-2000.
وقام سيدي محمد الكبير بتجديد بناء الزاوية بعدما تصدعت جدرانها القديمة، فأصبح بناؤها متينا، وزاد فيها طابقا آخر، وجعل ذكر الوظيفة بها يوميا…
وقد قام سيدي محمد الكبير بتعيين عبد الله النظيفيين6، مقدماً لهذه الزاوية.
وشجع كثيرا على القيام بعدة أنشطة بالزاوية، لا تقتصر على الوظيفة والهيللة بل امتد إشعاعها إلى تعليم الصغار والشباب والكبار.
البرامج التثقيفية الخاصة بالكبار
يقوم القيمون على الزاوية التجانية بحي بريمة منذ سنة 1997م، بإلقاء دروس مختلفة بالزاوية؛ ففي الأيام العادية يستفيد عموم الناس من دروس ما بين صلاتي المغرب والعشاء، حيث يتم سرد بعض الكتب مع شرحها ككتاب: الفقه على المذاهب الأربعة، قسم العبادات، وكتاب: الخلاصة الفقهية على مذهب السادة المالكية، لمحمد العربي القروي. ومنهاج الواردين لمحمد بن الحسن الحسني وفي الأيام التي تسبق بعض المناسبات تلقى بالزاوية دروس تتعلق بتلك المناسبات؛ فمثلا قبل حلول عيد المولد النبوي تفتتح دروس في السيرة النبوية، حيث يتم سرد عدة كتب متخصصة.
وتفتتح الدروس الخاصة بهذه المناسبة منذ فاتح صفر وتستمر إلى السبت الثاني بعد مرور العيد النبوي، حيث يتم الاحتفال بهذه المناسبة بحفل يحضره كل فقراء الزاوية ومن رغب من عموم الناس. و يتم خلاله إنشاد الأمداح النبوية والقصائد التي تتعلق بالمناسبة، كما يتم إلقاء الكلمات والخطب التي تبرز مزايا الرسول صلى الله عليه وسلم.
وفي شهر رمضان الأبرك يضاف درس آخر؛ إذ يلقى الدرس الأول قبل صلاة المغرب، ويدور موضوعه حول الفرائض والسنن الخاصة برمضان، أما الدرس الثاني والذي يلقى قبل صلاة العشاء فتسرد فيه الأحاديث الخاصة برمضان مع شرحها بالاعتماد على بعض الكتب الخاصة بهذا المجال.
كما تلقى في الزاوية دروس بمناسبة الحج وعاشوراء والإسراء والمعراج…
ويستفيد الفقراء التجانيون من دروس في فقه الطريقة التجانية وتراجم أعلامها بالاعتماد على الكتب الخاصة بفقه الطريقة.
البرامج التعليمية الخاصة بالشباب والصغار
تتميز الزاوية التجانية الكبرى لسيدي محمد الكبير التجاني بحي بريمة، بوجود أتباع لها من مختلف الفئات العمرية، ابتداء من الصغار حتى الشيوخ، وتولي الزاوية التجانية هذه اهتماما بالغا لفئتي الشباب والصغار، فبالإضافة إلى تعلمهم بالمدارس الرسمية، فإن القيّمين على الزاوية يضعون سنويا لصالحهم برامج تعليمية وتربوية تهم الأمور الدينية أساسا، من تحفيظ للقرآن والفقه بما فيها تعلم بعض مبادئ الطريقة التجانية، وتتكون هذه البرامج عادة من العناصر الآتية:
– تحفيظ القرآن
– الرحلات
– تأسيس مجلة
– الاحتفال بعيد المولد النبوي
الباحث أنوار أصبان
اسم الزاوية: الزاوية التجانية الكبرى لسيدي محمد الكبير التجاني
العنوان الكامل: أمام مسجد بريمة – ساحة المسجد – حي بريمة بمراكش
المؤسس: الفقيه المزوضي
سنة البناء: 1276هـ/ 1860م
***************
المقدمون:
اسم المقدم الأول: محمد بن لحسن المزوضي المعروف بـ: النـشاط (متوفى)
اسم المكلف بأمور الزاوية: الفقيه عبد العالي الرضواني (متوفى)
اسم المقدم الحالي: عبد الله النظيفيين
***************
برنامج المحراب:
الوظيفة:
أوقات الأداء: بعد المغرب في الصيف وبعد العشاء في الشتاء
الهيللة:
وقت الأداء: متصلة بالغروب، وقبلها وظيفة يوم الجمعة بعد صلاة العصر.
المناسبات:
– الاحتفال بمولد رسول الله صلى الله عليه وسلم (السبت الأول بعد العيد.)
[1] – رواية شفوية من عبد الله النظيفيين.
[2] – راوية شفوية من نفس الراوي.. وهي مدرسة علمية تبعد عن مراكش بحوالي 100 في الطريق المؤدي من مراكش إلى إيمنتانوت.
[3] – راوية شفوية من نفس الراوي.
[4] – راوية شفوية من نفس الراوي.
[5] – مجلة الإشراقة، مجلة دورية لتلامذة سيدي محمد الكبير التجاني، العدد 4، فاتح شوال 1423هـ/6 دجنبر 2002م، مرقونة، ص 25.
[6] – كل المعلومات الخاصة بالسيد عبد الله النظيفيين، تلقيناها منه مباشرة.