بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح الخاتم وآله وسلم
من نظر نظرة جامعة إلى الطريقة التجانية رآها تدور على محاور وأساسيات أو مرتكزات واسمحوا أن أسميها اصطلاحا – تقريرات الطريقة التجانية وهي:
التقرير الأول:
تقرير أن معقولية النسب لا تتبدل وأن الحقائق لا تنقلب وهو ما سوف تتحدث عنه هذه الورقة تفصيلا.
التقرير الثاني:
تقرير عدم التقدم بين يدي الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ولا يجوز بموجب هذا التقرير
1 – إحداث حكم في شرع الله لم يكن فيه.
2 – نسخ حكم في شرع الله معلوم فيه.
3 – تخصيص عام في شرع الله بغير مخصص معتبر وعكسه.
4 – تقييد مطلق في شرع الله مقيد معتبر وعكسه.
5 – الاستدراك على مناط الحكم في شرع الله.
إن كل دعوى في توجه القلوب والأرواح تشتمل على مناقضة هذين التقريرين هي باطلة والإسلام والطريقة التجانية يعلنان البراءة منها.
التقرير الثالث:
تقرير أن علاقة المسلمين برسول الله صلى الله عليه وسلم موصولة غير منقطعة، وأن انتقال النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى لا يعني بأي حال من الأحوال انقطاع مدده وتوجيهه الروحي.
وقد صرح النبي صلى الله عليه وسلم بذلك في أحاديث صحيحة كثيرة بلغت حد التواتر مثل قوله صلى الله عليه وسلم {ذهبت النبوات وبقيت المبشرات قالوا: وما المبشرات يا رسول الله قال: الرؤيا الصالحة يراها الرجل أو ترى له، ومعلوم أن رؤيته صلى الله عيله وسلم هي رؤيا صالحة لا مدخل للشيطان فيها قال صلى الله عليه وسلم: {من رآني فقد رآني حقا فإن الشيطان لا يتمثل بي} وإن أعلى هذه الوصلة للنبي صلى الله عليه وسلم هي الاجتماع به في اليقظة في المشهد البرزخي المعروف عند أهله المتحققين بحقيقة – كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به.
إن التنطع بدعوى امتناع هذه الوصلة لا وجه له بعد تأكيد التقرير الأول والثاني.
التقرير الرابع:
تقرير أن الوراثة المحمدية هي مطلب الأرواح في عبوديتها لربها وأن الوراث المحمدي هو النموذج الذي ينبغي أن يحتذى ويقتدى به وأن أعلى مراتب الوراثة المحمدية هي الصديقية.
وأن مراتب النور الأربعة وهم الذين أنعم الله عليهم ولا مطلب للمسلم إلا في اللحاق بهم في دعاءه في كل صلاة – إهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم – وقد بينهم ربنا عز وجل فقال: فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا – أما النبوة فقد ختمت فلا نبوة بعده وبقيت الصديقية والشهادة والصلاح مراتب يسعى المؤمن في طلبها وأعلاها من دون شك هي الصديقية وإن أعلى درجة هي المرتبة المعبر عنها في اصطلاح الصوفية – القطبانية العظمى – وصاحبها واحد في كل زمان وأعلى القطبانية منزلة هي المعبر عنها بـ – الختمية والكتمية – وصاحبها واحد في الزمان كله وهي مقام سيدنا أبي العباس أحمد بن محمد التجاني رضي الله عنه فقد جمع الله سبحانه وتعالى لسيدنا القطب المكتوم هاتين الدرجتين قال صاحب منومة – منية المريد -:
وفي المـــــــحرم غدا غوثــــــا رشيد
خليفــــــــة عن المهمين المــــــــــجيد
أعـــــــطي ذاك شيـــــــخنا بعرفـــــة
حــــــكاه من حــــــققه وعرفــــــــــــه
وبعد شـــــــــــــهر وليـــــال ارتقــــى
إلى مقـــــــامه العـــــزيز المـنتقى
مقــــــــامه المكتــــوم عن كل الورى
ســـــــوى النبـــــي مـــا وراءه ورا
التقرير الخامس:
تقرير أن الأخوة في الله هي رحم بين أهلها بها يتعارفون وبها يتواصلون وبها يتعاونون على البر والتقوى وأن تضييع حقوق هذه الأخوة يورث تضييع الحقوق الإلهية أعاذنا الله من ذلك قال سيدنا أبو العباس التجاني رضي الله عنه:
من ابتلي بتضييع حقوق الإخوان ابتلي بتضييع الحقوق الإلهية.
وإنما تتحقق الأخوة في الله بالوفاء بالعقد والعهد ويتمثل ذلك في القيام بالأوراد على شروطها المقررة قال العارف بالله الشيخ إبراهيم بن عبد القادر الرياحي:
وما ظنــــونك بالـــورد الذي نظمت
يـــــد النبوة هـــــل يبنــــى بلا ساس
ومـــــا تظــــن بمنـــــهاج لســـالكه
أمـــــــن من أهـــوال نيران وأرماس
إن هذه التقريرات الخمس هي جملة الطريقة التجانية تدور عليها شؤون الطريقة دوران الكواكب في أفلاكها وتتأسس عليها سبل الوصول إلى الله تعالى قال الله عز وجل: {والذين جاهدوا فينا لنهديهم سبلنا}.
إنني من هذه الورقة الماثلة بين أيديكم قد ركزت النظر في التقرير الأول وذلك لعمقه الراسخ في روح الشرع وموضعه ولأنه لابد من قاعدة ترجع إليها القواعد والضوابط وتستند إليها الفتوى في توجه القلوب والأرواح إلى الحضرة المقدسة في بوارق المكاشفات وطوارق المشاهدات ورقائق الواردات وشواهد الإلهامات ونفث الروح في وجوه التجلي المعروف عند أهله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته