فهذه سيرة عطرة للإبن الأكبر لسيدنا الشيخ رضي الله عنه، تفصح بجلاء عن أن التربية التجانية طاقة خلاقة تحركها يد أبناء سيدنا وعلى يدهم يتخرج المرشدون والمربون من فطاحل هذا الطريق.
وهو الابن الأكبر لسيدنا الشيخ، أمه هي “… السيدة مبروكة ذات الحزم الشديد والرأي السديد… وكان “سيدنا الشيخ التجاني رضي الله عنه” يحبها محبة خاصة لشدة اعتنائها به، لاسيما حين رزقها الله منه الخليفة الأكبر العارف الشهير سيدنا محمد الكبير رضي الله عنه”.
ولد رضي الله عنه بعين ماضي وتربى في حضن والديه التربية الدينية المتكاملة تلقينا وممارسة، فنشأ رضي الله تعالى عنه بهذه التربية الربانية نشأة صالحة وتفوق على أهل زمانه بمشاركته في جميع العلوم، وعلو مقام ولايته، فالتجأ إليه الناس في الملمات والدواهي واعتصموا به واحتموا. لكن تهافت الناس عليه جلب عليه الكثير من الأحقاد والضغائن، خاصة تلك التي كنها له بايات قسطنطينة ووهران.
بعد وفات الشيخ التجاني، ونزولا عند رغبته، انتقل الحاج علي التماسيني بابني الشيخ (سيدي محمد الكبير وسيدي محمد الحبيب)، إلى عين ماضي؛ بوصولهما إلى هناك يتجدد تخوف الداي التركي الحاكم بالجزائر من هذا التواجد الجديد لأبناء الشيخ التجاني رضي الله عنهم أجمعين، فيبدأ البايات يرصدون تحركات سيدي محمد الكبير. خاصة وأن أتباع الطريقة التجانية هناك في تزايد مستمر سواء في المدن أو في البوادي خاصة منها الواحات الجنوبية مثل عين ماضي وأبي سمغون والشلالة وغيرها من المناطق”.
وحينما قرر سيدي محمد الكبير التجاني الذهاب إلى الحج” على طريق الصحراء…أمر الأمير حسن باشا باي قسطنطينة أن يعترض طريقه عند قدومه ويوقفه، فلم يمكنهم الله منه في ذلك الوقت…”. ثم قرر محاربة الأتراك، فجمع لهم عرب الصحراء الذين بايعوه سرا، لكن باي وهران بعث المال لكبراء الحشم ليتخلوا عنه، فكان له ذلك، ولم يبق مع سيدي محمد الكبير إلا القليل من أعراب زكور، الذين عقلوا أنفسهم مثل الإبل وهو معهم، وثبتوا في وجه العدو، وقاتلوا قتالا شديدا، إلى أن قتلوا عن آخرهم.