الخطب

فريضة الزكاة فقها و ترغيبا و ترهيبا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  خطبة الجمعة في موضوع   :

[فريضة الزكاة فقها و ترغيبا و ترهيبا]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*الحمد لله قال وهو أصدق القائلين(فأقيموا الصـلاة وآتوا الزكاة و اعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى و نعم النصير).* و الصلاة و السلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد بيّن مكانة الزكاة في الإسلام بقوله: ” أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إلـه إلا الله و أن محمدا رسول الله و يقيموا الصلاة      و يؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دمـاءهم و أموالـهم إلا بحق الإسلام و حسابهم على الله تعالى “*ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،* ونشهد أن سيدنا و نبينا و مولانا محمدا عبد الله و رسوله فصلى الله عليه و سلم من نبي أمين، ناصح حليم، وعلى آله وصحابته  و التابعين، وعلى من حافظ على دينه و شريعته و استمسك بهديه و سنته إلى يوم الدين

* أما بعد ، من يطع الله و رسوله فقد رشد و اهتدى، و سلك  منهاجا قويما  و سبيلا رشدا ومن يعص الله و رسوله فقد غوى  و اعتدى، و حاد عن الطريق المشروع و لا يضر إلا نفسه و لا يضر أحدا، نسأل الله تعالى أن يجعلنا و إياكم ممن يطيعه  و يطيع رسوله، حتى ينال من خير الدارين أمله و سؤله، فإنما نحن بالله و له .

عباد الله :في مثل هذه الأيام من كل عام يكثر الكلام عن الزكاة و تكثر الأسئلة عما يجب على الغني إخراجه من الأموال إبراءً لذمته و وفاءً بعهده مع الله. لذلك من المناسب و نحن نعيش ذكرى العام الهجري الجديد، والذي ارتبط حلوله عند عموم المسلمين بإخراج زكاة أموالهم، أن نتطرق لهـذا الموضوع سائلين الله تعالى التوفيق إلى حسن البيان و التوضيح.

أيها المؤمنون لقد أوجب  الله في شرعه بنص من كتابه و سنة نبيه و إجماع علماء الأمة إخراجَ الزكاة عن كل ما يملكه المسلم من أموال عينية نقدية أو تجارة مربحة أو زراعة مثمرة أو ما إلى ذلك من متاع الحياة الدنيا، ثم حدد مصارفها فقال: سبحانه( إنما الصـدقات للـفقراء والمسـاكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهـم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة

من الله والله عليم حكيم).وقد أجمع المفسرون على أن المراد بهذه الصدقـــات

في هذه الآية هي الزكـاة؛ تؤخذ من الأغنيــاء وترد على الفقراء فريضة من الله. ومصارف الزكاة محصورة في طوائف من الناس، عينها القرآن ولم يترك لأحد تحديدها. وهي فريضـة وركن ركين من أركان الإسلام قرنت بوجوب إقامة الصلاة في القرآن في غير ما آية وليست بتطوع ولا بتفضل ولا بإحسان من الذي يخرجها بل لا منة لمخرجها على من صرفها إليهم لأن الله عدها حقا من حقوقهم و معطي الحقوق لأصحابها أنما قام بواجب و الواجب لا يُشكر عليه. ألم يقل سبحانه (و في أموالهم حق معلوم للسائل و المحروم) ويقول(وآتوا حقه يوم حصاده) فالإسلام بفرضه الزكاة أراد أن يضع نظــامـا اجتماعيا يقـوم على العمل والكد ولا يقوم أبدا على التسول، ألم تسمعوا إلى قوله تعالى لنبيه لما أمره بأخذ الزكاة:( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم        و تزكيهم بها وصل عليهم، إن صلواتك سكن لهم، والله سميع عليم). ففي إخراج الزكاة تطهير لقلوب الأغنياء من عدة رذائل: الشح و البخل و الأنانية و كفر النعمة و عدم الإحساس بحرمان المحرومين، كما في إخراجها تطهير لقلوب الفقراء و المحتاجين من الكراهية والحقد والحسد. فالإسلام يسعى من وراء إخراج الزكاة إشاعة المحبة و العطف و الحنان بين أفراد المجتمع المسلم على اختلاف فآته و طبقاته. ثم إن مخرج الزكاة يجب أن ينويَ القيامَ بركن من أركان الإسلام وامتثالَ أمر الله تعالى و تخليصَ ذمته من حقوق العباد،فالزكاة من الواجبات التي اجتمع فيها الحقان: حق الله و حق العباد. ثم إن الزكاة يجب أن تُعطى لمستحقيها دون غيرهم فليس في الزكاة مجاملة أو محاباة فمن أعطاها لغير مستحقيها فهو متعد فيها حاله كحال من تعدى بعدم إخراجها تبقى في ذمته إلى يوم الدين و الجزاء.كذلك المتأخرعن إخراجها في وقتها يعني عند مرور الحول ظالم متعد و آثم بذلك التأخير.أما مستحقوها فهم الأصناف الثمانية المذكورون في الآية. روى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ( لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ). وقال في حديث آخر: (لا حظ فيها لغني و لا لقوي مكتسب). رواه أحمد و أبو داود و النسائي. وقال صلى الله عليه وسلم:(لا يقبل الله صدقة من غـُلول). بضم الغين والغلول الخيانة وهو السرقة من مال الغنيمة قبل القسمة.وأخذ العلماء من هذا الحديث أن الصدقة بكل مال حرام لا تقبل لأن مال الغلول حرام. كما أن هذا الحديث دليل على أن المسلم يجب أن يجتنب المال الحرام في صدقته وفي أخذه من باب أولى، سئل ابن عباس – رضي الله عنهما – عمن كان على عمل فكان يظلم ويأخذ الحرام ثم تاب فهو يحج ويعتق ويتصدق منه فقال:”إن الخبيث لا يكفر الخبيث” وعلى المسلم أن يتصدق بالطيب فقد روى مسلم حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم :” إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ” وأفضل منه أن يتصدق من أطيب الطيِّب قال تعالى: ﴿ لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾]آل عمران: 92[.

هذا و اعلموا أن موانع قبول الزكاة و الصدقة أربعة أيضاً: 1ـ الكفر. و-2 أن يتصدق الإنسان وهو كاره.قال تعالى ﴿ وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمُ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّوَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ [التوبة: ].3ـ المُّن بالصدقة.قال تعالى: ﴿ قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى ﴾[البقرة: 263-264]4 ـ أن يتصدق رياءً وسمعة.قال تعالى: ﴿ كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً ﴾ [سورة البقرة:264]  نفعنـي الله وإياكم بالقرآن الكريم وبحديث سيد الأولين والآخرين وجعلني وإياكم من المتصدقين المخلصين سبحان ربك رب العزة  عما يصفون،…

الخطبة الثانية

* الحمد لله على نواله و إفضاله، والصلاة  والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد النبي الأمي، الصادق الزكي،وعلى آله،وعلى جميع من تعلق بأذياله، و نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده و رسوله و بعد :

 أيها المومنون، إن الناظر في كتب الفقه يجد أن الزكاة تُجمع من مطلق الأموال وكافة أنواعها إذا توفرت فيها بعض الشروط نجملها فيما يلي:
*الشرط الأول أن يكون المال مِلكا تاما لصاحبه أي أن يكون المـال بيده لا يتعلق بحق غيره، يتصرف فيه باختياره وفوائدُه حاصلة له. وذلك مصداقا لإضافة الأموال إلى أربابها في قوله تعالى: خذ من أموالهم أي الأموال التي لهم. وهنا يتبين أن المال المكتسب من الحرام لا زكاة فيه، لأنه ليس ملكا للذي هو عنده، بل الحَل الوحيد فيه هو أن يتبرأ منه فيرجعه بكامله إلى أصحابه وإن لم يكن له صاحب فبيت مال للمسلمين أولى به أو يصرفه لمصلحة المسلمين لأنه لم يعد هناك بيت مال لهم.

2* ـ الشرط الثاني:أن يكون المال الذي تؤخذ منه الزكاة ناميا بالفعل أو قابلا للنماء بأن يكون من شأنه أن يُدر على صاحبه ربحا أو فائدة، و هذا مأخوذ من قوله صلى الله عليه وسلم: ( ليس على المسلم في فرسه و لا عبده صدقة). ويدخل في هذا المعنى السيـــارة والدار التي تسكنها وآلات الحرفيين وأثاث المنازل فلا زكاة فيها إجماعا.و لكن في الأثاث تفصيل( الأثات المبالغ فيه كالأواني الذهبية      و اللوحات الفنية الغالية الثمن الخ ..فيها زكاة لانه حبس للمال و كنز له) ـالشرط الثالث:أن يكون المال بالغا للنصاب زائدا على الكفاف وذلك توافقا مع قوله صلى الله عليه وسلم:(لا صدقة إلا عن ظهر غنى واليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول).والنصاب عباد الله يتغير بنوعية المال وتفصيل ذلك لا يتسع

له المقام فليراجع من شاء الأمر في محله.

4 ـالشرط الرابع: أن يكون هذا النصاب سالما من الدَّيْن فإذا كان المالك مدينا بقدر يستغرق النصاب أو يُقلل منه فلا زكاة عليه فيه وهذا معنى قول عثمان رضي الله عنه وهو يخطب في الناس على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كان عليه دين فليقض دينه و ليزك بقية ماله ) و هذا فيه تفصيل أيضا

5 الشرط الخامس: أن يكــون النصــاب قد دار عليه الحول وذلك فيما يخص رأس المال، هذه إخوتي هي الشروط التي إن توفرت وجب إخراج الزكاة وإلا عرض صاحب المال نفسه لسخط الله وعذابه نسأل الله العافية.  اللهم إنا نسألك العفاف والتقى والفوز بالجنة.اللهم يسر أمورنا وأمور المسلمين أجمعين آمين. واستعينوا عباد الله على أموركم كلها بالإكثار من الصلاة و التسليم على ملاذ الورى في الموقف العظيم،اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق  و الخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق،و الهادي إلى صراطك المستقيم، و على آله حق قدره  و مقداره العظيم.صلاة تنجينا بها من جميع الأهوال والآفات، و تقضي لنا بها جميع الحاجات وتطهرنا بها من جميع السيئات، و ترفعنا بها أعلى الدرجات و تبلغنا بها أقصى الغايات من جميع الخيرات في الحياة و بعد الممات، آمين. و ارض اللهم عن أصحاب رسولك وخلفاء نبيك القائمين معه وبعده على الوجه الذي أمربه و ارتضاه و استنه خصوصا الخلفاء الأربعة، و العشرة المبشرين بالجنة  والأنصار منهم و المهاجرين، و عن آل بيت نبيك الطيبين الطاهرين وعن أزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين، اللهم انفعنا يا مولانا بمحبتهم،  و انظمنا يا مولانا في سلك ودادهم، و لاتخالف بنا عن نهجهم القويم و سنتهم،(ربنا لاتزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب) ( ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولاتجعل في قلوبنا غلا  للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم .)

(سبحان ربك رب العزة عما يصفون،

(و سلام على المرسلين، و الحمد لله رب العالمين).

الخطبة من إنشاء عبد ربه الفقير إلى فضل الله و رحمته :

” ذ. سعيد منقار بنيس”

الخطيب بمسجد ” الرضوان ” لافيليت /عين البرجة/ الدار البيضاء

أستاذ العلوم الشرعية

بالمدرسة القرآنية التابعة لمؤسسة مسجد الحسن الثاني

مفتش منسق جهوي لمادة التربية الإسلامية للتعليم ثانوي متقاعد 

  البريدالالكتروني mankarbennissaid@gmail.com 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى