مقالات

كلمة الخليل النحوي في برينة

في برينةالخميس 15ربيع الثاني 1431هـ الموافق لفاتح أبريل2010

أثناء الرحلة الموريتانية لشيخ الطريقة تحت شعار ـ المدد والتواصل والتلاقح ـ خلال شهر أبريل 2010، ألقيت كلمات بالمناسبة. ترى إدارة الموقع بإذن من شيخ الطريقة تبيلغها للتيجانيين في كل العالم ليطلعوا عليها قبيل إصدار كتاب “الرحلة التجانية إلى الديار الموريتانية ” الذي يوجد تحت المراجعة والتوضيب، قبل دخوله للطبع في العاجل القريب.

 

كلمة الخليل النحوي
في برينة
الخميس 15ربيع الثاني 1431هـ الموافق لفاتح أبريل2010

 

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام اله على مولانا رسول الله وآله ومن والاه.

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، أمرني كما يقولون من لا تسعني مخالفته أن أتحدث ولم أكن أعددت له عدته. استمعت إلى كلمات طيبات في حضرتكم كلما ضاقت فيها العبارات اتسعت الإشارات، واعتقد أن العبارة ضاقت بمن سبقوني فلا أدري كيف تتسع لي وقد تقدمني من تقدم من الخطباء والأدباء بل وتقدم الجميع بكلام طيب.
فتقدم سيدي الخليفة الشيخ أحمد ولد الطلبة حفظه الله ورعاه بكلام جامع، لكن لا بد مما ليس منه بد والمقام مقام امتثال ولا أستطيع أن أتطلع إلى أن أقول أو أفصح أو أترجم عما تعتلج به الصدور من مشاعر الغبطة والسرور في هذا المقام، وإنما أريد كما قال سيدي بنمحمدي سابقا أن أهلل أقفو أثر من تقدموني في الترحاب بكم.
سيدي سلالة سيدي بل سلالة ساداتنا القطب المكتوم والخاتم المحمدي المعلوم سيدنا أحمد التجاني رضي الله عنه جزاه الله عنا خير الجزاء ورضي عنا به.
سيدي وقف ذات يوم أحد الشعراء موقفا لعله شبيه بمقامي مثلي قائلا:

إن حـارة الألـبـاب كـيـف تـقــــــــول   فـــي ذا الـمـقـــام فـعـذرهـا مـقـبـول
ســامـــح بـفـضــلــك مـــــادحـيــــك    مـــالــهـــم أبــدا مــا تـسـتـحـق سبيل

سامح بفضلك مادحيك، سامح بفضلك سامعيك، سامح بفضلك، المبتهجين بك سامح بفضلك هذه الوجوه المفعمة بالبشر، هذه القلوب المترعة بالمحبة الصادقة، هذه الخواطر الحيراء الحسراء التي لا تعرف كيف تبوح، والمقام مقام بوح، ولكنه أيضا مقام صمت، فربما كان الصمت أبلغ في التعبير من الكلام.
سيدي هذه بريْنة، هذه قلعة عزكم، هذا بيتكم، هذا ربع غِزه، هذا ربع عزتكم.

خــلـيـلـي هـذا ربــع عـزة فـعـقـــــلا   قـيـــل وصـيـتـكـمـا فنزلا حيث حلت
هــــذه دارهـــــم وأنــت مـــحـــــــب    مـــا بـقــــاء الـدمــــوع فـــي الآمـاق

هذه برينة التي تختصر الأسفار المسفُّرة من تاريخ الطريقة ماضيا وحاضرا، ولكن مستقبلا أيضا، وكان أيضا وحيدا بادي الرأي إلى أن جاءه على إثرها أول حلقة للوظيفة في هذه البلاد، وأنتم اليوم سيدي جئتم لتروا أثر تلك البذرة ولتشهدوا أن شأن الطريقة مثل شأن الشريعة، قال المصطفى صلى الله عليه وسلم ذات يوم وهو الصادق المصدوق ” ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله هذا الدين يعز عزيزاً ويذل ذليلاً، عزاً يعز الله به الإسلام وذلاً يذل الله به الكفر ” كذلك شأن الطريقة أحباب التجاني رضي الله عنه يتحلقون في هذه الأرض الزاهرة، يتحلقون على الوظيفة، يتحلقون كما يتحلقون في أقاصي الديار في أقاصي أسيا، ولعل لكم رحلة ميمونة على طائر ميمون قريبا إن شاء الله إلى أندونسيا لتشهدوا وتُشهدوا أن أمر الطريقة مثل أمر الشريعة، هنالك في أقاصي أندونيسا، هنالك في ماليزيا، هنالك في الولايات المتحدة الأمريكية، هنالك في أعماق أوربا، قوم يتحلقون اليوم ليشهدوا أن هذا السر سار.
سيدي قبل بضع سنوات انعقد مؤتمرا حاشدا للمستشرقين في(aix-en-Provence) ـ مدينة في جنوب فرنساـ تنادى فيها أكثر من 700 باحث في شؤون العالم العربي الإسلامي ليضعوا هذا العالم تحت المشرحة وتحت المجهر. وتوزعت اللجن على ورشات كثيرة فاحترت أي هذه الورشات أختار وهي بالعشرات، فقلت لا بد وأن أتنقل من ورشة إلى ورشة وأخذني فضولي إلى إحدى الورشات ووجدت فيها باحثين من فرنسا وألمانيا وهولاندا وقلة منهم جاءوا من أمريكا، وسمعت من أحدهم كلاما ترك أثرا عميقا في نفسي، قال لهم أتدرون ما يحدث اليوم، سيطرتم على العالم الإسلامي بالقوة العسكرية، والعالم الإسلامي ينتقم منكم بطريقة لا تملكون الإنفكاك منها لأنه يغزوكم بالذكر يغزوكم بالطريقة الصوفية.
ستظل العبارات حيرى كسيرة كسيحة عاجزة عن الوفاء بحقكم في هذا المقام، فنترك لبرينة بكل تلاوينها بذكرياتها العطرة ذكرى المجلس الأول للوظيفة مع سيدي الشيخ محمد الحافظ، مع خلفائه رضي الله عنهم وأرضاهم جميعا، الشيخ حمدو الشيخ رضي الله عنه وأرضاه، أحمد ولد الطلبة الشيخ المرابط رضي الله عنه وأرضاه، الشيخ محمد سعيد، من قبله الشيخ أداه كما نقول عادة، الشيخ الشيخان رضي الله عنه وأرضاه، والشيخ أحمدو رضي الله عنه وأرضاه وطيب مثواه وبارك في الخلف وأمد الله في أيام هذه البقية البقية من سلفنا الصالح، الخليقة سيدي أحمد محمود وأغصان هذه الدوحة المنيفة وكل أركان هذه الحضرة السنية التي تزداد بكم سناء اليوم، سناء على سناء، ونوورا على نور، وبركة على بركة.
برينة هذه بكل ذكرياتها بكل تاريخيها بنصيب الوالد رضي الله عنه، برينة هذه تقول لكم ما لا تستطيع أن أقوله لكم، فلأترك لبرينة كلمتها في صمتها وبوحها وسرها.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.


العلامة الجليل المقدم المشهور
الخليل النحوي
صاحب كتاب بلاد شنقيط المنارة والرباط
الخميس 15ربيع الثاني 1431هـ الموافق لفاتح أبريل 2010

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى