*( خطبة الجمعة في موضوع )*:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[ الاعتبار من تعاقب الليل و النهار( بعد انصرام رمضان )]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*الحمد لله دعانا إلى الإعتبار بتقلب الليل و النهار فقال:” و هو الذي جعل الليل و النهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا”
* و الصلاة و السلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد القائل:” مامن يوم طلعت شمسه إلا يقول من استطاع أن يعمل خيرا فليعمله، فإني غير مكرور عليكم أبدا، و كذلك يقول الليل”
* و نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، قال عز من قائل:” و الله يقلب الليل و النهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار ”
* ونشهد أن سيدنا و نبينا و مولانا محمدا عبد الله و رسوله و مصطفاه من خلقه و خليله المروي عنه أنه قال :”ما من ليلة إلا و مناد ينادي من بطنان العرش، يا بني آدم إن الله تعالى يقرؤكم السلام و يقول :” شوقناكم فلم تشتاقوا، و خوفناكم فلم تخافوا، ونُحنا لكم فلم تبكوا أبالليل تنامون،وبالنهار تغفلون المنزلَ الطويلَ متى تقطعون، يا أبناء العشرين جدوا واجتهدوا يا أبناء الثلاثين لا عذر لكم، يا أبناء الأربعين و الخمسين رزع قد دنا حصاده، يا أبناء الستين و السبعين مهلا عن الله مهلا “. فصلى الله عليه و سلم من نبي أمين، ناصح حليم، طلق الدنيا و ركن إلى الركن الشديد، وعلى آله وصحابته وعلى من حافظ على دينه و شريعته و استمسك بهديه و سنته وعمل ليوم الدين و الوعيد.
* أما بعد ، من يطع الله و رسوله فقد رشد و اهتدى ، و سلك منهاجا قويما و سبيلا رشدا، ومن يعص الله و رسوله فقد غوى و اعتدى، و حاد عن الطريق المشروع و لا يضر إلا نفسه و لا يضر أحدا، نسأل الله تعالى أن يجعلنا و إياكم ممن يطيعه و يطيع رسوله، حتى ينال من خير الدارين أمله و سؤله، فإنما نحن بالله و له
عباد الله، يقول الله تعالى: ” وجعلنا الليل و النهار آيتين فمحونا آية الليل و جعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين و الحساب، و كل شيء فصلناه تفصيلا” أيها المومنون، لقد مضى شهر رمضان وانصرمت لياليه و أيامه، ورحلت معه برحيله فضائله و أعلامه، وطويت صحائف الصيام و القيام، وأعقبه العيد يوم لا كالأيام، يوم البهجة و الفرح و الحلة و تزاور الأحباب و الخلان، وها هو طويت ذكراه كأنه ما كان، وهاهم الناس قد عادوا إلى ما ألفوه من انشغال بالدنيا وانغماس في فتنتها، وما اعتادوه من غفلة عن الآخرة وتقصير في إعداد عدتها، ذهب الجد والاجتهاد،وتفرق الناس كل في واد، ألا يأيها الناس انتبهوا ولا تغفلوا، فما رمضان بمعبود، ولا التوجه فيه إلى الله دون سواه من الشهور بمقصود، فالأيام كلها أيام الله، و المقصود المعبود طول الدهر واحد هو الله، حرمته سبحانه لا تتغير ولا تتبدل بتغير الأيام و تتحول، فمن اعتقد أن الاجتهاد في العبادة قاصر على شهر رمضان، وأن عمارة المساجد وحضور الصلوات بها و تلاوة القرآن خاص بهذا الشهر دون غيره من الشهور والأيام، دل اعتقاده هذا على جهل كبير بحكمة تشريع الصيام، ومن هونت له نفسه الرتوعَ بعد رمضان في المعاصي و الآثام، أو الإخلادَ إلى الكسل و التراخي عن أداء الفرائض وإهمال التقرب إلى الله بالنوافل، دل ذلك منه على ضعف في الإيمان وعدم الخشية من الله الملك الديان، ألا فاعلموا هداكم الله أن ما اكتسبتموه من محاسن العادات في شهر الصيـام،وما ألزمتموه أنفسكم أو التزمتموه فيه من طاعات و قربات ومكارم أخلاق، كل ذلك مغانم أنعم الله عليكم بها لا ينبغي تضييعها، و لا يحسن بكم التفريط فيها، فقد ذقتم حلاوة العبادة و الطاعة، وانتعشت أرواحكم ببركتها، وتنسمتم نفحات تلاوة القرآن فازددتم بفضل الله مع ما معكم من إيمان إيمانا، و تصديقا بوعد ربكم و إيقانا، وزادكم الله بالقرآن نورا على نور، شرح منكم به الصدور وشفاها، و طمأن القلوب وهداها، فكم تلوتم من السور و الآيات، وكم تدبرتم من بيناته المفصلات، وكم استخلصتم من العبر والـدلالات، ألم يكن لذوي العقول السليمة في ذلك ما يشفي غليلها ويكفيها،فالمؤمنون حقا هم من تنفعهم الذكرى،ألم تسمعوا إلى قوله سبحانه :” أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها” ألم تُصْغُوا إلى قوله سبحانه بعد أن فصل آيات الصيام، و ذكر ما يلزم لهذه العبادة من أحكام” كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون“، ألم تقرأوا قوله سبحانه بعد تفصيله حكم القتال في الشهر الحرام، وحكم النفقات مم تكون و فيم تصرف، وحكم الخمر والميسر، حيث توج ذلك البيان بقوله” كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون في الدنيا والآخرة ” فاتقوا عباد الله ربَّكم، ولا تعطلوا أدوات الفهم و وسائل التبصرة و الاعتبار التي لديكم، فقد دعاكم الله في كتابه إلى توظيفها، وأجيلوا بعقولكم الأفكار في هذه الدنيا و الهدف من حياتكم فيها، فقد حذركم القرآن من مصير الغافلين اللاهين في حياتهم عن المقصد من وجودهم في الأرض واستخلافهم، ألا تذكرون الوعيد الشديد، في قوله سبحانه : “ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس، لهم قلوب لا يفقهون بها و لهمُ أعين لا يبصرون بها، و لهمُ آذان لا يسمعون بها، أولئك كالأنعام بل هم أضل، أولئك هم الغافلون” فإياكم إخواني المؤمنين ومتابعة الغافلين وصُحبَتهم، فإنه كما نهانا الله عن الغفلة نهانا عن خلطة المتصفين بها، وابتدأ في ذلك النهي بنهي نبيه عليه الصلاة و السلام إذ خاطبه بقوله: ” و لا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا و اتبع هواه و كان أمره فُرُطا “.عباد الله اعلموا أنه من المنطق الصحيح، ومن الحكمة عند ذي العقل الرجيح أن يفرح المومن بحسناتـه ويحزن على خطيئـاته فقد قال صلى الله عليه وسلم:”من سرته حسنته، وساءته سيئته فذلك هو المؤمن” ( أي الصحيح الإيمان)، فإياكم عباد الله و القهقرا، و الرجوع إلى الورا، كيف و أنتم الذين كنتم تدعون ربكم بالغدو الآصال أن يثبت أقدامكم، فاحذروا من زلة القدم بعد ثبوتها، فقد قال عز شأنه في ذلك:” و لا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين، فإن زللتم من بعدما جاءتكم البينات فاعلموا أن الله عزيز حكيم
عباد الله! اسألوا الله و ادعوه مخلصيـــن أن يرزقنـا و إياكم التوبة النصوح و الإنابة الكاملة إليه، و الحفظ والعصمة من الزلل، و حافظوا هداكم الله على صحبة من يعينكم على ذكر الله و طاعته، و يدلكم على لزوم تقواه و خشيته، فإن لزوم الدالين على الله تعالى في هذا الزمان بمثابة الركوب في سفينة نوح يوم الطوفان، و المتخلف عنهم لا يأمن على نفسه أن يكون من المغرقين، إذ لا عاصم من فتن الزمان المضلة إلا من رحم الله. نفعني الله و إياكم بالذكر الحكيم و كلام سيد الأولين والآخرين .
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، و سلام على المرسلين
و الحمد لله رب العالمين
الخطبة الثانية
* الحمد لله على نواله و إفضاله، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد النبي الأمي، الصادق الزكي، و على آله، وعلى جميع من تعلق بأذياله، و نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده و رسوله و بعد أيها المومنون: روى الطبراني عن أبي طلحة الأنصاري رضي الله عنه قال :” دخلت على رسول الله صلى الله عليه و سلم و أسارير وجهه تبرق، فقلت يا رسول الله : ما رأيتك أطيبَ نفسا، و لا أظهرَ بِشْرًا من يومك هذا، قال : و مالي لا تطيب نفسي و يظهر بشري ؟ وإنما فارقني جبريل عليه السلام الساعة، فقال : يا محمد من صلى عليك من أمتك صلاة كتب الله بها عشر حسنات، و محا عنه عشر سيئات، و رفعه بها عشر درجات، و قال له الملك مثل ما قال لك، قلت يا جبريل و ما ذلك الملك ؟ قال : إن الله عز وجل وكل ملكا من لدن خَلقـَكَ إلى أن يبعثك، لا يصلي عليك أحد من أمتك إلا قال : و أنت صلى الله عليك ” فاستعينوا عباد الله في أموركم كلها بالإكثار من الصلاة و التسليم على ملاذ الورى في الموقف العظيم، اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق، و الخاتم لما سبق، ناصر الحق بالحق، و الهادي إلى صراطك المستقيم، و على آله حق قدره و مقداره العظيم، صلاة تنجينا بها من جميع الأهوال والآفات و تقضي لنا بها جميع الحاجات، و تطهرنا بها من جميع السيئات، و ترفعنا بها أعلى الدرجات، و تبلغنا بها أقصى الغايات من جميع الخيرات في الحياة و بعد الممات، آمين.و ارض اللهم عن أصحاب رسولك وخلفاء نبيك، القائمين معه وبعده على الوجه الذي أمربه و ارتضاه و استنه، خصوصا الخلفاء الأربعة، و العشرة المبشرين بالجنة، والأنصار منهم و المهاجرين، و عن آل بيت نبيك الطيبين الطاهرين وعن أزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين، اللهم انفعنا يا مولانا بمحبتهم، و انظمنا يا مولانا في سلك ودادهم، و لاتخالف بنا عن نهجهم القويم و سنتهم،(ربنا لاتزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب) ( ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولاتجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم .)
(سبحان ربك رب العزة عما يصفون، و سلام على المرسلين، و الحمد لله رب العالمين).
الخطبة من إنشاء عبد ربه الفقير إلى فضل الله و رحمته :
” ذ. سعيد منقار بنيس”الخطيب بمسجد الرضوان”
” لافيليت /عين البرجة/ الدار البيضاء
أستاذ العلوم الشرعية
بمدرسة العلوم الشرعية التابعة لمؤسسة مسجد الحسن الثاني
مفتش منسق جهوي لمادة التربية الإسلامية للتعليم ثانوي متقاعد