الرسالة الإصلاحية
ونص ما كتبه سيدي محمد الكبير التجاني:
“بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه.
“من عبد ربه الراجي من فضله بلوغ الأماني في الدنيا ودار التهاني محمد الكبير بن مولانا البشير بن مولانا سيدي محمد الحبيب بن القطب المكتوم والبرزخ المكتوم سيدنا ومولانا أحمد التجاني رضي الله عنهم وعنا بهم آمين.
“إلى كافة الفضلاء أحبابنا فقراء فاس من غير تخصيص كبيرا أو صغيرا، كل واحد باسمه وعينه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
“وبعد فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو وأسأله أن يفيض عليكم فيض العناية، وأن يكسوكم حلل القبول والإقبال منه، وأن يجعل المحبة الكاملة من الشيخ رضي الله عنه وعنايته الكافية فيكم وفي بنيكم ما تناسلوا بوجه لا يمكن فيه المحو ولا التبديل. إنه ولي ذلك والقادر عليه.
“يليه أننا حللنا بهذه الحضرة الفاسية، ذات الخيرات المتكاثرة والمحاسن الفاشية، بقصد زيارة جدنا رضي الله عنه رأينا أمورنا تفعل بالزاوية المباركة غير جارية على الطريقة المستقيمة. ومع علمكم أن الشيخ رضي الله عنه لم يأمر بذلك ولم يرضه:
منها حضور النساء في الزاوية. ولا يخفى ما في حضورهن من الفتنة والفساد وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم “باعدوا بين أنفاس الرجال والنساء الخ..”. والعجب ممن يقرهن على الحضور بالزاوية وجلوسهن بحيث يتوسمن وجوه الداخلين والخارجين منها، وبحيث يسمعن صوت الحادي وهو يعلم ما في ذلك من المفسدة المحققة، مع ما يعلمه من سيرة سيدنا الشيخ رضي الله عنه القائل: ” إذا سمعتم عني شيئا الخ…”.
“ومنها أنكم اتخذتم الزاوية مثل الدور والحوانيت للنوم وحديث الدنيا والاجتماع فيها حلقا للقيل والقال والغيبة والنميمة وكل ما نهى الله عنه. وقد قال الله تعالى: ” ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه “. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ” جنبوا مساجدكم صبيانكم ووقع أصواتكم وخصوماتكم وبيعكم وشرائكم “. وقال عليه السلام: ” الكلام في المسجد بغير ذكر الله يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب الرقيق “. وقال عليه السلام ” يأتي في آخر الزمان ناس من أمتي يأتون المساجد يعقدون فيها حلقا حلقا ذكرهم الدنيا وحبهم الدنيا لا تجالسوهم فليس لله بهم من حاجة “.
“ومنها ذكر عصر يوم الجمعة يجتمع الفقراء البعض يذكر والبعض يتكلم بالكلام الدنيوي كأنها في حقهم غير لازمة مع أنها من جملة الأذكار اللازمة في الطريقة الأحمدية.
“ومنها ما اشتملت عليه حلق الذكر يوم الجمعة على ما رأينا من الأمور الشنيعة القبيحة من التمطط في الذكر بحيث يخرج فيه إلى حد الغناء المنافي للخشوع، أو إلى اللحن الذي لا يصوغ، كترك المد الطبيعي في ذكر الهيللة وغيرها. وقد كان أصحاب سيدنا رضي الله عنه يذكرون على الكيفية المذكورة بالقرب منه فسمعهم مرة فعلوا شيئا من ذلك فزجرهم ونادى بأعلى صوته أي شيء هذا أي شيء هذا ” لا إله إلا الله لا إله إلا الله “. ومن التصفيق بالأيدي وفعل شيء من الحركات التي تسقط العمامة والرداء، وحضور الأحداث دينا لأنهم مظنة الفتنة، ولاسيما إن كان ذا وضاءة وصوت حسن واتخذ حاذيا للقوم فإن الأمر فيه خطر جدا. وتجنب مثل هذا في كل مجلس واجب ولاسيما في مجالس الذكر التي يتعرض فيها لما يرد على القلب من الفتح والسر. فإن اصطلح القوم على الصياح والغناء بالأشعار في الأذكار ” فذهم في خوضهم يلعبون “، وقل: إنا لله وإنا إليه راجعون.
“وعليه فنأمر جميع الإخوان بالوقوف على الجادة في هذه الحلقة من ذكر الهيللة سرا بالجلوس قبل الغروب بساعة في الزاوية المباركة. كما نأمرهم بترك الحلقة في الجنائز والولائم لما في ذلك من الخروج عن مشروعيتها.
“فهذا الذي أوصيكم به ونأمركم به. ولا أظن أن أحدا ممن يقف على هذا الأمر الذي ذكرناه يكابر فيه، أو تشرئب نفسه إلى البحث فيه، لأنه الصراط المستقيم بإتباعه دون السبل التي تتفرق بمتبعها عن سبيل الحق والهدى. ومن أراد الخروج والخلاف عما ذكرناه فإن المقدم يكتب لنا ونحن له بالمرصاد. ” وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون “.
“وإني أسأل الله لكم أن يوفقكم للخير، ويعينكم عليه،وأن يتولاكم بعنايته وولايته، وأن يتم للجميع ما به أنعم، أنه على ما يشاء قدير، وبالإجابة جدير، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
“عن إذن الداعي لكم بخير الدارين سيدنا المذكور أعلاه، صانه الله ورعاه كتب بفاس يوم 18 رجب عام 1337”.
المصدر:
رفع النقاب
الربع الثالث
الصفحة 261 – 262 – 263
الرسالة الإصلاحية
ونص ما كتبه سيدي محمد الكبير التجاني:
رسالة إصلاحية رفع النقاب